ولدت فكرة عيد الحبّ في الثّقافة الشعبيّة الغربيّة. يروى أنّه سمي يوم “الفالانتاين” تيمّناً بقدّيس مسيحي اسمه “فالانتاين”، وقد ارتبط هذا اليوم بالرّومانسيّة منذ العصور الوسطى، وفي الولايات المتّحدة، وصل الأمر بالترويج لهذا اليوم بجعله عيداً رسمياً، وظهور اتجاهات قامت بتسمية 14 شباط (يوم الوعي للعذاب)..
إنّه مناسبة يحتفل بها الكثير من النّاس في كلّ أنحاء العالم، وتعدّ له العدد، من زينة وبطاقات معايدة، وعروضات فنيّة، ولعلّ هذا العيد في المجتمعات الإسلاميّة معروف ومشهور أكثر من غيره من الأعياد الإسلاميّة، فكثير من الشبّان والفتيات وحتّى الأزواج، يذكرون هذا اليوم ويحفظونه عن ظهر قلب، ويبدأون بالتّفكير مسبقاً في أنواع الهدايا الّتي سيشترونها في هذا اليوم..
وها نحن المسلمين اليوم، قد انغمسنا في هذا العيد إلى الحدّ الّذي أصبحنا نحتفل به وكأنّه من أعيادنا الدّينيّة أو القوميّة الأصيلة، ونعوِّد أطفالنا وأجيالنا على هذا العيد ومسمّياته، ونزرع في وعيهم ووجدانهم كلّ ما يتَّصل به، حتَّى أصبحنا نقلِّد الغرب في أسلوبه وطريقته في الاحتفال بهذا العيد، وكأنّه ذروة التّحضّر، ما يوقعنا في محاذير غير مستحبّة على مستوى حفظ هويّة إسلامنا وشخصيّتنا كمسلمين. وليس معنى هذا أنّ الإسلام لا يشجِّع على المحبّة والسّلام بين النّاس، ولكنّه يدعو إلى أن نحفظ الإنسان من كلّ ما يوقعه في شباك الغريزة، وما ينتج عنها من آثار سلبية على المجتمع، فإذا نظرنا اليوم إلى واقعنا الإعلاميّ والاجتماعيّ، ترى أبواب الغريزة مشرّعةً تجتذب شبابنا وأطفالنا تحت مغريات ومسمّيات كثيرة وجذّابة…
وبالنّسبة إلى رأي الشّرع في هذا العيد وما يتعلّق به، يقول سماحة الفقيه المجدّد السيّد محمد حسين فضل الله(رض) في معرض سؤالٍ عن موقفه من عيد الحبّ ـ فالنتاين ـ وهل هناك إشكال في الاحتفال به بين الأزواج؟
يجيب(رض): لا إشكال من ناحية شرعية بالاحتفال به بين الأزواج، مع ملاحظة أنّ علينا أن لا نأخذ كلّ شيء يأتينا من الغرب، بل لا بدّ من أن نختار ما يوافق هويّتنا وعاداتنا في مجتمعاتنا، وعلينا أن نحرص على أن يكون الاحتفال خالياً من الأمور المحرَّمة، كشرب الخمر أو غيره من المحرَّمات…
وفي توجيهه المسلمين في هذه المناسبة يقول: الأجدر بالمؤمنين ترك الاحتفال بذلك، ولو كانا زوجين، وأمّا الحبيبان، فلا يجوز لهما التّلاقي والتّحادث بما ينافي الحشمة، ومن ذلك، لبس ما يثير الفتنة، سواء في هذا اليوم أو في غيره من الأيّام…
كما أنّ هذا العيد بحسب سماحته(رض) ليس عيداً إسلاميّاً، ولا من العادات الإسلاميّة، فإن كان تبادل الهدايا بين الشّباب والفتيات غير المتزوّجين، فلا يجوز تعدّي الحدود الشّرعيّة والوصول إلى مرحلة العلاقة الخاصّة الغريزيّة، وينبغي اجتناب ذلك في كلّ حال، كما أنّه لا ينبغي للمجتمع أن يكرّس عيد الحبّ كيومٍ مهمّ، ولا أن يظهر النّاس فيه في أسواقهم ومعاملاتهم بمظهر المبتهجين، لأنّه لا يتناسب مع الرّوح الإسلاميّة الّتي تحثّ على التعفّف والحشمة…
المصدر: بينات