عيتا ورميش وحدة حال

إيلي الفرزلي
AM 01:34 2014-08-18
بين رميش وعيتا الشعب أكثر من قصة. القريتان الحدوديتان المتجاورتان لم يفرقهما الاحتلال ولا الحرب الأهلية. ظلتا متجاورتين في السراء والضراء حتى العام 2006. حينها انتقلت العلاقة إلى مرتبة أعلى، معمدة بالدم والتهجير.
أهل عيتا الشعب يروون كيف فتح أهل رميش قبل ثماني سنوات بيوتهم لجيرانهم النازحين باكراً عن قريتهم، التي أمعنت إسرائيل لاحقاً في تدميرها ـ تأديبها، بشكل ممنهج.
تعيش رسالة سرور وحيدة في عيتا الشعب. ترفض ترك المنزل والانتقال مع أخوتها إلى بيروت. تقضي نهاراتها هذه الأيام بشك الدخان. منزلها في صف المنازل الأخير قبل غابة أشجار توصلك إلى «خلة وردة»، حيث خطف الجنديان الاسرائيليان في 12 تموز 2006. تجد هذه السيدة صعوبة في مغادرة قريتها. هي بالكاد غادرتها في الأيام الأخيرة من حرب تموز. تقول:«إذا كتبت لي الشهادة فالأفضلية لي هنا في منزلي»!.
رميش التي يقيم أكثر من 70 في المئة من أهلها فيها صيفا وشتاء، كانت شريكة عيتا في الصمود طوال حرب تموز. تلك ميزة لا تتوفر في عين إبل، التي يقيم معظم أهلها خارجها. القريتان، إضافة إلى دبل، قرى متجانسة طائفياً (مسيحية)، لكن الاختلافات بينها لا تعد ولا تحصى. تبدو رميش أقرب اجتماعياً واقتصادياً لعيتا الشعب منها إلى عين إبل. تتشارك القريتان الاعتماد على زراعة الدخان. ربما وجود مدرسة يسوعية عمرها يناهز 130 عاماً في عين ابل ساهم مبكراً في تعلم أهل عين إبل ثم مغادرة قريتهم للاستقرار في بيروت والمغتربات.
لم تحتج رميش للكثير من الوقت حتى تنزع عنها غبار الاحتلال الذي جعلها ترتبط به اقتصادياً من خلال «الجدار الطيب». بعد التحرير، سرعان ما كبرت القرية وتوسعت. انتشرت الورش الصناعية والمحال التجارية، إلى أن بدأت الوظائف الرسمية تفتح أبوابها لأبنائها (500 منهم في المؤسسات الأمنية والعسكرية والمهن الحرة)، ولذلك صارت اليوم السوق الأكبر بعد بنت جبيل.
بعد العام 2006، ساهم تحالف «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بزيادة انفتاح رميش على جيرانها سياسيا، بعدما كان هذا الانفتاح قد سلك طريقه مبكراً اجتماعياً واقتصادياً. يبتسم أهل رميش عندما يتحدثون عن معدل الولادات في قريتهم. هذا سبب إضافي في زيادة عدد سكانها بالمقارنة مع ابل السقي التي تحافظ على معدل متدن.
في عيتا، ثمة من يرى في هذا الواقع ميزة إضافية تزيد من تقاربها مع محيطها. في المقابل، لا يفهم كثر سبب تحفظ إبل السقي على العلاقة مع جيرانها، إلا ان بعضهم يعتقد أن الأمر يعود إلى الخلاف السياسي، حيث ينتمي عدد كبير من أهالي إبل إلى «القوات اللبنانية».
يرفض الشاب ربيع حداد، وهو من المقيمين في عين ابل الحديث عن علاقات متوترة مع الجيران. يقول إن العلاقات طيبة مع الجميع، قبل أن يكمل، وهو جالس في المطعم مع أصدقائه: منذ لحظات كانت هناك مجموعة من بنت جبيل. يبتسم من على الطاولة قائلاً «نحن نذهب للتبضع في بنت جبيل وهم يأتون لشراء المشروبات الروحية من عندنا».
لقرية دبل وضع خاص. هي قرية العميل عقل هاشم الذي تمكنت المقاومة من تصفيته قبل التحرير. وجود هاشم كان قد سهل انخراط عدد كبير من أبنائها في «جيش لبنان الجنوبي». ولأنهم كذلك، فقد قتل عدد منهم كما هرب البعض الآخر إلى فلسطين المحتلة. بعد 14 عاماً على التحرير، استطاعت القرية وكذلك جيرانها التقدم خطوات مهمة باتجاه طي صفحة الاحتلال.

السفير

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …