رسالة من السيدة مليحة الصدر الى والدها الإمام السيد موسى الصدر:
بسم رب الأفلاك والأكوان ،ومنزل القرآن على خير النبيين محمد ص.
السلام عليك أيها السر العظيم ،والنبأ الذي سيذهل الأمم، من ابنتك التي ولدت من رحم الجنوب،وارتضعت لبن النقاء والمحبة، من ابنتك التي لم تراك..
أنا يا أبي وليدة الحرمان، وابنة ذلك البيت الذي ما خلا من صورك وذكرك.
أنا شتلة الياسمين البيضاء التي أملت أن تتوق كتفيك بيديها الصغيرتين..وظلت تنتظر..
لم أكن أعلم مدى الحقد الأسود الأعمى عليك.
في زنازين الأعداء يؤسر العظماء بعض سنين وبضع شهور، أما أنت..المارد الذي أرعب الفسقة والفجار وكاد يهدم كل مشاريعهم الاستعمارية ،فتليق بك العقود وأنصاف القرون.
لأنك موسى، الذي ألقى عصا النور في كل العالم،فضاق المشروع الأسود.
وأنت ابراهيم الذي أذن الله أن تكون نيران الحاقدين عليك بردا وسلاما.
وأنت عيسى المتسامح الذي أثر قلوب المسيحيين، وجنت لغيابه أجراس الكنائس.
وأنت محمد ص الذي كان يرمى بحجارة النفاق وأشواك التضليل، فكان يعود اليهم ليخرجهم من سجون الغدر ويعيدهم من النفي.
أما أنا ..فلا زلت كما أنا.. ابنة موسى الصدر ويتيمته،
أنا الفاقدة نصفي بل كلي ، الحاضرة في كل المهرجانات، أحمل رايتي الخضراء وصورة لك، أقف بعينين دامعتين مترقبة: ترى أيفك أسر السيد اليوم فيحضر بيننا؟؟
ألتفت حولي، فأجد سبعين الف ”العم أنتيبا” وأكثر، كلهم محرومون..جاءوا ليبحثوا عنك بين الحشود لعلك تسمعهم حرفا او تمسح على رؤؤسهم ليتحملوا ما تبقى من ظلم وافتراء.
أجل..نحن ”العم أنتيبا” الذي يقاطع ويهان ويشتم لأنه يختلف بالفكر والإنتماء.
فمتى تعود الينا؟ لقد طال اللقاء..وضباع الليل افترست من أجسادنا وكراماتنا كل ما أمكنها.
نور عيني، كيف تطبق عيناي مودعة هذه الدنيا وأنا لم أراك وأمسح هم السنين عن جبينك؟ بل كيف أرحل وأنا لم ألمس عباءتك ولم أغسل قدميك؟؟
أما آن لهذا السجن أن يخجل من عينيك فيفتح أبوابه للعاشقين؟؟
إن عظيم شوقي آلمني ،بل هدني..
وان هذه الروح المشتاقة ،تثور عليي،تقتلني..
عد يا سيدي وأبي ونور عيني..
عد فكل الجنوب امتلأ ظلما وجورا..