بري: حيّ على التغيير في «أمل»
هل الربيع الأخضر آت إلى حركة «أمل»؟ في زمن التمديد، مدّدت قيادة الحركة لنفسها وأرجأت مؤتمرها العام، وأعلنت في الوقت عينه تبنّي شعار «التغيير». سقف مترامٍ قد يغطي تغييراً محدوداً في منصب متواضع وقد يكشف الغطاء عن حركيين التصقوا بكراسيهم منذ سنوات
آمال خليل
«سنرى تغييراً في حركة أمل في كل شيء وفي جميع المناصب». وعد أطلقه رئيس حركة أمل نبيه بري في حديث مع «الأخبار». منذ مطلع الشهر الجاري، تستمر المؤسسات التنظيمية الداخلية في اجتماعات مفتوحة لتقييم مكامن القوة والضعف في جسم الحركة، وذلك تنفيذاً لتوصيات اجتماع المجلس المركزي في الحركة الذي عقد برئاسة بري في التاسع والعشرين من الشهر الفائت في عين التينة.
فالمجلس رفع شعار «التغيير»، رغم أنه جاء كبديل مؤقت من المؤتمر العام الثالث عشر الذي كان موعده الدوري خلال الصيف الفائت. لكنه أُجّل إلى شهر آذار من عام 2015 كحد أقصى، «بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان». رئيس الحركة لفت إلى أنه «أعطى الضوء الأخضر للكوادر الرئيسيين لتقديم اقتراحات وأفكار وخطط تغييرية»، تهدف إلى التطوير وتجديد روح الشباب في «أمل» التي تقترب من سن الأربعين بعد عامين.
على نحو مبدئي، قد يطال التغيير كل أعضاء «أمل» باستثناء هيئة الرئاسة التي مدّدت لرئيسها بري وأعضائها الستة، من بينهم رئيس الهيئة التنفيذية محمد نصرالله ورئيس المكتب السياسي جميل حايك. في المجلس المركزي الذي يعد الهيئة الأهم بعد المؤتمر العام ويضم 200 عضو، عهد إلى هيئة الرئاسة إجراء تعديلات تنظيمية مستمدة من صلاحياتها في تشكيل الهيئات الحركية من تعيين أعضاء الهيئة التنفيذية والمكتب السياسي وأقاليم المناطق وشعب البلدات. في اتصال مع «الأخبار»، كشف المسؤول التنظيمي لإقليم الجنوب النائب هاني قبيسي أن «طلائع التغيير ستظهر من الآن حتى شهر ونصف كحد أقصى من فوق إلى تحت، وتشمل كل المسؤوليات التي ثبت تقصير المكلفين بها». لكنه يستدرك أن التقصير «لا يكون ناجماً دائماً عن خلل في البنية التنظيمية، بل أحياناً يكون فردياً بسبب الانشغالات المهنية للمسؤول أو الكادر، التي تمنعه من تخصيص الوقت الكافي لمهماته الحزبية». وفي هذا الإطار، يلفت قبيسي إلى رفض القيادة إلحاق الضرر بعناصرها وإجبارهم على تخصيص كل وقتهم للحركة على حساب أعمالهم التي يسترزقون منها في الوقت الذي تنعدم فيه الإمكانيات المادية الكبيرة لتفريغهم أو دفع أجور يسيرة لهم.
التغيير سيشمل إدخال عنصر الشباب، لا سيما طلاب الجامعات، إلى المناصب على اختلاف تراتبيتها. ولتسهيل الأمر، قرر المجلس المركزي تجاوز نظام الفئات المعتمد من سنوات داخل هيكلية الحركة، والذي يفرض على المنتسب التدرج صعوداً في مسار تنظيمي طويل، بدءاً من عنصر على مستوى شعبة وصولاً إلى قيادي في الصف الأول. عملية تطوير العمل التنظيمي «بهدف التخلص من الروتين»، بحسب قبيسي، تشمل استحداث مدرسة دائمة لإعداد الكوادر وتأهيلهم لتولّي مسؤوليات مهمة. حملة «الدم الأخضر الجديد» تستهدف، أيضاً، الجيل الناشئ من خلال الكشاف الذي يستقطب الأطفال والفتيان. ويرجى من استقطاب الشباب حتى الأطفال، ضبط وتعويض التسلل الجماهيري الذي شهدته «أمل» في السنوات الماضية باتجاه منافسها الشيعي الوحيد حزب الله، ولاحقاً سرايا المقاومة.
لكن هل هذا كاف لاستنهاض الحركة؟ إلى مسامع عين التينة، تصل شكاوى القاعدة الخضراء من فقدان التواصل المباشر مع رئيسهم لأسباب تتعلق بانشغالات بري من جهة، والتهديدات الأمنية التي تستهدفه من جهة أخرى. «معهم حق»، يجزم بري في حديثه إلى «الأخبار». لكنه سرعان ما يطلق شكواه الخاصة بأنه «استنزف تنظيمياً» بعد 33 عاماً في قيادة «أمل». يضيف أنه وزّع المهمات على مؤسسات الحركة. خاب أمل الحركيين بسبب رفض بري استقبال أي كان، خلال قضائه عطلة عيد الأضحى في منزله في المصيلح الأسبوع الفائت، إذ فور انتشار خبر انتقاله إلى الجنوب للمرة الأولى منذ أكثر من عامين، وردت عشرات الاتصالات إلى موظفي القصر لطلب موعد، من رئيس شعبة أو إقليم أو رئيس بلدية محسوبة على الحركة. لكن بري أقفل الباب، متمنياً على محبّيه السماح له بتمضية عطلة تحت شمس المصيلح «مكاني الخاص الذي أهرب إليه ليصفو ذهني» يقول. هو يعلم أن الشكاوى كثيرة عن تجاوزات بعض الحركيين وتقصيرهم وفساد البعض الآخر. شكاوى قد لا تصل كما هي من مكانها في الجنوب أو البقاع أو الضاحية الجنوبية إلى عين التينة، إذ قد تتعرض للتحريف أو الاجتزاء وربما القلب كلياً بحسب «ذمة» الناقل ومصلحته. لكنه مساء كل يوم، يفرد وقتاً للمراجعات، عدا عن هواتف مساعديه التي لا تهدأ.
مع ذلك، يعيش الشارع الحركي، في رأي كثيرين، حالة ضياع بسبب بعد المسافة بينه وبين مرجعيته، لا سيما عند توالي الاستحقاقات التي وضعت «أمل» أمام تحديات في مقابل حضور حزب الله، من عدوان تموز وتوافر المال والسلاح وصولاً إلى الأزمة السورية وتحول حزب الله لاعباً إقليمياً أكثر منه محلياً. فهل لمست الحركة ضياع أبنائها منها، ونهضت لتؤويهم من جديد؟