لا يبدو ان هناك افقاً لانتهاء «الحرب الباردة» بين السعودية وايران والتي ينقصها ان تتحول الى اشتباك مباشر وحرب طاحنة بين الدولتين كي تتكرر مأساة الحرب العراقية – الايرانية اول حرب بين دولتين جارتين في الشرق الاوسط. لا ينسى الايرانيون الدور السعودي والتمويل والتسليح الذي تلقاه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين منهم ومن معظم دول الخليج العربي للقضاء على ثورة الامام الموسوي الخميني الفتية وعلى مشروع دولة الاسلام في ايران. الاشتباكات بين الدولتين مستمرة حتى اليوم بأدوات ووجوه واشكال مختلفة من اليمن الى العراق فسوريا ولبنان. وهي تأخذ اليوم طابعا خطيرا للغاية بعد توصل القيادة الايرانية الى قناعة راسخة بأن السعودية ومخابراتها الملكية هي من تقف وراء كارثة حجاج منى من خلال الاهمال والتقصير والاخفاء القسري وتغييب جثامين بعض الضحايا وصولا الى فرضية اختطاف السفير الايراني السابق غضنفر ركن آبادي جريحاً من احد المستشفيات الى مكان مجهول. وحتى الساعة ترفض السلطات السعودية تقديم توضيحات واستفسارات ومشاركة طهران في التحقيقات للوقوف على حقيقة ما جرى في منى.الانعكاس المباشر للصراع الايراني – السعودي كان للبنان حصة كبيرة منه فلم يعد الاشتباك الاعلامي والسجال بين حزب الله وتيار المستقبل محصورا في الاعلام والسياسة وتسجيل المواقف حول اليمن وسوريا وملف الحجاج بل تعداها الى مسائل داخلية كادت ان تودي بالحكومة والحوار وبمجلس النواب وتجعل البلاد على حافة الهاوية لولا تدارك الثنائي الشيعي والنائب وليد جنبلاط لخطورة ورعونة مغامرة تيار المستقبل الاخيرة عبر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق. هذه القراءات لاحتدام الصراع الايراني – السعودي وللاشتباك العنيف الاخير بين الحزبين الاصفر والاخضر هي حصيلة مشاورات جارية داخل اروقة القرار في حزب الله. وتفيد الاوساط الداخلية في الحزب انه رغم احتواء التصعيد الازرق بجهود بري وجنبلاط الا ان التهدئة كما التصعيد اتى من جانب المستقبل وان المشنوق ورئيسه سعد الحريري هما من تراجعا عن كلامهما الارعن بكلام وآخر واستوعبه الحزب، حفاظا على البلد والاستقرار وليس تنازلا او خوفا من تهديدات المشنوق ودعم الحريري لها.
واذا كان الخطر قد زال مرحليا على الاستقرار اللبناني فإن الاستهداف المبرمج للبنانيي الخليج مستمر باشكال متعددة وامس الاول شهدت حارة حريك سلسلة من المراجعات لاهالي موقوفين لبنانيين في ابو ظبي منذ عامين وعام وبضعة اشهر فلم تكتف السلطات الاماراتية بترحيل اكثر من 120 عائلة لبنانية من اماراتها السبع في منتصف نيسان الماضي بل هي ماضية في مسلسل مضايقات اللبنانيين والشيعة، خصوصا تحت مسميات وحجج واعذار اقلها البعد الامني والارهابي والتخابر مع حزب الله وايران للقيام «باعمال تخريبية». كما تتمسك السلطات الاماراتية بالمقولة نفسها ان الموقوفين اللبنانيين هم معتقلو قضايا امنية ولا نسمح بالتدخل بقضاياهم وهي متعلقة بامن الامارات القومي! وتفيد اوساط متابعة ان عدد اللبنانيين الموقوفين في ابو ظبي منذ العام 2013 والعام 2014 واشهر من العام 2015 بلغ 10 وحتى اللحظة ورغم كل المتابعات من اهالي المعتقلين ووسطاء وكذلك متابعات خجولة للدولة اللبنانية عبر وزارة الخارجية لم تتوفر معلومات حقيقية عن اسباب التوقيف. لكن الاوساط المتابعة تؤكد انها تهم تتعلق بالتخابر مع حزب الله وايران وهي تهم ملفقة وكاذبة ولا تمت الى الواقع بصلة وهي تأتي في سياق الضغط السعودي على الامارات لمضايقة اللبنانيين الشيعة وترهيبهم وقطع ارزاقهم نكاية بحزب الله وايران ليس اكثر! وتشير الاوساط الى خطوات ترحيل جديدة وكذلك الى حالات منع سفر شملت عشرات اللبنانيين الشيعة من ابو ظبي ودبي والشارقة وهي ظاهرة مرشحة للتصاعد ولا تبشر بالخير.
وتشدد الاوساط على ان الجهات المعنية بملف المبعدين من الامارات ودول الخليج تتحرك منذ ايام وسيكون لها موقف واضح وحاسم مما يجري في الامارات وبالتنسيق مع المرجعيات الشيعية السياسية والدينية والحزبية وتلفت الى ان باكورة الاتصالات والتحركات ستكون في غضون ايام. وتحمل الاوساط الحكومة اللبنانية ووزارة الخارجية مسؤولية الاهمال والتغاضي عما يجري لمواطنين لبنانيين ابرياء وجل جريمتهم انهم من الطائفة الشيعية ومن لبنان وجنوبه فقط رغم انهم مواطنون صالحون يعملون بكل جهد واخلاص ويلتزمون قوانين دول الخليج وهم هاجروا اليها طلبا للعيش الكريم وليس للتخريب او الارهاب كما تزعم هذه السلطات.
في المقابل يتداول في الاوساط الشيعية ملف خطير اخر وهو ملف اللبنانيين في الكويت حيث تؤكد اوساط اسلامية في الكويت عن توقيف السلطات الكويتية بضعة لبنانيين بتهم التخابر مع حزب الله وحيازة اسلحة على خلفية اكتشاف الخلية المزعومة لحزب الله في منتصف اب الماضي. ويؤكد حزب الله في هذا الاطار انه لم يتبلغ باي شيء رسمي من السلطات الكويتية ولم يوجه اليه اي اتهام منها والتواصل الرسمي موجود معها ولو في حده الادنى لذلك نعتبر انفسنا غير معنيين بهذه الخلية المزعومة وكل ما اثير في الاعلام هو فبركات اعلامية سعودية باعتراف احد افراد العائلة الحاكمة في الكويت الذي اسر للرئيس نبيه بري وحزب الله عبر وسطاء ان مخزن السلاح المكتشف هو قديم ويعود الى تاريخ غزو صدام للكويت وانه هو من طلب ازالته من المزرعة المذكورة بطلب من صاحبها!