سنا السبلانيعلى مر العصور والحضارات اختلفت أشكال الرجال ومظاهرهم وتنوّعت أزياؤهم. اللحية مثلاً، وهي إحدى الملامح الاساسية التي تعرّف الرجل وتميزه، تغير طولها وشكلها وطريقة تمشيطها من عصر الى آخر ومن بلد الى آخر ومن ثقافة الى أخرى، علماً أيضاً أن ليس جميع الرجال يختارون ترك لحاهم ان لأسباب تتعلق بشروط العمل أو لأسباب تتعلق باختياراتهم وذوقهم الخاص.
اليوم، ومع تطور الموضة، عادت اللحية لتبرز بقوة فباتت عنصراً أساسياً (الى جانب الشوارب) تتمحور حوله اهتمامات الرجال، وأصبح معظمهم يطيلون لحاهم، وإن اختلفت أشكالها أو أحجامها، بدءًا من الشباب العاديين ووصولاً الى مشاهير الفن والتمثيل في جميع أنحاء العالم، وحتى في لبنان. وبحسب مصفف الشعر صالح سبيتي، بات الرجال يهتمون بلحاهم أكثر من شعرهم، ويدفعون ما لا يقل عن 100 دولار في الشهر للعناية بها وتصيفها “صار في زيوت وكريمات خاصة باللحية”.
ويشير سبيتي في اتصال مع “الجديد” الى أن هذه الموضة لا تستهوِ المراهقين والشباب فقط، بل رجال في عمر الأربعين أيضاً “أوقات بيجي رجال ذقنهم بيضاء بيهتمّوا فيها وبيطولوها”. ويضيف أن كل شخص يعتمد الطول الذي يناسب لحيته، إلاّ أن الجميع يطيلونها إجمالاً بحسب الموضة “الشباب عم يقلدوا المشاهير، وصاروا عم يعتمدوا الشوارب الطويلة واللحية الخفيفة من فوق والتي تتدرّج بطولها نزولاً”.
حسن نصرالله شاب لبناني اعتمد موضة الشوارب واللحية الطويلة مذ بدأت في لبنان، وهو يعيرها اهتماماً كبيراً ويخصص مبلغاً من المال لتصفيفها وشراء المستحضرات اللازمة لها للعناية بها، يقول نصرالله في اتصال مع “الجديد”. وبسببها، تحوّلت حياة حسن الى حياة غير عادية يتخللها الكثير من المواقف المميزة والطريفة، حتى أنه تلقّى عروضاً للتمثيل في إعلانات بسببها.
وفي سرد لبعض القصص التي واجهته بسبب لحيته، يقول حسن إنه في إحدى المرات أضاع نصرالله هويته، وعندما توجه الى مخفر الدرك ليقدم بلاغاً سأل العنصر “انشالله هلأ بدي احلق ذقني (لحيتي) كرمال آخد صورة جديدة للهوية؟!”، فأجابه الدركي “ولك روح عمرها ما ترجع الهوية بس حافظ على هالذقن”. ويضيف نصرالله “مرة كمان على حاجز للجيش في الجنوب سألني العنصر عن لحيتي وقال لي إنه يتمنّى لو يخرج من الجيش فقط من ليطيل لحيته”.
نصرالله لا يفكر في حلق لحيته إذ يعتبر أنها باتت جزءًا من شخصيته ويرى أنها جعلته مميزاً “الفكرة ليست مطروحة على الاطلاق في الوقت الحالي، إلاّ إذا حصلت ظروف قوية اضطرتني الى ذلك”، يقول مضيفاً “أحياناً يوقفني أشخاص لالتقاط صورة معي بسبب لحيتي وهذا يجعلني أشعر كالمشاهير”.
اللافت أن فصل الشتاء يزيد من شعبية هذه الموضة، إذ يبدأ الرجال بإطالة لحاهم أكثر من فصل الصيف، فبحسب سبيتي “حتى اللي ما كان يطوّل لحيته صار هلأ عم يطوّلها”.
حسن نصرالله يمثل شريحة واسعة من الشباب اللبنانيين الذين رفضوا -بحسب قوله- بعض الوظائف فقط كي لا يضطروا الى التخلي عن لحيتهم. فإلى أين سيصل هَوَس اللحى الطويلة بعد؟!