أغلب تجار الأقمشة وبائعي الملابس باتوا يركزون على اللون الأسود منذ أن بدأت حرب داحس والغبراء بين التبانة وجبل محسن، والآن تتغير وتتفرع وسائل الاعتداء على قيمة المدينة وشرفها وأمنها واقتصادها بواسطة المتفجرات التي انتظرت، في مكان واحد وفي موقعين مختلفين ومسجدين متباعدين وفي نفس الوقت، أن تقتل أكبر عدد ممكن من الناس بغض النظر عن هويتهم. السؤال المطروح: عندما تكون في وضع تنتاب فيه السيولة والرخاوة جميع مؤسساته، وهل تنتظر من هذه الرخاوة أن تنتج متانة أمنية. إن الرخاوة الأمنية هي نتيجة طبيعية لذلك الوضع السياسي الذي يسود المؤسسات الدستورية، بالاضافة الى أن الشعب اللبناني على يقين بأن الأجهزة الأمنية لا تشكل وحدة أمنية متكاملة لحفظ الأمن والاستقرار كما يجب. الآن وقد حصل ما حصل، وبدأنا نداوي جراحنا وندفن شهداءنا، لكن ذلك من مهمة الصليب الأحمر والدفاع المدني ورجال دفن الموتى، أما مهمة السياسيين هي توقع الأدهى غدا، وضرورة العمل على إيجاد شبكة أمان تحول دون التكرار والتخفيف مما يمكن أن يحدث، وهذا يقتضي أيضا شبكة أمان سياسية لبنانية بمبادرة من رئيس الجمهورية، بصفته حامي الدستور والقائد الأعلى للجيش، كما يقتضي وجود حل للفراغ السياسي المتمثل بحكومة مستقيلة لا تستطيع أن تصرف الأعمال، وحكومة معلقة لا تستطيع أن ترى النور. في هذا الوقت بالذات، علينا أن نؤكد أن من فجّر الرويس، نفّذ تفجيري طرابلس. ومن كان يوزع الحلوى في الضاحية وجد من يحاول أن يقلده في طرابلس، لكن أهل الضاحية وأهل طرابلس يشعرون بالمصاب الواحد. لقد علمنا بمحادثة بين رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان والرئيس فؤاد السنيورة، وأنه سيقيم مجلسا للعزاء حزنا على شهداء طرابلس، ولا بد أن البطاركة والمطارنة والقساوسة سيقرعون الأجراس في كل لبنان، حزنا وسخطا وتعبيرا عن أن الشعب اللبناني توحده الأحزن ولا تكون سببا لحرب أهلية. نحن الآن على شفير أيام قد تنشئ حلا مؤقتا أو حربا لا نعرف مداها، لكن حذار لأي شخص أن تسول له نفسه اللجوء الى أمر خطير ومرفوض، هو «الأمن الذاتي».
([) نقيب المحامين السابق في طرابلس
([) نقيب المحامين السابق في طرابلس