انخفاض بحيرة القرعون يكشف آثاراً

الإثنين, 15 أيلول 2014 04:08
الكاتب: شوقي الحاج – السفير
جسر عين الجوزة ومطاحن ومخازن للقمح
انخفاض بحيرة القرعون يكشف آثاراً: جسر ومطاحن ومخازن للقمح
أدى انخفاض مستوى المياه في بحيرة القرعون إلى ما دون الخمسين مليون متر مكعب من أصل سعتها البالغة في حالة الذروة 222 مليون متر مكعب، وانعدام جريان المياه في مجرى الليطاني، نتيجة الجفاف الذي حلّ في لبنان، وتراجع نسبة المتساقطات في الأشهر المطرية إلى حدودها الدنيا، إلى انكشاف جسر دير القديسة تقلا في عين الجوزة في البقاع الغربي، والمطاحن والأجران الستة القريبة منه، التي غطتها وحجبت معالمها منذ 1959، اندفاعة الجرف المائي، التي كانت تتشكل سنوياً عبر مجرى الليطاني والمسيلات المائية التي تغذيه ومن ثم تصب في بحيرة القرعون.

ويلفت وكيل الدير الأب سالم الفرح إلى أن بناء الجسر كان له أعظم الأثر، وفائدة كبيرة في ربط البقاع الغربي بالمناطق الأخرى، نقلاً عن الوثائق والسجلات القليلة التي ما زالت محفوظة في الدير، حيث تكمل هذه الوثائق كما قال: في مدح الأب شامي الذي عمّر الدير وأتقنه، واستصلح أرضاً، في حين زاد الأب زكا الحجّار شقيق المطران باسيليوس الحجّار ستة أحجار على المطحنة، حتى أضحت مورد رزق للدير.

يضيف الأب الفرح نقلاً عن السجلات تلك أن الأب يوسف فرنسيس بنى كنيسة كبيرة على اسم القديسة تقلا بين 1910- 1919 ما زالت قائمة حتى اليوم، وعمل على نبش النبعة الفوقا والنبعة التحتا بمساعدة رجل يوناني يدعى جورج، عرف بمهارته في حفر الآبار والينابيع، حيث تفجرت المياه منهما بنسبة ضعفي ما كانتا عليه.

ويلفت الأب الفرح الى أن الآباء الذين تعاقبوا على رئاسة الدير أجروا إصلاحات وإنشاءات مهمة، وجلبوا للكنيسة بمساعدة الآباء المخلصيين أيقونات من تصوير الراهب إسبيردون المقدسي، فيما جرّبت الزيارة الرسولية بعد العام 1925 أن تستثمر أملاك دير عين الجوزة من طريق أحد وجهاء مدينة صور ويدعى رزق الله نور، لكن لم تتوافر إمكانات النجاح لهذا المشروع.

ويشير الأب الفرح إلى أن الدير ازدهر بعد إنشاء سد وبحيرة القرعون، على جزء من أراضيه، واستخدم ذلك في توليد الطاقة الكهربائية وفي ري الأراضي الزراعية، وتحوّل الى محجة للزوار، ومنتجعاً للراحة للآباء المخلصيين، ومركزاً للرسالة، من خلاله ينشرون التعليم والتبشير في كل أنحاء البقاعين الغربي والشرقي. وأضحى الدير مركزاً مهماً عند الطائفة، بعدما قرر المطران أغسطينوس فرح أن يكون رئيس دير عين الجوزة، نائباً أسقفياً في البقاعين، وانتدب لهذه المهمة رئيس الدير آنذاك الأب غريغوريوس غصّان. وتحول الدير، وفق الأب الفرح، إلى معلم سياحي في المنطقة، وأقيمت إلى جانبه مؤسسات سياحية نظراً لجمالية موقعه على كتف البحيرة، وإطلالته على مجرى نهر الليطاني.

أغفلت الوثائق والسجلات المتوافرة في الدير، وفق الأب الفرح، تنظيم تأريخ مفصل للدير، باستثناء ما ورد عن الأب يونان المعلولي الذي خدم في مزرعة عين الجوزة بعد رسامته التي تمت في العام 1760، إذ توفي نتيجة وقوعه عن شجرة جوز عالية في العام 1969. ويشير الأب الفرح إلى أن السجل الرهباني يذكر أن الآباء لازاريوس العجوز، وثيوفيلوس وأرشبوس وأفيركيوس الصيفي، حاكوا معاً مؤامرة لتسليم دير عين الجوزة للشيخ حسن جنبلاط، بعدما دفعوا قبل ذلك للشيخ قاسم جنبلاط ثلاثين كيساً من الدراهم، وكان ذلك في العام 1777. واستناداً إلى تلك المعلومات فإن الدير قائم منذ العام 1760، وكان في تلك الآونة مزرعة صغيرة، يقيم فيها أحد الرهبان المخلصيين، ويعاونه بعض الشركاء في تدبير الأملاك، إلى أن أنشأ الأب العام إستفانوس نعمة (1780- 1783)، ديراً باسم القديسة تقلا في البقاع الغربي، واشتهر باسم دير عين الجوزة، حيث عمل نعمة على إصلاح شؤون الدير واسترجاع أملاكه وشراء أملاك جديدة، والدير كان يتألف من الأقبية القديمة التي ما زالت ماثلة حتى الآن، وما كان يعرف بالقبو الكبير كان يشغله المصلّى.

ويرى الأب الفرح أنه على الرغم من شح معلومات الوثائق والسجلات، أن يد العمران امتدت إلى الدير بفضل الآباء الذين تعاقبوا على رئاسته، حيث توسعت أملاكه من خلال الأب أنطونيوس نصر المشهور بإخلاصه للرهبانية، والأب قزما مغامس، والأب إبراهيم أنطونيوس والأب زكا الحجار، إلا أن الدير في مطلع القرن العشرين استطاع من خلال جرأة رئيس الدير آنذاك الأب جبرائيل شامي التي دامت ثلاثة مجامع متتالية (1895- 1907)، استعادة وتخليص مزرعة «بجعة» بعد إقامة الدعاوى الطويلة والصعبة، وسجلها باسم الدير بعدما كان الرئيس الذي سبقه وهو الأب الياس مسدّية قد سجلها باسمه الخاص.
ويدعو الأب الفرح، المسؤولين المعنيين إلى الاهتمام بجسر دير عين الجوزة والمطاحن والأجران التي ما زالت قائمة حتى اليوم، لما تشكله من منحوتات صخرية، وإلى تأهيلها وترميمها، نظراً لكونها مرفقاً جمالياً وسياحياً.

تاريخ
بنى جسر القديسة تقلا، أو جسر دير عين الجوزة، كما هو معروف، فوق مجرى الليطاني، الأب جبرائيل شامي بين 1760ـ 1800. وشيّد بجانبه عند الضفة الغربية للنهر مطحنة كبيرة وأجراناً للقمح، وفق وكيل الدير الأب سالم الفرح.

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …