الكرامة والزعامة

منذ أن سقط منطق الدولة وقامت منظمات لتحل محلها والمجتمع في حالة تململ بلغت حد القرف.
لقد فشل في لبنان نظام الإستقلال والذي وضعه الفرنسيون بصيغة عرجاء حكّمت جزءاً بالكل وبدون وجه حق. عقدان الى ثلاث بعد الإستقلال قامت الحرب الأهلية وسقط النظام.
تحت شعاري دفع الحرمان والإستضعاف المحقَين، نزلت جماعات أهلية على الأرض وفرضت سيطرة عسكرية على البلد على حساب عسكر وأمن الدولة. حصل ذلك في ظل ترحيب واحتضان الناس خاصة وأن التغيير بشر بنشر عدل الدين وتطبيق الجانب العقيدي المتوارث في وجه ما هو علماني ومدني مقيت!
من استلموا أمر البلد تدرجوا في طروحاتهم. إنطلاقاً من محاربة الحرمان عند كل اللبنانيين ولا سيما المسيحيين. جاء بعدها طرح الدولة الإسلامية الذي ما كان ليستقيم بسبب تركيبة لبنان والذي ما لبث أن سقط. انتقل بعدها الشباب وعبر الطائف ليصبحوا هم الدولة وليتمسكوا بمفاصلها الأمنية والعسكرية. بالتوازي خاضت هذه القوى حربا تحريرية طردت المحتل لتحقق إنجازاً تاريخياً مجيداً ولنصل بعدها إلى الآتي:
مناطقنا هي عسكرياً تحت سيطرة جماعاتنا. جماعاتنا هذه تملأ حصص طائفتنا في مختلف مفاصل الدولة. الجماعات الحاكمة تعيش الإسترخاء وعدم الإكتراث. وهنا نفصل بين الجماعات المنتظمة والمجتمع وواقعه.
الجماعات قبضت على جزء من النظام وانشغلت به أما شعارات دفع الحرمان والإستضعاف فأصبح كلاما يبعث على الحنق والغضب في نفوس المواطنين العاديين.
القابضون على النظام هم أعجز من رفع حرمان البطالة. الهجرة لم تتوقف لا بل هي في ازدياد. مدارس ومستشفيات الجماعات تستقبل المنتسبين اليها وتقهر وتستضعف الآخرين. كل ذلك اعتادته الناس ولا حول ولا قوة!
أما الشعرة التي تكاد تقصم ضهر البعير، فهي في هذا الفلتان الأمني في أحيائنا. في هذه المافيات التي تنتشر انتشارا سرطانياً يروج للمخدرات والجنس والعربدة والتعدي على الحرمات والكرامات. أن يخرج إبنك أو بنتك الى الشارع فهم ليسوا في مأمن من رصاص طائش أو من تحرش أو من اعتداء. هو الفلتان!
وهنا يكمن تندرنا على المثل العليا التي بشر بها من كسروا النظام الجائر دون ان يتمكنوا من انشاء نظام بديل. هدموا الهيكل الرذيل ولكنهم تركوا الرذالة تخرج الى المجتمع بطرق وأساليب مختلفة.
عام ١٩٧٥ كان الواقع مريراً وكان لابد له أن يسقط فسقط. اليوم الواقع لا يقل مرارة ولعل قفص الإتهام يتسع للكثيرين من محاربي الأمس الذين هم ساسة ورجالات اليوم.
حياتنا بحاجة إلى بعض كرامة، فهل من يسارع إلى تنظيف المجتمع من دواعشه الذين يكادون لا يقلون خطراً عن دواعش الجرود!؟
نضال

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …