سيقول المرجفون انه كلام سياسي لانك تتحدث عن المقاومة.. ويصورون انفسهم حماة للدين والمذهب وان منطلقاتهم عقدية.. لذلك فهم لا يبالون بما يثار ضدهم.
لست هنا بصدد الخوض في شرعية التطبير او عدم شرعيته او جدوى البدع الشيرازية او عدم جدواها.. وحتى الخوض في تصنيفاتهم للشيعة والسنة (المسلمين) بكرية وعمرية وبترية، او دناءة وسوء خطابهم الاعلامي الذي يصل الى حد الفحش والبذاءة، ومن لا يصدق فليشاهد بعض فيديوهات مجتبى الشيرازي ليقرا المقال من عنوانه.
في هذه الاسطر اريد ان اؤكد ان المشروع الشيرازي برمته مشروع مشكوك وفيه هنّات كثيرة منذ البداية.. ولا اتفق في كثير من التحليلات التي طرحت حول اتجاهاته الاخيرة ونشأته الثورية، وكونه يمثل اتجاها له جذور في الاخبارية والحجتية و.. الخ.
صحيح ان جذور بعض افكارهم وخرافاتهم موجودة في تراثنا الروائي الذي فيه الكثير من “الغث”، حالنا حال جميع المسلمين الآخرين ولو بنسب أقل، والذي حيل دون تنقيحه وتشذيبه، وجرت محاربة كل الدعوات الاسلامية في ذلك عمدا او جهلا .. بالضبط كما نجد جذور بعض متبنيات الفرقة الوهابية في تراث اخوتنا أهل السنة وحتى في صحاحهم .. لكن من الذي نفخ فيها وأمدها وحولها من مجرد فكرة وفرقة مغمورة الى سلطة ونظام سياسي وآبار بترول وعضو في مجموعة العشرين؟!
هذا الذي جعل من الفرقة الوهابية متصدرة للمشهد السني يريد ان يجعل من الفرقة الشيرازية متصدرة للمشهد الشيعي.. ليتحارب المسلمون فيما بينهم ويحال بين تحولهم الى قوة اقليمية وعالمية..
ومن هذا المنطلق ووفق هذه القراءة، استغل المستعمرون ثنائية الكربلائي ـ النجفي، والثوري ـ التقليدي، والاصولي ـ الاخباري، والوحدوي ـ البرائي… الخ في نشوء هذه الفرقة التكفيرية الضالة.
وللعلم فان تحرك الفرقة الشيرازية تجاه لبنان ليس وليد اليوم، بل يعود الى ستينيات القرن الماضي، عندما استقر هناك السيد حسن الشيرازي شقيق السيد محمد الشيرزاي مرجعهم السابق والسيد صادق الشيرازي مرجعهم الحالي.. حينها كان كمتحالف مع الكتائب من جهة وبعض القوى اليسارية الفلسطينية، من جهة اخرى، ضد الامام السيد موسى الصدر.. ولا تتعجبوا اذا ظهر ذات يوم انه كان لهم دور في تغييب الامام السيد موسى الصدر على يد نظام معمر القذافي بالنظر الى عمق وقدم علاقتهم مع نظام القذافي والدعم الذي حصلوا عليه منه!
لا اتحدث هنا عن ظهر غيب، بل عن حقائق موجودة بين طيات الكتب والمراسيل.. يكفي ان تلقوا نظرة على ما كتبه الشهيد مصطفى جمران، أحد أقرب المقربين للامام السيد موسى الصدر وأحد المؤسسين لحركة المحرومين وأفواج المقاومة اللبنانية، في كتابه “لبنان”، وبالتحديد في رسائله التي نشرت لأول مرّة (حينها)، وللاسف فان شقيقه السيد مهدي جمران قام بحذف الكثير من الحقائق في الطبعات اللاحقة من اجل “المصلحة”، حسب قوله، وقد لمته شخصيا على ذلك.
الشيرازيون مشروع مناهض للحوزة التاريخية في النجف الاشرف (رغم بعض انتقادنا على اداء تلك الحوزة الشريفة) ومناهض للوعي المتمثل بالسيد الشهيد محمد باقر الصدر والامام المغيب السيد موسى الصدر وضد الصحوة التي انتجتها الثورة الاسلامية بقيادة الامامين الخميني (قدس سره) والخامنئي (حفظه الله)، والدعوة الى الوحدة والمقاومة.. باختصار هم ضد كل نقاط القوة في الفكر والممارسة الشيعية..
ان تمسك الفرقة الشيرازية ببعض الطقوس والبدع التي دخلت (وأدخلوها) الى الشعائر الحسينية دون اي اساس علمي وديني وعقلاني، هو محاولة دنيئة منهم لحرف مشروع وفكرة التشيع في الاصلاح والنهوض بالامة الاسلامية، والواقع المسلم دون التفريق المذهبي والتجزئة الطائفية.
فالحسين عليه السلام وأهل البيت (صلوات الله عليهم اجمعين) ليسوا ارثا طائفيا او ملكا مذهبيا، بل هم للانسانية جميعا كما هو هو جدهم المصطفى (ص) رحمة للعالمين، فضلا عن المسلمين.. هم قيم الخير في مقابل الشر، الذي يتمثل اليوم بالشيطان الاكبر وحلفائه وعبيده في منطقتنا الاسلامية.
لذلك فان اي عملية تشويه للثورة والحركة العاشورائية المقاومة هو اصطفاف مع الشر، وهذا ما نشاهدة اليوم في انتقال الفرقة الشيرازية الى مرحلة استهداف المقاومة ومحاولة الفتنة في لبنان بعد ان عجز الاسرائيلي والسعودي ومن خلفهم الاميركي من اضعاف المقاومة في حاضنتها.. ومن هنا ادعوا الى الضرب بيد من حديد لكل من يمس الخط الاحمر عن قصد، والى خروج الصامتين عن مجاملاتهم ومواقفهم الضبابية.. واذكر البعض بان المستهدفين اليوم هم “الممهدون للمهدي” فعلى العالم ان يظهر علمه وعلى الحر ان يبرز موقفه.
معلومة: عند وصولنا ايران في مطلع نيسان/ ابريل سنة 1980، عندما كان الشيرازيون يصولون ويجولون باسم الثورة الاسلامية والتحرر، كان هناك احد الشيرازيين ويدعى على ما اذكر الشيخ حاتمي ( اسمه الحقيقي نديم الموصلي ظهر فيما بعد انه ضابط مخابرات عراقي وله اتصال بالمخابرات الليبية، فهربه الشيرازيون الى كندا، وفق ما جاء في مذكرات الشيخ ري شهري وزير الأمن الايراني الأسبق) هذا الشيخ وفي نفس الايام التي اعدم فيها السيد الشهيد محمد باقر الصدر كان يتهم السيد الشهيد بانه عميل اميركي! وهي التهمة ذاتها التي كانوا يسوقونها على الامام السيد موسى الصدر والشهيد مصدفى جمران والشهيد بهشتي، وكانوا مع المعدوم مهدي الهاشمي يرون أنفسهم ـ الخط الليبي ـ أنهم الثوريون الحقيقيون!!
بقلم: علاء الرضائي