صدمة في طرابلس: أين حزب الله؟
تلقّى إسلاميّو طرابلس بـ«صدمة وذهول» الأمر الملكي السعودي الذي أدرج تنظيمات أصولية على لائحة الإرهاب. وأثيرت تساؤلات كثيرة حول أبعاد القرار وتوقيته وأهدافه، «وكيف سنتعاطى بعد اليوم مع تنظيمي داعش والنصرة؟ وهل سنلاحق ونعاقب بتهم الإرهاب إذا خالفنا القرار؟»، بحسب بعض من تحدّثت إليهم «الأخبار». ولم يخف هؤلاء الاستياء الشديد لدى معظم التنظيمات الإسلامية من استثناء الأمر الملكي حزب الله في لبنان من هذه اللائحة، علماً بأن الحزب اليوم على رأس قائمة أعداء المملكة.
مصادر سلفية مطلعة على كيفية تعاطي السعودية مع الإسلاميين خارجها قالت لـ«الأخبار» إن القرار السعودي «حاسم، ولا يمكن قراءته استناداً إلى تحليلات وحسابات سياسية، بل ينبغي التعاطي معه على أنه قرار كي ينفذ، ونقطة على أول السطر». وأضافت أن القرار «لا يخرج عن مسار سلكته السعودية في الأشهر الأخيرة. وكان العارفون ببواطن الأمور يدركون أنه سيصل إلى هذا الحد، وربما أبعد، بعد الأمر الملكي بدعوة السعوديين الذين يقاتلون في صفوف المنظمات المتطرفة في الخارج للعودة إلى الوطن، وبعد سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر». وأوضحت المصادر ـــ المطلعة أيضاً على آلية اتخاذ القرار داخل النظام السعودي ـــ أن القرار كان متوقعاً، وهو تأخر الى ما بعد انتهاء بعض الترتيبات داخل الأسرة السعودية الحاكمة، وبعد تفاهم ضمني مع الولايات المتحدة التي لا يمكن الرياض أن تتخذ قراراً بهذا الحجم من دون تنسيق مسبق معها».
وتقول المصادر: «نصحنا كثيراً التنظيمات والحركات والوجوه الإسلامية في طرابلس، خصوصاً السلفية منها، ألا تذهب بعيداً في نشاطاتها، وأن تتعاطى بعقلانية وواقعية مع الأمور، لأنها ستكون أول من سيدفع الثمن عند حصول التسوية، أو لدى البحث عن كبش محرقة للخروج من الأزمة».
وتلفت المصادر السلفية الى أن القرار أصدرته وزارة الداخلية وليس أي جهة سعودية أخرى، ما يشير الى أن هذا الملف الأمني الضخم بات في عهدة وزير الداخلية محمد بن نايف، والى أن لبنان «معني مباشرة بهذا القرار، خصوصاً أن وزير العدل أشرف ريفي من المقربين من محمد بن نايف، وهو زار السعودية أخيراً للمشاركة في اجتماع لمجلس أمناء جامعة الأمير نايف بن عبد العزيز، لكونه عضو شرف في المجلس».
إلا أن وقع الصدمة من القرار السعودي في أوساط الجماعة الإسلامية يبدو مضاعفاً. وقال مصدر في الجماعة لـ«الأخبار» إن «من الظلم مساواة الإخوان المسلمين بتنظيمات القاعدة وداعش والنصرة». وكشف عن «استياء كبير» لدى الجماعة، «الوجه اللبناني» لتنظيم الإخوان المسلمين الذي أُدرج على اللائحة السعودية. وأضاف أن السعودية، «بقرارها غير العادل، تفرّط بكل نقاط الالتقاء بينها وبين الإخوان المسلمين، وبكل الإرث التاريخي من التعاون بينهما». ولم يستبعد المصدر أن يؤثر قرار السعودية «في علاقة الجماعة الإسلامية مع السعودية، ومع فريقها السياسي في لبنان، وتحديداً تيار المستقبل». لكنه، رغم ذلك، لفت الى أن «خصوصية لبنان ستبقي قنوات التواصل بيننا وبينهم قائمة. لكنها ستتراجع بكل تأكيد».
رئيس «جمعية الهداية والعدل والإحسان» الدكتور حسن الشهال، أحد أبرز الوجوه السلفية الفكرية في طرابلس قرباً من السعودية، لم يستغرب تصنيف الرياض تنظيمي «النصرة» و«داعش» إرهابيين، لأنهما «وثيقا الصلة بتنظيم القاعدة المعادي للنظام السعودي». لكن اللافت، بحسب الشهال، هو تصنيف تنظيم «الإخوان المسلمين» إرهابياً، مذكّراً بأن هذا التنظيم «عندما تعرض للأذى والتضييق عليه في مصر وسوريا والأردن وسواها، لم يجد سوى السعودية ودول الخليج ملجأً له».
ومع أنه عزا خلاف السعودية والإخوان إلى «تنافس الطرفين على تزعم الساحتين العربية والإسلامية»، إلا أنه توقع دخول وساطات على خط المصالحة بينهما «لأن تفاقم الخلاف مؤذ للطرفين».
وعن انعكاس القرار السعودي على الإسلاميين في لبنان، رأى الشهال أن «مصلحة السنّة في لبنان أن يكونوا على صداقة عميقة مع السعودية، لأنهم من دون دعمها سيصبحون أيتاماً، كما هي حال شيعة لبنان إذا لم تدعمهم إيران».
أما في الشأن السوري، فيرى الشهال، خلافاً لرأي غالبية الوجوه البارزة على الساحة الإسلامية في لبنان، أن «مصلحتنا تكمن في التمسك بخيار الحياد الإيجابي في الخلافات العربية ـــ العربية، خصوصاً في ما يتعلق منها بسوريا».
المصدر: “الأخبار”