علي حيدر—
البديل عن «حزام جبهة النصرة» الأمني على حدود الجولان هو حزب الله، نتيجة تقلق إسرائيل ودفعتها إلى الخروج عن صمتها «الرسمي»، وطلب إعادة قوات الفصل الدولية
لم تستطع «إسرائيل الرسمية» المحافظة على الصمت التام لمدة طويلة إزاء التطورات الميدانية التي يشهدها جنوب سوريا، في ضوء تقدم قوات الجيش السوري ضمن المنطقة المتاخمة للجولان المحتل، فبعدما تركت القيادة الإسرائيلية مقاربة الأحداث ومتابعتها لمعلقيها السياسيين والأمنيين، ضمن ضوابط الرقابة العسكرية، حذر رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، من انتشار آلاف المقاتلين من حزب الله في الأراضي السورية، وما يمكن أن يترتب على ذلك من تحديات تطاول الأمن الإسرائيلي.
نتنياهو، الذي كان حاضرا في لقاء وداعي مع رئيس أركان الجيش بني غانتس، حذر في السياق من أن عناصر حزب الله يدخلون إلى جنوب سوريا «مقابل حدودنا بتوجيه من إيران»، مشيرا إلى أن هذا الانتشار «جزء من خطة إيرانية تستهدف تطويق إسرائيل لخنقها من عدة اتجاهات»، لكنه قال: «إننا حذرون في مواجهة هذه التحديات».
وتأسيسا على الخروج من الصمت، فإن الكلام الرسمي الإسرائيلي المباشر اتجاه التطورات الميدانية في المنطقة المتاخمة للجولان، عبّر عنه ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة، وخاصة بعدما وجدت حكومة نتنياهو نفسها مضطرة، في أعقاب الضربة التي تلقاها الحزام الأمني الذي كان يفصل بين القوات السورية والجولان المحتل، إلى إرسال تعليمات لسفيرها في الأمم المتحدة، رون بروس اور، بالمطالبة بإعادة قوات الفصل الدولية إلى الجولان، وهو ما لم تجد الحكومة الإسرائيلية حاجة إليه عندما كانت الجماعات المسلحة المسيطرة في تلك المنطقة!
وضمن الإطار نفسه، رأى غانتس، خلال جولاته الوداعية وتعليقا على اقتراب قوات الجيش السوري ومعها حزب الله إلى الجولان، أن إسرائيل تواجه تحديات من وقت إلى آخر، وأن «حزب الله يرى نقاط قوتنا كما يرى نقاط ضعفنا بدرجة ليست أقل».
على المستوى الإعلامي، فإن صحيفة «يديعوت احرونوت» نقلت عن المؤسسة الأمنية وصفها حزب الله بأنه «خصم إشكالي جدا» للجيش الإسرائيلي على الحدود السورية، عازية ذلك إلى التجربة التي راكمها والأسلحة الجديدة لديه. وأضافت المصادر الأمنية أن الحزب محرر من ضغوط اللبنانيين وغير مقيد لجهة خياراته الهجومية ضد إسرائيل، لذلك رأت الصحيفة أن على الجيش أن يبلور سياسات تحدد قواعد جديدة في الساحة الشمالية «بعدما ارتفعت الخشية من مواجهة محتملة مع حزب الله».
كذلك خلص موقع «واللا» العبري إلى أن غانتس ينقل إلى غادي ايزنكوت، الذي سيتسلّم رئاسة الأركان بدلا منه بعد يوم غد (الإثنين)، ساحة مركبة ومليئة بالتهديدات المتغيرة ديناميكيا في كل يوم. ولفت الموقع إلى أنه حتى الآن «ليس واضحا، بالنسبة إلى إسرائيل، هل ستتمركز قوات حزب الله بمساعدة إيرانية، على حدود الجولان، أم ربما يتحقق السيناريو الأقل إقلاقا والمتمثل بسيطرة تنظيمات إسلامية تابعة للقاعدة؟»، لكن القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي ذكرت أنهم، في إسرائيل، ينظرون بقلق إلى المعارك في الجولان، في ضوء تقدم قوات الجيش السوري.
ولفتت القناة إلى أنه بالرغم من أن إبعاد مسلحي تنظيم القاعدة (جبهة النصرة) عن الحدود يعدّ أمرا مباركا، لكنها أضافت أن هناك من يرى أنّ «سيطرة حزب الله وإيران، بدلا منهم، مشكلة أكبر بكثير».
في هذا الصدد، أشارت القناة العاشرة إلى أن الخوف الكبير في تل أبيب هو من أن «يتحصن حزب الله في مواقع قريبة من الجولان، وتحديدا من المستوطنات الإسرائيلية».
على صعيد آخر، كشفت القناة نفسها، عن أنه خلال عملية اغتيال جهاد مغنية والجنرال الإيراني ورفاقهما، كان بني غانتس يقوم بجولة في المنطقة، في إشارة غير مباشرة، بفعل الرقابة العسكرية، إلى أن غانتس أشرف مباشرة على عملية الاغتيال.
من جهة أخرى، نقلت صحيفة «معاريف» عن وكالة «رويترز» قولها إن المتمردين السوريين طلبوا من إسرائيل مساعدتهم في الحرب ضد الجيش السوري وحزب الله، في جنوب سوريا، ومنعهما من السيطرة على الجولان عند الحدود الإسرائيلية. وأوردت الصحيفة، استنادا إلى «رويترز» أيضا، أن هذا ما ذكره «دروز إسرائيليون على علاقة وثيقة بالمعارضة السورية»، مضيفة أن «قائد المتمردين في تلك المنطقة أقسم على خوض حرب ضد حزب الله والحكومة السورية اللذين سيطرا على أجزاء واسعة من المناطق التي كان يسيطر عليها المتمردون».