الحجاب وتخلف المجتمع

* هناك العديد ممن يربطون بين الحجاب وتخلف المجتمع، ما رأيكم؟

ـ لو قلنا إن العالم كله متخلف، لأنه محجب، ولأن المرأة في العالم محجبة على الأقل في نصف جسدها، وإذا كنا نتكلم عن الحجاب كمبدأ فأين الفرق بين حجاب الرأس وحجاب الصدر وحجاب الأعضاء الحساسة للإنسان، بل إن الرجال يمارسون الحجاب في أعضائهم الحساسة، لذلك هل نؤمن بالحجاب أو بالعري؟ لا بد أن تطرح المسألة من الناحية القيمية، هل العري هو القيمة أو الحجاب هو القيمة، وهل العري هو الجمال، عندما نسأل لماذا حجاب الأعضاء الحساسة الجنسية؟ يقال: لكي لا تحصل الإثارة، لكننا إذا درسنا مسألة الإثارة فإنها مسألة نسبية في هذا المجال. ربما يجد بعض الناس أن شعر المرأة هو الذي يعطيها جمالاً قد لا تتمثل به في ما لو كانت مثلاً مغطية شعرها.

ثم هناك نقطة قد تعالج في هذا المقام، هل مسألة الجنس في كل درجاتها من حريات الإنسان المطلقة أم أنها من المسائل المقيدة بضوابط؟ فإذا قلنا، كما تقول بعض الفلسفات أن الإنسان حر في جسده وأن المسألة الجنسية هي مسألة شخصية، فعلينا أن نلغي كل الضوابط بما في ذلك الزواج، عند ذلك لا تعود الخيانة الزوجية لها معنى.

صحيح أنه ربما رأينا في الغرب الآن أن الزوج يحاكم على اغتصاب زوجته في حاجته الجنسية، وتعطى الحرية للزوجة في أن تمتنع عن زوجها إذا مارس الزنى، ما يدفع بالمجتمع إلى الفوضى، وعلى هذا الأساس ينبغي أن لا نتحدث عن العفة وعن الحجاب. أما إذا تحدثنا عن أن الجنس حالة مضبوطة في الزواج، فلا بد أن نضع له بعض المناخات التي تحافظ على هذه الضوابط، لأننا عندما نطلق لعنان للمرأة، والتي هي رمز الجنس في الوجدان الإنساني بقطع النظر عن السبب في ذلك، هل هو سبب ذاتي أو تاريخي، فإن ذلك سوف يجعل المجتمع لا شعورياً يعيش حالة طوارىء جنسية، وهذا ما نلاحظه.

لا أتحدث عن القرآن والكتاب والسنة، بل حتى في المجتمعات الحرة نجد أن حوادث الاغتصاب تسجل أرقاماً قياسية ليست موجودة في المناطق المحافظة، وهذا موجود في معاكسة رؤساء الدوائر للسكرتيرات والموظفات، وربما وصل الأمر إلى وزراء ورؤساء كالرئيس كلينتون. إننا نتساءل لماذا يحدث ذلك مع أنهم يعيشون كل الحرية؟ لأن المسألة الغريزية ليست من المسائل الفكرية، بل تتحرك تماماً كما هي النار عندما تصادف شيئاً قابلاً للاحتراق.

لذلك فإن الإسلام عندما لاحظ المعنى أراد أن يضع ضوابط للمسألة الجنسية، وأراد أن يخلق مناخاً يساعد فيه المرأة والرجل على إيجاد وسائل عملية للعفة بالإضافة إلى الوسائل النفسية والروحية حتى لا يقال إن الحجاب وحده لا يكفي لتوفر العفة، صحيح ذلك، لكن هذا يخلق جواً مؤاتياً في هذا المقام حتى لا تكون المسألة على طريقة قول الشاعر:

ألقاء في اليـمّ مكفوفـاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …