“الجديد” إعادة تموضع لا حرية



هو السيد وهي مريم، وما بينهما سنوات من التناغم بين بندقية الكلمة ورصاص السلاح …تفاجأنا ام لم نتفاجأ فان ما حصل في مقدمة نشرة “الجديد” يؤسس لمرحلة جديدة من الحروب الاعلامية القديمة الجديدة والتي قد تبدأ بحرف وربما لا تنتهي…
اطلت علينا قناة “الجديد” بتلك المقدمة التي ربما لم تكن جديدة على “الجديد”، ولكنها جديدة على مريم البسام وقلمها. القلم الذي كان رفيق المقاومة وبطولاتها، ولذلك وجُب علينا اعادة قراءة المشهد بدقة…
وحتى لا نُتهم بداية بتقديس السيد نقول ان سماحة السيد حسن نصر الله من لحم ودم، قد يغضب ويتفاجأ وينفعل؟ولكن السؤال متى ينفعل وعلى ماذا؟أحرب، يقتل فيها العربي اخاه العربي، ببرودة دم ومباركة اسرائيلية، لا تستدعي الانفعال؟!! بلا يا سادة، تستدعي الانفعال، وأكثر، ولكن لمن يملك دماً عربياً نابضاً بالمقاومة، رافضاً للذل والهوان، وهذه المعاني تحتاج الى ترجمة عند كثيرين من ابناء الوطن العربي الذين تشوهت معالم الحق في عقولهم…واذا عدنا قليلا ًالى مضمون كلمة السيد نجد ان سماحته سرد كل الأحداث التي مرت بها المنطقة. وتدخل ايران في ملفاتها ليس من باب فرض المنطق الايراني، وانما من باب تبيان ان ايران تدخلت في كل هذه الملفات، نتيجة الفراغ والكسل والفشل و”التنبلة” بالعامية اللبنانية التي وقعت فيها امة العرب،وبالتالي يُفهم من هذا الكلام أن السيد، إنفعل أسفاً على واقع العرب إنفعل لاجلهم لا عليهم، انفعل لتغليب منطق المرؤة والنخوة العربية المعدومة، لا لتغليب المنطق الايراني، وبكل الاحوال الكلام كان واضحاً كما العادة، سهلاً ممتنعاً، فمن اين اذن أتى التأويل، وهل مهنة الصحافة تحتمل التأويل؟؟
إذا، وُضع كلام السيد في غير موضعه، ظهرت ردود الفعل الساخطة، وهذا أمر طبيعي وفي المقابل ظهرت الاصوات التي تنادي بالحريات الاعلامية، وأن ما حصل هو جزء من الحرية الاعلامية لأي مؤسسة، ومن المؤكد أن لمريم البسام كما لغيرها الحق في التعبير والنقد لكن أيضا لا يمكن لاحد ان يتحدى وجدان الناس ويبقى يحظى بالمحبة المطلوبة. السيد ليس مقدساً، لكنه امتلك قلوب الناس التي احبته، وبالتالي المساس بكلام السيد سيؤثر سلباً على مشاعر الناس وهذا لا يعني حرمان احد من الحرية الاعلامية، وانما حرمانه من مساحات شاسعة من قلوب الناس، وهذا امر طبيعي. انت حر في أن تقول ما تشاء، متى تشاء. والناس حرة في اعادة فرز الاشخاص، وبالتالي قد يكون الاعلامي في تيار سياسي معين، وينتقل الى تيار آخر ويمارس نوع آخر من الاعلام، يتناسب مع وضعه الجديد ويحدث هذا في اي بقعة من العالم، نبقى نحترمهم ولهم حريتهم، ولنا حريتنا ايضاً بتصنيفهم في الخانة المناسبة على الاقل في قلوبنا.
الامر بهذه البساطة الحرية الاعلامية متاحة للجميع لكن من دون ان تتحول الى ساحة جديدة للمعركة، ثم ألم تكن الحرية الاعلامية هي من اطلقت ظواهر متل احمد الاسير وفستق بالامس، وفضل شاكر اليوم.
وأخيرا نقول، عند الامتحان يكرم المرء او يُهان والحياة موقف، واذا كانت مصلحة مدير أي محطة تقتضي ان ينضم الى رعيل حكام الخليج سكوتاً او انتقاداً لاجل المصالح الاقتصادية فهذا لا يعني ان يسكت قلم مريم الذي عرفناه عروبياً قبل ان نعرفه مقاوماً، الاعلام لم يُخلق للتجار ُخلق لاصحاب الأقلام والمواقف، وقلم مريم البسام الذي نعرف ليس للبيع والشراء، ومريم التي نعرف لا يخونها القلم، ولا هي تخون القلم، ولكن ربما أرهقها زمن المصالح وشراء الذمم، فخانتها النفس، حين قبلت بالسكوت.
لو كنت مريم البسام لكتبت آخر مقدمة في “الجديد”. وذرفت دمعتين، واحدة حزناً على محطة لها مني ولي فيها من العمر أجمله، واخرى دمعة فرح على موقف يكفيني فخراً وعزة لبقية العمر.

المصدر: السفير

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …