التطبيع خيانة

بين #التّطبيع مع الأنظمة الظّالمة والتّطبيع مع العدوّ!
العلامة المرجع #السيد محمد حسين فضل الله #التطبيع_خيانة
في مسألة التَّطبيع مع الأنظمة، بالانفتاح عليها من خلال إعطائها الشَّرعيّة، بحيث يتحرَّك التَّطبيع ليزيل العقدة النَّفسية ضدَّ الحكم غير الشَّرعي، فهذا أمرٌ غير جائز جملةً وتفصيلاً، إذ لا يجوز أن نعطي الشَّرعية لأيّة جهة لا شرعيَّة لها.

وعلى ضوء هذا، بالنّسبة إلى ما جاء في الأحاديث عن #الأئمَّة (ع)، التي أمرت بالمقاطعة للظَّالِمين، حتَّى على مستوى أن يؤجرهم الجمال للحجّ، كما ورد في حديث الإمام موسى الكاظم (ع) مع (صفوان الجمَّال)، لا على أساس حرمة العمل في نفسه، ولكن على أساس أنَّ نتائج هذا العمل هو الانفتاح النَّفسي عليهم، كما قال الإمام (ع) له: «ألا تحبّ بقاءهم حتَّى يدفعوا لك كراءك؟ فقال: بلى، فقال له (ع): من أحبّ بقاءهم فهو منهم ومعهم». لذلك، لا بُدَّ للإنسان من أن يعقد عقله وقلبه على عدم شرعية الحكم غير الشَّرعي.

أمَّا إذا كان التبرير ينطلق من خلال التَّعامل معهم على أساس الحاجات العامَّة للنَّاس، وعلى أساس الأمر بالواقع الذي قد يفرض على الإنسان أن يتعامل، وأن يتعايش، وأن يتعاون في بعض القضايا المشتركة مع الحكم اللاشرعي، فهذا أمرٌ جائز في حدود المصالح والمفاسد المتّصلة بالواقع الإسلامي العام، تماماً كما هي الهدنة في أيِّ موقع من المواقع التي يرى فيها أهل الرّأي أو ولاة الأمور الشَّرعيون تجميد حالة الحرب بين الشَّرعية واللاشرعية.

ومن الطَّبيعي أنَّ مثل هذا الرّأي يبقى في العناوين المتحرِّكة التي تختلف في حركة الإيجاب والسَّلب حسب اختلاف الظُّروف الموضوعيّة التي تحيط بالمسألة. ولهذا، فلا يمكن أن تُعطي الحكم الحاسم بالرّفض، كما لا يمكن أن تُعطي الحكم الحاسم بالإيجاب، بل إنَّ القضية من ناحية المبدأ لا بُدَّ من أن تخضع للرفض العقلي والقلبي والواقعي، حتَّى لا يعيش الإنسان التَّعاطف مع من لا شرعيّة له، ولكن من خلال الحركة العامَّة، لا بُدَّ من دراسة المسألة في حجم الظُّروف الموضوعيّة…

ونحن نقول إنَّه من الممكن للمسلمين أن ينشئوا علاقات مع كلِّ دول العالَم على أساس المصالح الإسلاميّة المشتركة مع الآخرين، وفي نطاق الاحترام المتبادل والعلاقات الطَّبيعية الخاضعة لما يحتاجه المسلمون من الآخرين، حتَّى مع أمريكا، لأنَّ أمريكا تُمثِّل في المرحلة الحاضرة دولة معادية للطموحات الإسلاميّة، ولكنَّها عندما تغيّر سياستها، فإنَّ من الممكن إنشاء علاقات معها، على الأسس المذكورة.

أمَّا #إسرائيل، فلا يمكن لنا أن ننشئ علاقات معها، حتَّى لو تغيَّرت سياستها وأوضاعها، لأنَّ أساس الدَّولة قائمٌ على عدم الشَّرعية من جهة غصبها للأرض وللإنسان. ومن هنا، فإنَّ المسألة تختلف فيما بين إسرائيل وغيرها، لأنَّ وجود إسرائيل قام على أنقاض شعب فلسطين، وواقع اليهود في فلسطين هو واقع الشَّعب الذي طرد شعباً آخر وحلّ مكانه، وهو مما لا يمكن من خلاله لأيّ مسلم أن يُعطيهم الشَّرعية فيه، لأنَّ الغصب حرام في شرع الله ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾(النِّساء: 141).

  • من كتاب ” #فقه_الحياة”

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …