ناصر قنديل
– جولة جون كيري في المنطقة لتشكيل حلف الحرب على داعش صارت من قبيل لزوم ما لا يلزم، فقد كان الحساب لقيام الحلف متوقفاً على الجواب على سؤال طرحه رئيس هيئة الأركان العامة في الجيوش الأميركية الجنرال ديمبسي، بقوله لا تكتمل خطة الحرب على داعش بالعراق وحده، فلا بد من خطة الحرب أن تشمل سورية، تاركاً للقيادة السياسية أن تجيب كيف سيتم ذلك.
– جاء جواب الرئيس الأميركي ووزير خارجيته سريعاً، برفض أي تعاون مع الدولة السورية، وتقديم ما أسمياه بالمعارضة السورية المعتدلة التي تقاتل ضد الدولة السورية وضد داعش معاً، واعتبارها الشريك السوري في هذا الحلف، على رغم التصريحات السابقة للرئيس الأميركي أن الرهان على وجودها مجرد فانتازيا لن تتحقق.
– من هي هذه المعارضة المعتدلة التي تقاتل الدولة السورية وتقاتل داعش وفقاً لرؤية وزير الخارجية الأميركي جون كيري، التي سبق ورفضها رئيسه باراك أوباما، لكنه عاد ووافق على التقارير المقدمة من مجلس الأمن القومي وفقاً للتنسيق الجاري مع الحلفاء وتأكيداتهم على حجم فعالية القوى التي يعتمدون عليها لتكون في حلف كيري، وخصوصاً ما تقوله السعودية من جهة وتركيا وقطر من جهة أخرى.
– الرهان كان على جمع مكونات سورية المنشأ والدور والقضية ووازنة الحجم، وهنا يوجد ثلاثة مكونات لا مكان للقوى الصغيرة في الحساب، وهنا يعرض كل حليف القوة التي يطلب اعتمادها، والأميركي يعرفهم جيداً لكنه يتفاءل على الطريقة الشرقية «تفاءلوا بالخير تجدوه»، والقوى الثلاثة هي لواء التوحيد وأحرار الشام وجماعة زهران علوش، وقد ارتضت السعودية دمجها تحت عنوان جيش الإسلام والجبهة الإسلامية، على رغم تبعية بعض المكونات بينها لقطر وتركيا، أملاً بأن تشكل إقناعاً للأميركي بوجود هذا البديل عن التعاون مع الدولة السورية.
– الذي لم ينتبه له الأميركي كيري أن الكل يغرف من صحن القاعدة، وأن الصراع داخل هذا المكون لإقامة قوة تقف بوجه الدولة السورية صار هو وحده عنوان وجود معارضة سورية، والسبب أن لا قيمة أخلاقية تتناسب مع معارضة الدولة السورية، وإقامة تحالف مع السعودية وقطر وأميركا وتركيا وصولاً لـ«إسرائيل»، فأي ديمقراطية وحرية لحليف للسعودية وقطر، وأي عروبة واستقلال وطني وفلسطين وجولان لحليف لتركيا وفرنسا وأميركا وصولاً لـ«إسرائيل»، ولذلك فالقيمة الوحيدة التي ترسم خط المعارضة القادر على التعبئة هي الخيار التكفيري المذهبي، الذي يوصل صاحبه ولو قام بإعداده الإخوان المسلمون أو الليبراليون، لاعتبار القوة الأشد تطرفاً في التكفير والعصبية المذهبية مشروعه الجدير بالموت لأجله فيصير حكماً في داعش.
– ليس من فراغ أن يتحول من تعبئهم كل قوى المعارضة بالتدريج نحو النصرة وصولاً لداعش.
– ليس غريباً أن يكون أبو بكر البغدادي قد نجح باستقبال كيري بهدية إبادة جماعية لجماعة أحرار الشام، بعدما أباد لواء التوحيد وهو يرى زهران علوش ثالثهما يخوض حرب وجوده في حي جوبر الدمشقي.
– البغدادي يقول لكيري أهلاً وسهلاً ومع السلامة، حليف سوري لقتالنا «بح».