أنطوان الحايك – النشرة
قد تكون إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بما حملته من معانٍ وتلميحات واتهاماتٍ مباشرة وغير مباشرة هي الأعنف منذ أن توالت مواقفه المتصلة بالوضعين السوري واللبناني، إلا أنه اتسم هذه المرة بالهدوء الزائد والابتسامة المعبرة عن واقع الحزب السياسي والميداني في ظلّ التحولات الإقليمية المتدحرجة لمصلحة الخط الذي التزمته المقاومة مع مروحة تحالفاتها الاقليمية والداخلية العريضة، والتي توحي وكأن الحزب يعلن انتصاره في الميدانين اللبناني والاقليمي على حدّ سواء من خلال رفع سقفه إلى أعلى الدرجات من دون البحث حتى في إمكانية خفضه لعدة اعتبارات ليس أولها أنّ الحزب يسجّل نقاطه في المرمى الاقليمي، أي في ملعب الخارج الذي يتحكم بمسار فريق الخصم الداخلي، ولا آخرها التصميم المطلق على المضي قدما في المواجهة وعدم التفريط بالانتصارات العسكرية والسياسية المحققة منذ دخوله فريقا في الحرب السورية وتحقيقه لخطوات نوعية لم يسهب نصرالله في الحديث عنها افساحا في المجال أمام السرية العسكرية لتحقيق المزيد من الاهداف.
وبدا، بحسب المراقبين، أنّ مواقف السيد نصرالله هذه المرة تحتاج إلى أكثر من قراءة عابرة لما حملته من رسائل ظاهرها داخلي وباطنها اقليمي بامتياز، فالواضح أنّه ركّز حملته على رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعلى زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية التي حمل عليها أيضًا من دون أن يسمّيها بالاسم وإن كان قد ألمح إليها لعدم تضييع البوصلة. فربطه للاستحقاقين الحكومي والرئاسي بالعرقلة الخارجية وبمواقف دولة اقليمية لم يأت بالصدفة بل ردا على المواقف الاخيرة الصادرة عن سليمان منذ ما بعد عودته من المملكة. وبالتالي فإنه رأى أنّ خصومته السياسية هي مع هذه الدولة وليس مع صغار حلفائها في الداخل اللبناني حتى انه اعتبر مواربة أنّ حربه في سوريا هي ليست ضد تنظيم القاعدة وحده إنما ضد المملكة العربية السعودية التي ترعاها بحسب معطيات يبدو أنّ الحزب يملكها من خلال وضع يده على وثائق واسرى من جنسيات غير سورية أو لبنانية اعتقلهم مقاتلو الحزب في القصير ومن بعدها القلمون، وهي التي تشكل نقطة الارتكاز القوية التي تسمح للمقاومة برفع سقفها إلى هذه الدرجة ضد دولة اقليمية مؤثرة في لبنان.
وكان للرئيس سليمان حصة الاسد لاسيما لجهة دعوته الى اتخاذ موقف بطولي نابع من المصلحة الداخلية بمعزل عن مصالح الدول الاقليمية، فالمرحلة الحساسة تحتاج الى تحييد المؤسسة العسكرية للبناء عليها ما هدمته الازمة السياسية من جهة، والتأسيس لنظام جديد بات امرا واقعا بعد التحولات الاقليمية وتداعيات الازمة السورية من جهة ثانية فضلا عن حقيقة قد تكون الاخطر بكل ما تطرق اليه نصر الله وهي أنّ الحل لازمة لبنان بات مستحيلا ما دامت الازمة في سوريا قائمة والحرب مشتعلة، فصحيحٌ أنّ “حزب الله” كان آخر المتدخلين بالازمة السورية غير أنّ الأصحّ أيضًا هو أنّ الحزب سيكون آخر الخارجين منها فضلا عن تلميحه إلى أنّ الحزب يوفّر قدراته القتالية للداخل في حال اضطرته الظروف الى ذلك، فالحزب الذي لم يعلن التعبئة علنا بعد في اقصى الجهوزية لمواجهة التطورات التي قد تنشأ جراء حسم معركة القلمون وهي ستكون في عقر داره وفي عمق حاضنته الشعبية وخزانه العسكري اي في البقاع الشمالي من دون أن يعني ذلك تخليه عن مواجهة الداخل في حال فرض عليه الخارج حكومة امر واقع وهذا ما يبرر استخدامه لعبارة “نقطة على السطر” وتمرير رسالة عنوانها الاستحقاق الرئاسي ومضمونها وجود ورقة مستورة تحوي اسم مرشح الحزب وفريقه في اشارة واضحة الى ان الانتصار في سوريا سيستثمر في بعبدا.