#مقال #السيد_جعفر_فضل_الله
سألني بعض الإخوة عن المقصود بمقولة #السيّد_محمد_حسين_فضل_الله (ره):
(إذا تعارض العلم مع الدين فعلى الدين أن يراجع أوراقه)؛ ولأنّ هذه المقولة أوجبت الالتباس لدى البعض فسأحاول شرحها في عدّة نقاط:
أولاً: علينا أن نفرّق بين الدين وبين فهم الدين؛ فالدين هو كما أنزل وبلّغه رسول الله، ولو كان رسول الله بيننا وسألناه وأجاب لكان ما أجاب به واضحاً هو الدين. أمّا اليوم فالدين هو الدين كما فهمه الفقهاء والعلماء، ولا يمنع ذلك من أن يكونوا مخطئين في إدراك الدين كما أنزل على النبيّ (ص). ولذلك عندما يختلف المجتهدون، فهم يختلفون في فهم الدين، لا بمعنى أن الدين متعدد ومختلف.
ثانيًا: علينا أن نفرّق بين (الحقيقة العلمية)، وهي التي وصلت إلى مستوى الوضوح بحيث لا يحتمل أن يثبت خلافها، ككروية الأرض مثلاً وأنها تدور حول الشمس وهكذا؛ وبين (النظرية العلمية)، والتي هي تفسير ظنّي اجتهادي لظاهرة علمية، ويحتمل أن ينفتح المستقبل على ما يخالفها فتتغير النظرية إلى نظرية أخرى أو إلى حقيقة علمية.
ثالثاً: الذي لا يمكن أن يصطدم بالعلم هو الدين كما أنزله الله؛ لأنّ الذي خلق الكون هو الذي أنزل التشريع وهو الحكيم الخبير العليم، ولذلك لا يمكن أن يكون تناقض، بحيث يثبت الدين شيئاً ينفيه العلمُ. أمّا فهمُنا للدين فيمكن أن يتناقض مع الحقيقة العلمية، كما لو جاءنا في الرواية مثلاً أن الأرض مثبتة على قرن حيوان، فإذا هزّ القرن حدثت الزلازل، فهنا نرفض الرواية لأنها تصطدم بالعلم القطعي الذي فسّر يقيناً كيفية حدوث الزلازل؛ وهكذا.
رابعاً: مع التفريق بين (الحقيقة العلمية) و(النظرية العلمية) فإنّه لا مانع من أن يكون هناك تفسير من النصوص الدينية لا يلتقي بالنظرية العلمية، كما هو الحال بالنسبة لنظرية أصل الكون (الانفجار الكبير). لكن كونها نظرية علمية مستندة إلى أبحاث وتحليلات، فإنّها تُبقي احتمالاً في الذهن، بحيث يبقى احتمال وجود تفسير آخر للنصوص الدينية واردًا.