إحترام أكثر الأمور خصوصية

هو مشوار الحياة الذي يحياه الإنسان. لكل إمرئ أسلوبه فيها. منا من يحياها صاخبة مفتوحة للملأ يعرف القاصي والداني تفاصيلها. ومنا من يريدها خاصة مغلقة لا يصدر عنها إلا ما نختاره من معانيها.

كل هذا يدخل في إطار الحرية الشخصية للأفراد والتي تضمنها القوانين والدساتير والأديان. هذه الحريات إنما هي أطباع لا يمكن تصنيفها بين خطأ وصواب.

وأنماط الحياة التي يختارها الإنسان نراها في بلاد الغرب وقد احترمت إلى أبعد الحدود حتى أنك يمكن أن تجاور شخصا ما دهرا دون أن تحصل على إذن قرع بابه لضرورة أو سؤال. هي هذه الحريات التي تنتهك في بلادنا وإلى أبعد الحدود أيضاً حيث يمكن لأحدهم أن يفجر مبنى فيه أطفال ونساء ويحولهم أشلاء على قارعة الطريق.

نعم هي بلادنا التي أسقطت القوانين والدساتير والأديان بل أسقطت أكبر قيمة إنسانية ألا وهي الأخلاق.

ومن خصوصيات المرء وفاته وخروجه من الدنيا. هو الموت الذي يفترض أن يكون له حرمة وخصوصية لا تقل عن خصوصية الولادة والحياة. في بلادنا ولعله لكثرة مشاهد الموت والقتل فإن الناس باتت تتعامل مع الموضوع بجرأة لا بل بفجور.

إذا ما توفى أحدهم إنقضت عليه وعلى منزله وأهله عدسات الكاميرات لتفضح للملأ لحظات ومواقف تكاد تبلغ درجة القداسة عند أصحابها. دمعة الولد ونواح الزوجة ونحيب الأم وإخراج المتوفي من نعشه وإلحاده وكشف وجهه ووضع البلاطات فوق جثمانه ونثر التراب عليه وبكاء محبيه… كل ذلك يصور وينقل بأدق تفاصيله ولكأننا في مباراة أجمل لقطة أو ماشابه.

أفٍ ثم أفٍ لهكذا فعل!

الموت مصاب جلل يخطف أحبة وينقلهم إلى عالم أخر. هي مرحلة في حياة الإنسان لها قدسية ينبغي للمرء أن يقف فيها ويشارك في أجر مسؤولياتها بخشوع ووقار وتفكر. وليس في المبارزة في أخذ اللقطات التي لو شيء للمتوفى أن يسأل فيها لرفضها واستنكرها.

للموت حرمة فلنقف في حضرته بوقار وخشوع وتفكر ولا نحوله إلى مناسبة تنتهك فيها خصوصيات الأموات والأحياء.

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …