أصل إسم بنت جبيل

بنت جبيل

في الآونة الأخيرة، تمّ اكتشاف سراديب ونواويس وقبور ومغاور في اسفل بنت جبيل العتيقة، تعود إلى العهدين الفينيقي والروماني. وقد تبيّن أن هذه المعالم الأثرية والتاريخية، تعود إلى أحفاد الأميرة «شمس» الفينيقية التي أعطت اسمها إلى بنت جبيل. وهذه الأميرة تزوجت من النبي يثرون الكنعاني، وهو الذي نسبت إليه البلدة التي تسمىى عيترون حاليًا. وقد سمّيت ساحة بنت جبيل العتيقة «بالنبيه» تيمنًا به. ويقال إن والد الأميرة شمس الفينيقية هو «الجبيل»، والذي نسبت إليه منطقة صرْبين التي تدعى «بالجبيل الأثرية»، وفيها كان يوجد معبد يُسمى «رشاف» باللغة الآرامية، أي إله الحرب، وهذا المعبد كان موجودًا ايضًا في بلدة رشاف المحاذية والمطلة على بلدة صرْبين، ما يدل على أن عبادة هذا الإله مأخوذة من «دولة» جبيل التي كانت تعبده في عهد الأموريّين (2000 ق.م.- 1725 ق.م.).

وهناك رأي آخر حول هذا الموضوع، يقول إن بنت جبيل كانت تسمى سابقًا «بيت شمس»، إذ أن إحدى الأميرات من جبيل قد نزحت عن مدينتها نتيجة ضغط أو إكراه لسببٍ ما. والمكان الذي حطّت رحالها فيه سمّي «ببنت جبيل»، وقد أقامت فيه مُلكًا. وهذا واضح من بعض الظواهر الأثرية في البلدة وخارجها، كالآثار الموجودة في «شلعبون»، والاحجار المنحوتة، والأعمدة الأثرية، وبعض الحروف المنحوتة على أحجار داخل البلدة. وقد اثبتت الدراسات، أن ما يُسمى شلعبون اليوم، حيث كروم الزيتون والعنب والارض الزراعية وبركة الماء، هي شلعبون الماضي، وان بنت جبيل هي «كفرشمس» أو «بيت شمس» (كفر = بيت) حيث بنيت فيها الهياكل، وجلّلتها المدافن التي كانت تشتهر بها فينيقيا.

الرأي الثالث يفيد بأن «بِنْتْ جُبَيْل» مركبة من أنثى إبن، ومصغرة جبل من أمهات جبل عامل على حدود فلسطين، أو من تحريف حربي لتسمية سريانية قديمة «بيت جبيل» بخاصة وأن إلى شمالها تقع «بيت ياحون»، وإلى غربها «بيت ليف».

بالإضافة إلى هذه الآراء، يمكننا أن نقول أيضًا إن «بنت جبيل» تعني بيت صناعة الخزف، إذا ما قارنّاها بمعاني جبيل الواردة سابقًا وأضفنا إليها معنى كلمة «بنت»، كما يمكن القول إن التسمية ترتبط بـ«بيت الله».

على كلٍّ، مهما تعدّدت الآراء حول اصل كلمة بنت جبيل، فيمكننا الاستنتاج، أن ما يجمع هذه المنطقة بجبيل هي الفينيقية، وبينهما صلة عائلية، اجتماعية ودينية، بخاصة وأن بنت جبيل قريبة جدًا من صور، «المدينة-الدولة» الفينيقية. فالفينيقيون لم يكونوا موحّدين، بل تجارًا منتشرين في عدّة مناطق على الساحل الكنعاني، وكل مدينة ينتمون إليها هي بمثابة دولة خاصة، لها أنظمتها وآلهتها. وفي معظم الأوقات لم يكونوا موحّدين أو متحدين أو متضامنين، بل منقسمين بسبب طبيعتهم التجارية، يناصرون إحدى الممالك (الفرس، أو الفراعنة، أو الإغريق).

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …