سعيد عقل والإسرائيلي الشلعوط

محمد نمر
28 تشرين الثاني 2014 الساعة 18:21

بدأ نبش القبور قبل انطلاق مراسم دفن الشاعر الكبير سعيد عقل بثلاثة أيام، وما هي إلا دقائق بعد اعلان وفاته حتى بوشر رجم الميت على مواقع التواصل الاجتماعي. قلّبوا الصفحات وعادوا أكثر من 30 سنة إلى الوراء، فقط من أجل جلد الشاعر الراحل على مواقفه تجاه الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982 وكأن اللبنانيين أحزاباً وأفراداً كانوا ملائكة أيام الحرب ينتظر أحدهم الآخر على الحواجز لتقديم الخير، وكأنهم لم ينقسموا على خيارات كبرى ومصيرية قبل أن يجلسوا معاً بعد اتفاق الطائف. فلنمعن اليوم النظر في الحلف الواحد، لنرى كيف ان أطرافه كانوا على نقيض عميق خلال الحرب.

بطبيعة الحال، فان رفض الحملة على الشاعر الراحل الذي ارتبط عطاؤه بصورة مرتجاة للبنان، لا يعني الموافقة على مواقفه -موضوع الحملة، خصوصًا عندما اعتبر خلال الاجتياح الاسرائيلي أن كل لبنان يجب أن يقاتل بجانب “الاسرائيلياني” ضد “العنصرية الدموية الفلسطينية”، على حدّ تعبيره. ولا يمكن أيضاً اجتزاء الموقف من سياقه التاريخي الجامع، فأصحاب الحملة على الشاعر صاحب “زهرة المدائن” يتجاوزون غضبه وغضب المجموعة حينها من تجاوزات الفلسطيني التي لم يلاحظها أنذاك أصحاب القضية من اللبنانيين، بسبب تعاطفهم مع قضية محقّة، وأسباب أخرى. “المسيحي” كان يرى في الفلسطيني مصدر قلق وعدم استقرار، وفي مرحلة ما تسببّ الفلسطيني غير المدني بمشاكل ومعارك وحروب، لكن رغم كل شيء بقيَ الاسرائيلي اسرائيلياً…والفلسطيني فلسطينياً صاحب قضية.
تتضمن الحملة مواقف لأشخاص، غالبيتهم يتظاهرون بالقومية العربية وهم يجهلونها، ينتقدون سعيد عقل صاحب المئة وعامين. لم يستفسر أحد منهم عن عقل ما بعد الطائف، عن الشاعر في حرب تموز 2006، عن “المصلحجي” تجاه لبنان. نعود إلى تاريخ دموي، ونسينا تاريخنا الدموي الجديد، أكان تاريخ من يناصرون “داعش” الإرهابية، أو النظام السوري المجرم. ومواقف هؤلاء تذكّر بسوريين في القنيطرة دفعتهم تصرّفات النظام والمعارك إلى الموافقة على مساعدة الاسرائيلي، لتأمين الغذاء والطبابة على الأقل.

النهار

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …