مثل الموقوف يحيى عبود بتهمة الاتصال بعملاء «الموساد» الإسرائيلي مع علمه بالأمر، تحت قوس المحكمة متشبثاً بالمنصّة الخشبيّة كي لا يقع أرضاً، إذ إنّ الرجل الخمسيني يتناول أكثر من 30 حبّة دواء يومياً، ومنها حبوب أعصاب.
لم يبدأ عبود الحديث منزعجاً من عمليّة توقيفه (منذ حوالي الأربعين يوماً)، وإنّما جلّ ما يزعجه هو توقيفه مع العملاء في سجن رومية، مضيفاً: «اسجنونني أينما أردتم ولكنّ ليس مع العملاء».
كثيرةٌ هي الأسئلة التي ممكن أن توجّه إلى عبود الذي اعتقل لأكثر من ثلاث سنوات في معتقل الخيام (قبل التحرير) بعد اكتشاف «الموساد» أنّه كان يتجسّس عليهم لمصلحة المقاومة فتعرّض لشتّى أنواع التعذيب على يد عملاء العدوّ، بالإضافة إلى موت والدته وهو في المعتقل واغتيال «الموساد» لشقيقه في توغو. خلاصة التقرير الطبيّ عن حالته بسبب ظروف الاعتقال والتعذيب أنّه يعاني من أكثر من 35 كسراً في حنكه وأزمات قلبيّة وضعف في الرؤية والسّمع وتوتّر عصبي وضيق تنفّس وقلق دائم..
وقف عبود أمام المحكمة وهو يكاد أن يبكي ويقول: «أنا تعبان ولم أتعامل مع العدوّ ولم أطلب منه المال، بل كنت أريد الانتقام منهم»، متسائلاً: «هل شكلي شكل عميل؟».
وروى ابن العديسة أنّ أحد الممرضين أبلغه أن الإسرائيليين يتصلون ببعض اللبنانيين وأعطاه رقماً اتصل به من «تلكارت» من دون أن يجيبه أحد. ثمّ عاود الاتصال بالرقم من هاتفه الخاص، فردّ أحدهم وأعطاه رقماً آخرَ، طالباً منه أن يعرّف عن نفسه بـ «الرقم 47».
وبالفعل، قام عبود بذلك فأجابه شخص يدعى «مايك». ومن دون أن يعرف اسم المتّصل، طلب «مايك» من «الرقم 47» معلومات عن رون أراد، ليشتمه الأخير قبل أن يعاود الاتصال أكثر من مرة، حتى أبلغه عنصر «الموساد» أن بإمكانه السفر إلى تركيا لترتيب لقاء، فاعتذر الأخير بسبب وضعه الصحيّ.
وأشار المتّهم إلى أنّه أبلغ «حزب الله» بذلك، قبل أن يعود ويسلّم نفسه لـ «المعلومات».
وقد ترافع وكيل عبود المحامي صليبا الحاج الذي أرفق ملفّه بالوضع الصحي لموكّله، مؤكداً أن النيّة الجرمية غير موجودة.
وأصدرت هيئة المحكمة حكمها على عبود بالسجن سنة واحدة ومنحه وقف التنفيذ عن باقي العقوبة.