العلمانية ليست كفراً الا أن يريد طرف ما أن يقوقعها ويوظفها في لصالح مشروع خاص!
مع انخراط أطراف ذات توجه وهوية دينية في العمل السياسي ومن ثم الإيحاء بأن كل ما يقولونه ويفعلونه هو انعكاس لرأي وموقف الدين مما يضع حولهم هالة من القداسة تصعب مناقشتها.
ومع ثبوت تقاعس هكذا أفراد وجماعات في جوانب عديدة من الحياة السياسية والإقتصادية للأوطان وكذلك مع ثبوت فساد أفراد وجماعات ذات وجه ديني في تعاطيها للشأن العام برزت الدعوة لعلمنة الدولة كحل.
بداية لا بد من الإشارة إلى أن العلمنة تعني فصل الدين عن السياسة وهذا ما نتبناه.
خاصة وأن الدين هو شأن راقٍ يحدد علاقة الإنسان بربه بشكل أساسي ومن ثم علاقة الإنسان بالإنسان الآخر. الدين هو منظومة الأخلاق التي لا بد للإنسان أن يتمتع بها.
أما السياسة فهي مجموعة نظم مبنية على ما توصلت إليه البشرية والتي قلما تجد فيها نصاً دينياً واضحاً انما هناك مجموعة اجتهادات تحتمل الصح او الخطأ.
من هنا كان من العقل والمنطق وربما من الدين أن تخرج لون الدين عن العمل السياسي فتخرج بذلك أي مجال للنفاق والمزايدة وتفتح الساحة للتنافس ولإستقطاب زبدة تجارب العالم فتبني دولا وأنظمة حضارية. ولعل الإضافة التي ممكن أن نعطيها لهذه التجربة هي أن يتمتع سياسيونا بالمبادئ الدينية وأخلاقها على الصعيد الفردي الشخصي والتي يمكن لباقي سياسيي العالم أن يفتقدوها.
أما التصويب على بعض فاسيدي المشروع الديني والإنطلاق منه لضرب الدين ككل ومن ثم شيطنة الدين والدفع لوضعه في خانة الرجعية والتخلف ولربما يكون انطلاقاً من الحاد في زاوية ما أو عقدة وتمرد في زاوية أخرى ففي هذا خروج هلى ما يمكن للناس المتدينين بمعظمهم أن يقبلوه ويتعايشوا معه.
تكون العلمنة نعم بفصل الدين عن السياسة في النصوص وفِي منح القداسة للشخوص لكنها لن تجد لها سبيلاً للنجاح في مجتمعاتنا إذا ما تحولت إلى أداة لهدم الدين. نتيجة هكذا توجه ستكون حتماً عكسية ولربما تؤدي الى وأد محاولة الإصلاح لأن الكثيرين سيعيشون الوحشة في خطاب إلحادي يخرج تماماً عن ثقافة وعن تاريخ وحاضر يعتقد السواد الأعم أنها المستقبل.
من هنا نلفت نظر كل المنادين بالعلمانية لكي يؤطروها ويثقفوها وليلبسوهاً ثوباً ويعطوها قلباً يشبه هذا المجتمع حتى تكون لها حياة والا ستبقى هجينة وسيسهل القضاء عليها في مهدها!
والله من وراء القصد.
نضال بيضون
BintJubayl.com