من ناصر وآوى

يعرفون باسم «مناصري المقاومة»، لكن أي نوع من النصرة هو؟ هل يكفي أن يكونوا ناخبين لنوابها؟ أو مدافعين شرسين عن المقاومة عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟
في الحقيقة، غالبيتهم لا هذا، ولا ذاك. «مناصرو المقاومة» الذين خصّهم حزب الله بتحية يوم السبت الفائت خلال احتفال أقامه على شرفهم في حسينية النبطية، هم الذين كانوا شركاء حقيقيين في تحقيق نصر المقاومين، سواء في المساعدة على دحر الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، أو في دعم صمود المقاومين خلال عدوان تموز 2006.

لم يتدرّبوا على حمل السلاح، ولم يخضعوا لدورات في كتمان الأسرار. كما لم يجوبوا أحراج القرى وتلالها ليحسنوا اختيار المخابئ المناسبة. لكنهم، رغم ذلك فعلوا كلّ هذا وأكثر على مدى سنوات الاحتلال والتهديد. كان احتفال السبت الفائت مناسبة للتذكير بمقاومين «فطريين»، وتوجيه التحية إليهم لمناسبة مرور 15 عاماً على تحرير الجنوب من الاحتلال.
لطالما حكى المقاومون عن المساعدة التي كانوا يتلقونها من سكان القرى التي وجدوا فيها. في المواقع الأمامية كانوا يقاتلون مقتنعين بأن هناك ظهوراً تحميهم. الأمر لا يقتصر على الدعاء الذي كانت تلهج به قلوب الجميع مع كلّ عملية للمقاومين «ليردّهم سالمين» إلى أهاليهم، ولا على التبرعات المادية التي كان كثيرون يحرصون على تقديمها. طرق المساعدة، أو المقاومة الشعبية إذا جاز التعبير، كانت عديدة. وهي قد تبدأ بسيطة مثل «غض الطرف» الذي كان يلاحظه بعض المقاومين من قبل الأهالي الذين كانوا يديرون وجوههم عندما يلتقون بشاب غريب عن قريتهم يتنقل بين أشجارها، فيتصرفون كأنهم لم يروا شيئاً. يحصل أن يعود أحدهم إلى بيته، ويخبر ابنه الصغير أنه التقى اليوم بمقاوم يعدهم بقرية لا قوات احتلال فيها تهينهم، ويعود المقاوم إلى رفاقه يخبرهم أنه التقى في القرية الفلانية برجل يمكنه أن يساعدهم في العمليات التالية.
هؤلاء المقاومون هم الذين دلّوا قبل أيام على من ساعدهم في السنوات القاسية والصعبة. تذكروا كثيرين ممن طرقوا أبوابهم ليلاً، ولم يقفلوها في وجههم كسيدة استقبلت مقاوماً هارباً من ملاحقة عسكرية له، وحرصت على إيصاله إلى بر الأمان، رغم الخطر الذي كان يمكن أن تتعرض له. تماماً كما كانت العديد من السنوة يبادرن إلى إعداد الطعام للمقاومين وإيصاله إليهم في الأمكنة التي يستطيعون الوصول إليها، وخصوصاً خلال حرب تموز، التي عاش خلالها المقاومون، كما الجنوبيون، 33 يوماً من الحصار المطبق. فأكلوا مما قدمته لهم الأرض الطيبة. في أوقات كثيرة أيضاً، كانت «المساعدة» تكبر، ليقوم الأهالي بدور مباشر في العمل المقاوم. كأن تقوم فتيات برصد دوريات قوات الاحتلال والإبلاغ عنها، أو تمرير أسلحة عبر الحواجز أو إخفائها في الحقول، أو العمل صلة وصل بين المقاومين من خلال نقل الرسائل.
إلى هؤلاء، وغيرهم ممن لم يمكن الوصول إليهم، وجّهت التحية من الجنوب ومن البقاع الغربي. وكتب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله رسالة شكر بخط يده جاء فيها: «إلى كل الذين آووا ونصروا، فكان لهم شرف المشاركة في أشرف مقاومة، كل التحية والمحبة والتقدير والشكر والدعاء لله أن يحسن جزاءهم في الدنيا والآخرة ويوفقهم للمزيد من الخير والصلاح والجهاد».

المصدر: الأخبار

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …