الكاتب: حسين زلغوط – اللواء
التطوّرات الدراماتيكية في المنطقة تُدخل لبنان مدار «الستاتيكو» السياسي
هل ما جرى في نينوى والموصل مقدّمة لتقسيم العراق إلى ثلاث دول؟
الشرق الاوسط أمام مخطّط جهنمي لتحويله إلى دويلات طائفية ومذهبية متناحرة
هل تدفع التطورات الدراماتيكية التي تجري في العراق المسؤولين اللبنانيين في إتجاه الاسراع على التوافق على انتخاب رئيس جديد، سيما وان الاحداث المفاجئة التي حصلت في الايام القليلة الماضية في هذا البلد، قد يكون لها مفاعيلها وارتداداتها السلبية ليس على لبنان وحسب بل على المنطقة برمتها؟
ما من شيء يوحي حتى هذه اللحظة بأن ما يجري في العراق سيكون عاملاً ضاغطاً على المسؤولين اللبنانيين لحملهم على انجاز الاستحقاق الرئاسي، كون ان هذا الملف ليس مرتبطاً بشكل عضوي بمجريات الاحداث في العراق وإن كان لا بد من ان يتأثر الى حد ما بتداعياتها، فهذا الاستحقاق له عناصره الداخلية والاقليمية والدولية التي ما تزال بعيدة عن متناول اليد لتأمين عبور رئيس جديد الى قصر بعبدا، وبالتالي فإن ما هو حاصل في سوريا والعراق قد يؤجل امد الفراغ الرئاسي الى حين رسم الخطوط العريضة لمعالم المرحلة المقبلة في المنطقة التي على ما يبدو مقبلة على نوع من بعثرة الاوراق وتعديل في رسم الحدود في ما لو صدقت التحليلات وتحققت الخطط الموضوعة للشرق الاوسط منذ عشرات السنين .
ويؤكد مصدر وزاري في هذا المجال ان الفراغ الرئاسي ربما يستوطن لفترة طويلة الواقع السياسي اللبناني، وان مجريات الاحداث في المنطقة تجعل الاهتمامات الدولية بلبنان معدومة، وهو ما يبعث على الخوف من ان نكون امام «ستاتيكو» سياسي يمتد لاشهر طويلة بالتطورات والازمات الكبيرة والتي قد يتمخض عنها اعادة نظر في خارطة بعض الدول، الا في حال تم الوصول الى تسوية اقليمية ودولية ما زالت حظوظ حصولها ضئيلة الى الآن.
ويرى المصدر ان لبنان دخل الآن مدار الترقب والانتظار، وان الاتصالات التي تجري من هنا وهناك من غير المأمول لها ان تصل الى حد احداث كوة في جدار الازمة السياسية وبالتالي الولوج في اتجاه انتخاب رئيس جديد للبلاد.
ولم يستبعد المصدر ان تؤدي التطورات الحالية إن في سوريا او في العراق الى احداث نوع من المتغيرات على المستوى الجغرافي، خصوصاً وان المناطق التي بات تسيطر عليها قوات «داعش» في سوريا والعراق ينبئ بإمكانية الذهاب في اتجاه تقسيم هذه الدول في حال نجحت «داعش» في تثبيت قوتها في المناطق التي اجتاحتها.
وما دام الشيء بالشيء يذكر فإن ما يجري في العراق اليوم كان نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين قد حذر منه منذ اكثر من عقدين من الزمن حيث اكد في مجلس خاص رداً على سؤال ما اذا كانت المنطقة ستدخل فعلياً مدار السلام في ضوء انطلاق مؤتمر مدريد في العام 1991، بأننا لن نكون امام اي نوع من السلام، بل سيكون هناك استسلاماً في السنوات التي تلي العام 2010.
وتابع الشيخ شمس الدين إني اخاف من ان يكون العراق كبش المحرقة ويدفع ثمن أي إعادة نظر في التركيبة الجيوسياسية لمنطقة الشرق الاوسط، بحيث يقسم هذا البلد الى ثلاث دول، الجنوب للشيعة والوسط للسنة والشمال للاكراد، وزاد على ذلك قائلاً كما اني خائف على ان يكون حل ملف مصير اللاجئين الفلسطينيين على حساب العراق ايضاً من خلال توطين عدد كبير منهم في منطقة ما في العراق ورجح آنذاك ان تكون في شماله وبذلك تكون بداية تصفية القضية الفلسطينية وهو مخطط اميركي موضوع منذ عشرات السنين.
ولم يسقط الراحل شمس الدين ايضاً ان تؤدي التطورات التي قد تحصل في الشرق الاوسط الى جعل الاردن وطنا بديلا للفلسطينيين.
إن ما يجري اليوم على ارض العراق وفي المنطقة يثبت مخاوف الإمام شمس الدين ويؤكد ان استشعاره بهذا الخطر كان في محله، وهو ما يعني ان الايام المقبلة ستكون حافلة بالتطورات الكبيرة والخطيرة، إذ ان المناخات الاقليمية والدولية الحالية ينبعث منها رائحة كريهة بالنسبة لما يرسم للشرق الاوسط من قبل الادارة الاميركية ومن يدور في فلكها، حتى ان المجتمع الدولي ينأى بنفسه عما يجري من تهديد مباشر لكيانات بعض الدول وهو ما يعني ان هناك مخططاً مرسوماً بدقة لقيام شرق اوسط جديد ستكون نقطة انطلاقه من العراق.
وفي تقدير مصادر متابعة ان ما يجري في العراق ليس بريئاً وهو يندرج في اطار مخطط جهنمي مرسوم للمنطقة بكاملها لتحويلها الى دويلات طائفية مذهبية متناحرة تبقى فيها اسرائيل هي الاقوى، وقد حاولت واشنطن ان تكون بدايات تحقيق هذا الحلم في العام 2006 في عدوان تموز على لبنان وفشلت، وجددت المحاولة في سوريا ولم تنجح الى الآن، وهي ترى في العراق ارضا خصبة لتحقيق الهدف من خلال اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي.
وترى المصادر ان ما يجري حالياً في المنطقة هو بنتيجة تعقيدات برزت على خط الملف النووي الايراني وإن كانت الاطراف المعنية تحاذر ابراز ذلك الى العلن اقله في الوقت الراهن، وكذلك بفعل معطيات كثيرة ظهرت امام اعادة ترميم الجسور بين ايران والسعودية، وهو ما يعني اننا سنكون امام ايام صعبة ومعقدة قد ينجم عنها حصول تعديلات على خارطة المنطقة.