ملخص كلمة السيد في ١٤ آب

ميشال عون خط إلزامي

لم يكن من قبيل الصدفة اختيار وادي الحجير في الجنوب، كمكان للاحتفال بالانتصار “الإلهي” الذي تحقق في حرب تموز 2006. في مثل هذا اليوم من العام 2006 تحطمت أسطورة “الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر”، وتحطمت هيبته في “الحجير” عندما كان المقاومون يصطادون دبابات “الميركافا” وجنود العدو الذين عجزوا، بكل غطرستهم وجبروتهم من أن يحققوا أي انجاز يذكر في مواجهة المقاومين. وأيضا كان الاختيار لاعتبارات تاريخية ودور له في تكريس الوحدة بين اللبنانيين. وهو ما أشار إليه أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله بإشارته إلى الأحداث الطائفية التي جرت في العام 1921 في الجنوب وقد شكل الوادي في حينها مكانا لمؤتمر دعا فيه المجتمعون إلى نبذ الفرقة والفتنة التي لا تخدم إلا الغزاة وأصحاب المطامع في لبنان.
في الذكرى التاسعة للانتصار في حرب تموز، تحدث نصرالله عن المقاومة مشيرا إلى قدرتها على تحطيم قوة الردع الإسرائيلية، وعن لبنان الحلفاء والخصوم، الحلفاء الذين لن يتم التخلي عنهم مهما تكون التضحيات، والخصوم المدعوون للحوار وعدم إدارة الظهر. أما على صعيد المنطقة فقد كان كلام حول العراق واليمن والأهداف الأميركية والإسرائيلية التي لا تضمر إلا التقسيم والتفتيت لدول المنطقة.

وادي الحجير.. مقبرة الغزاة

أشار نصرالله إلى أنّ “أخطر المعابر كان وادي الحجير، الذي حشدت له إسرائيل وقامت بعمليات إنزال جوي”، لافتاً الانتباه إلى أن “أخطر المعابر كان وادي الحجير الذي حشدت له إسرائيل وقامت بعمليات إنزال جوي”. وأكد أنّ “الإسرائيلي كان بحاجة إلى هذه الخطوة حتى لا يخرج بهزيمة كاملة، كما كان بحاجة إليها ليفرض شروطه على لبنان واللبنانيين”، مشيراً إلى أنه “كان يريد أن يفاوض على سلاح المقاومة وعناوين كثيرة، وقد اتّخذ هذا القرار الأحمق لأنه كان بحاجة إلى انجازٍ معنوي، لأنه إذا انتهت الحرب، كما كان مفترضاً أن تنتهي في 11 آب، لما حقق أي انجاز عسكري وانتصار حقيقي”.
وتحدّث نصر الله عن إرادة الشعب وعدم قدرة “سلاح الجو ولا الدمار يحسمان معركة في مواجهة شعب يريد أن يثبت ويعيش بكرامة”، مستشهداً بحرب تموز والحرب على غزة واليمن، حيث اعتبر أنّ تلك الحروب “أكدت أنه لا يمكن حسم المعركة من الجو”، ومشيراً إلى أنّه “لهذا السبب عاد الاتجاه الإسرائيلي إلى المعارك البرية”.
وانطلاقا، أكد نصر الله أنّه “لن تكون هناك إستراتيجية ناجحة للجيش الإسرائيلي في لبنان وهذا التزام وجهوزية، بمعزل عن كل التطورات الجارية في المنطقة”، طارحاً “معادلة وادي الحجير في مقابل إستراتيجية الاقتحام التي يتحدّث عنها العدوّ”، ومشدداً على “أننا أعظم عدة وعديداً”.
وتوجّه الأمين العام إلى اللبنانيين بالقول: “ثقوا أنكم قادرون على الصمود وإسقاط المشاريع ومواجهة الإرهابيين وحماية لبنان من خلال المعادلة الذهبية الشعب والجيش والمقاومة”.
حلفاء المقاومة في حرب تموز حضروا في خطاب نصر الله حيث وجّه تحيةً إلى الرئيس نبيه بري “الذي كان في الصف الأمامي يفاوض ويحفظ أمانة المقاومة، وإلى الرئيس إميل لحود الذي كان محاصراً في قصره لكنه كان يرأس جلسات الحكومة”. وأكّد نصر الله أنّ “هذا الانتصار تحقق بالرغم من الانقسام العامودي الحادّ في لبنان في 2006، وعلى الرّغم من انقسام السلطة السياسية”، معيداً التذكير بـ”كيفية إدارة المفاوضات واتّخاذ القرارات في ذلك الجو الصعب”. وتساءل “إذا كنا منقسمين وانتصرنا فكيف لو توحدت السلطة السياسية والقوى العسكرية والأمنية واجتمعت القوى السياسية وتجاوزت خلافاتها لمواجهة التهديد الإرهابي والإسرائيلي”؟
كما حذّر نصر الله من أنّ “بلدنا مهدد في وجوده وأمنه وبقائه”، داعياً إلى “الالتزام والوحدة والترفع عن الصراعات في مواجهة التهديد الوجودي”، ومجدداً “التزامنا بمواجهة العدو والوقوف إلى جانب فلسطين”.

رفض تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ

ورفض نصرالله “تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ الذي تعمل عليه أميركا وإسرائيل وبعض القوى الإقليمية من حيث تعلم ولا تعلم”، معتبراً “أننا اليوم، يجب أن نطلق في كل وادي وليس الحجير فقط، صوتاً بأن التقسيمات الجديدة ستدخل المنطقة في حروب أهلية وطائفية وعرقية طويلة لن يكون نتاجها إلا الدمار والخراب”.
وشنّ نصر الله هجوماً حاداً على الولايات المتحدة معتبرا أنها “تستخدم داعش لتقسيم المنطقة من حيث تعلم داعش ولا تعلم”، مشيراً إلى أنّ “أميركا ليست جادة في حربها على داعش بل تريد استغلال هذا التنظيم للرسم خرائط جديدة”. وحذّر نصر الله من “الخداع الأميركي”، مستشهداً ببعض الوقائع لإثباته، حيث أشار إلى أنّ “هذا ما فعلته في العراق عندما قالت للعراقيين غيروا حكومتكم لنساعدكم في قتال داعش، لكن ذلك لم يحصل، وأين العقود الموقّعة بين العراق وأميركا، كما أنّ السعودية وأميركا تآمرتا وخفضتا سعر النفط فضربت الميزانية الحقيقية للعراق الذي وقع في مشكلة حقيقية”، معتبراً أنّهم “اليوم يكررون هذا في سوريا”.
وتابع نصر الله “في الموضوع اليمني يدعون مقاتلة الإرهاب ويتحالفون مع القاعدة وداعش ضد الشعب اليمني”، معتبراً أنّ “أميركا وأدواتها في المنطقة يوظفون الإرهاب لخدمة مصالحهم”، ومؤكداً أنّ “المشروع الحقيقي هو تقسيم المنطقة من العراق إلى اليمن وحتى السعودية لأن هذا يخدم مصلحة إسرائيل”.
وأكد الأمين العام “أننا لا نعمل لتقسيم سوريا”، معتبراً أنّه “عندما تقاتل القوات السورية في كل الأماكن فهي تقاتل من أجل بقاء سوريا واحدة وترفض الخضوع للتقسيم”. وجدد “إدانتنا واستنكارنا لهذه الاستباحة الخطرة”، مشيراً إلى أنّه “قد تسقط مدينة هنا ومنطقة هناك لكن ما زال هناك صمود ورفض للاحتلال”، ومعتبراً أنه “لا يمكن لهذا العدوان أن ينتصر أو يحقق أهدافه”.

لدولة عادلة تخدم الجميع بلا تمييز

وبعد الحديث عن المقاومة وتطورات المنطقة انتقل نصرالله إلى الشأن اللبناني، مؤكدا “أننا نحتاج كلبنانيين جميعاً لا أن نتكلم عن العيش الواحد أو المشترك بل أن نعمل جاهدين ليكون عيشنا واحداً وعيشنا مشتركاً”، معتبراً أنه “يجب أن نعمل ونقتنع جميعاً بقيام الدولة العادلة التي يشارك فيها الجميع من مكونات الوطن ويشعر فيها الجميع بالثقة دولة لا يشعر أي مكون أنها تتآمر عليه”.
كما أكد أن “اللبنانيين متساوون للأسف في الإحساس بالخوف والغبن”، معتبراً أنّ “الدولة هي الحل، لا التقسيم ولا الفدرالية الدولة هي الضمانة الحقيقية”، مشدداً على أنّ “هذه الدولة العادلة، التي تخدم الناس بلا تمييز، لا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا كانت دولة شراكة حقيقية”.
وتطرق نصرالله في خطابه إلى تحركات التيار “الوطني الحر” الأخيرة. وإذ أشار إلى أن هناك شريحة كبرى تشعر بالغبن والاستبعاد، آسفا للوصول إلى هذه الحال، شدد على رفض
الرهان على فشل تحرك “التيار الوطني الحر” مشيرا إلى أن “هذا الرهان خاطئ لأننا في حزب الله لا نقبل أن يكسر أو يعزل أي من حلفائنا”، متوجها إلى المعولين على فشل رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون: “هل تضمنون عدم انضمام شارع آخر إلى شارع عون”، مشددا على أن “عون ممر إلزامي لانتخابات الرئاسة لا يمكن تجاوزه، وأيضا عون ممر إلزامي حتى تعود الحكومة إلى إنتاجيتها”، قائلا: “من يفكر بإدارة البلد بتجاهل مكونات أساسية في البلد مشتبه وواهن”. وتابع نصرالله “في سبيل الوقوف ومساعدة حلفائنا، خياراتنا مفتوحة رغم كل انشغالاتنا”.
ولفت نصرالله الانتباه إلى “أننا نعيش أزمة سياسية وطنية ونحن بحاجة إلى قادة وقامات بمستوى الوطن ليأخذوا المبادرة ويجدوا الحلول. نحن بحاجة للحوار وعدم إدارة ظهورنا لبعضنا البعض”، داعيا، إلى “معالجة مشكلة المجلس النيابي وإعادة فتح أبوابه خدمة للبنانيين”.
(“موقع السفير”)

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …