بالتفاصيل: 4 أطنان ونصف من الكمامات كانت موجودة في المستودعات و بيعت الى الخارج.. انه منطق انعدام الأخلاق والضمير لدى بعض التجار
تتوالى الصدمات والفضائح تباعاً في مسألة كورونا، لن ندخل في الهواجس والإمكانيات المحدودة والتقصير الذي كشف عن أنيابه بالنسبة الى الطائرة الإيرانية وما يتبعها من إشكاليات وعلامات استفهام، فالأمر بات واقعاً لا يمكن تغييره أو إعادة عقارب الساعة الى الوراء. الصدمة ليست في وصول هذا الفيروس الى لبنان خصوصاً أن الدول المجاورة كانت قد شهدت تسجيل اصابات قبل لبنان بأسابيع، وانما بما كشفه كورونا من جشع التجار واستغلال خوف الناس لمآرب اقتصادية. يبدو أن الفساد يعشّش في أصغر التفاصيل، وبالأمس كانت لنا مواجهة مؤلمة معه بعد تهافت اللبنانيين على الصيدليات لشراء الأقنعة والكمامات لتأمين الحدّ الأدنى من الوقاية.
تسجيل صوتي يفضح هشاشة النفوس الضعيفة على العملة الخضراء، فيبدو أن صحة الناس عند البعض لا توازي بأهميتها المكاسب المالية التي قد يحققونها بصفقة رابحة. في التسجيل الذي تأكدت “النهار” من المعلومات التي وردت فيه، أن أكثر من 4 أطنان ونصف طن من الكمامات كانت موجودة في مستودعات بعض المستوردين الطبيين منذ حوالى أسبوعين، قبل أن يعاد تصديرها في صفقة.
وفق المعلومات، تبلغت وزارة الصحة كما رئاسة الوزراء بما يجري، ولكن حتى الساعة لم يصدر أي قرار كما حصل في دول الخليج ومصر يمنع إخراج او ارسال اي كمامة او قناع من البلد لغير الاستخدام الشخصي ومن يُثبت عليه ارسال اقنعة بهدف تجاري يُجرّم ويُحاسب.
المشكلة أكبر مما يتراءى، إذ يقوم البعض بإخراج مستلزمات طبيّة نحن بحاجة اليها في لبنان. وعلمت “النهار”، أن ما يتمّ تناقله والحديث عنه معلومات صحيحة. فقد وصلت الحاوية الى بيروت واستلم التجار المال قبل تصديرها الى الخارج. على سبيل المثال، ولفهم ما جرى، افتراضاً انه تمّ شراء علبة الكمامات بدولار واحد وعُرض عليهم بيعها بـدولار ونصف دولار، يتخذون قراراً باعادة بيعها. هكذا لم تخرج “طلبية الكمامات” من المرفأ بل عادت أدراجها بعد الموافقة على عرض البيع. ما يعني انهم ربحوا نصف دولار في كل علبة (حاوية 40 قدماً فيها أكثر من 4 أطنان من الكمامات الصحية)، ومنعوا اللبنانيين من الاستفادة من هذه الكمامات”.
اذاً، المشكلة ليست في النقص بقدر ما هي في منطق انعدام الأخلاق والضمير والإنسانية لدى تجار معينين، والأمر موصول بغياب تام لأجهزة رقابة الدولة وانتفاء المحاسبة وغلبة المحسوبيات، فبالأمس كنا نشتري العلبة بأكملها بـ2000 ليرة أما اليوم فنحن نشتري كمامة واحدة أكثر بكثير. ما يعني أن العلبة بات سعرها اليوم 50 دولاراً بعدما كانت لا تتخطى الـ 6 دولارات.
فهل ستتحرك السلطات المعنيّة للتحقيق في ملف فضيحة تصدير الكمامات الصحية المخالفة للقوانين في ظل حالة الطوارئ الصحية، خصوصاً أن الكمامات دخلت بازار السوق السوداء مع رفع الأسعار وسحب الكميات من الأسواق؟
“النهار”