مع قدوم فصل الصيف يبدأ عدد غير قليل من الحيوانات القارضة المزعجة بالانتقال من الغابة الى مناطق السكن والعمران، ولكن لم تشهد مدينة ديربورن هايتس، مثيلا لانتشار هذه الأعداد الكبيرة من حيوانات الظربان والراكون و«الأبوسوم» التي هيمنت على بعض الأحياء بشكل غير مسبوق، وزاد فـي الطين بلة افتقار المدينة الى الخدمات البلدية، خصوصاً «دائرة مكافحة الحيوانات»، المعدومة فـي هذا المجال.
ويدعي السكان أن القوارض تغزو شوارعهم وأن نقص الخدمات البلدية يساهم فـي انتشار الآفات ويفاقم التدهور البيئي.
وفـي هذا الصدد، لاحظت بام فرحان، وهي من السكان المحليين وتقيم فـي منطقة «أردمور بارك» فـي القسم الشمالي من مدينة ديربورن هايتس، أن الآفات الحيوانية بدأت تسيطر على الحي الذي تقطن فـيه بالتزامن منذ بداية فصل الربيع الماضي.
وقالت: «أسمع صوت خربشات الراكون وهو يذرع سقف بيتي جيئة وذهابا». وأضافت «اتصلت بالبلدية ثلاث مرات فـي أوقات مُختلفة للاستفسار عن إمكانية قطع الشجرة القائمة أمام المنزل لأن هذه الحيوانات تقوم بالقفز من فوق الأغصان الى السطح».
ولم تتلق فرحان أي رد من البلدية، وبدلا من ذلك أخبروها أن البلدية بالكاد تستطيع تلبية طلبات المواطنين الذين يحتاجون إلى تقليم وتشذيب الأشجار القريبة من منازلهم. وذكرت فرحان أنها شاهدت فـي وقت سابق من هذا الأسبوع عمالاً من البلدية يقلمون شجرة الجيران، لكنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء إيجاد حل لطلبها الشخصي.
وتعيش فرحان فـي منطقة من ديربورن هايتس يبدو فـيها انتشار الحيوانات القارضة وغيرها من الحيوانات الأخرى أمراً شائعاً ومألوفا، كما يجمع سكان تلك المنطقة على أن الأشجار الكثيقة والضخمة تحول أحياءَهم الى ظلام دامس فـي ساعات المساء الأولى، فضلا عن كونها – الأحياء – قد أصبحت مرتعاً خصبا للحيوانات غير المرغوب فـيها، كحيوانات الظربان التي تملأ المكان بروائحها الكريهة.
وأشارت فرحان إلى أنها رأت فـي احدى المرات، خلال هذا الصيف، عائلة بأكملها من حيوانات الظربان تعيش تحت سطح منزلها فـي الفناء الخلفـي، وقالت «كانت هناك مناسبات عديدة كنت أعرف فـيها عن تواجد ظربان فـي فناء منزلي فروائحها الكريهة تزكم الأنوف».
وأكدت انها لم تكلف نفسها عناء الاتصال بـ«دائرة مكافحة الحيوانات» فـي البلدية واستدعاء عمالها لإجراء اللازم، لأن هذه المسألة مكلفة ماليا، فالبلدية تطلب من المواطنين المتصلين لهذا الغرض شراء أقفاص معينة للإيقاع بتلك الحيوانات، وعلقت بالقول «هذا أحد الأسباب الرئيسية التي منعتني من استدعاء عمال الدائرة.. ولكن بما أنني أقوم بدفع الضرائب، فـيجب على البلدية أن تقوم بواجبها، لاسيما وأن هذه الحيوانات التي تعيش على أسطح وسقوف البيوت تتسبب -بالإضافة إلى الإزعاج- بتراجع أسعار المنازل، وبعض السكان يضطرون الى بيع منازلهم والانتقال الى أماكن أخرى، وكل هذا والبلدية لا تحرك ساكنا.
إحدى القاطنات فـي ذلك الحي، انتقلت بالفعل من منزلها لفترة مؤقتة بعد اكتشافها أن عائلة كاملة من حيوانات الراكون تعيش داخل سقيفة بيتها (الآتيك)، وما جعل الأمر يزداد سوءاً هو أن إحدى الإناث كانت حاملاً وعلى وشك الولادة، ما يعني إضافة المزيد من تلك الحيوانات.
من ناحيتها، اضطرت ماري بيضون إلى استدعاء شركة خاصة للتكفل بالأمر بعد عدم استجابة البلدية، وقد أمضت الشركة المختصة مدة أسبوع كامل فـي وضع الفخاخ واصطياد كل أعضاء عائلة الراكون التي اعتاد أفرادها الدخول والخروج من منزلها.
وأشارت إلى أنَّ بعض الجيران يتحملون جزءاً من المسؤولية عن اكتظاظ الحيوانات غير المرغوبة فـي الحي، لاسيما هؤلاء الذين يقومون بإطعام حيوانات الراكون والحيوانات الضالة الأخرى.
وأضافت «إن عدم الاستجابة من قبل البلدية هو أمر أكثر من مزعج، لقد أجريت عدة محاولات للتعبير عن مخاوفـي ولكنني لم أحصل على أي رد». ووصفت خدمات البلدية بأنها «فـي غاية السوء» ليس فقط فـي مجال مكافحة انتشار الحيوانات، وإنما أيضا بسبب تقاعسها وتغاضيها عن تغريم أصحاب البيوت الذين لا يقومون بجرف الثلوج أمام منازلهم مما يستوجب تغريمهم ولكن البلدية لا تفعل شيئا.
كثافة وانتشار الحيوانات الشاردة والقارضة بين المنازل وعلى طول الطرق الرئيسة أصبحت ظاهرة بادية للعيان، وتؤكد المحامية لولا الزين، وهي أيضاً من السكان المحليين، أنها لطالما حاولت الاتصال بدائرة مكافحة الحيوانات فـي البلدية للتبليغ عن وجود جثة ظربان فـي منتصف الطريق وقد ملأت رائحتها النتنة الحي بأكمله، لكن بدورها لم تحصل على رد من البلدية.
وقالت «بسبب رائحة الجيفة بقيت محبوسة فـي البيت لعدة أيام.. كان الوضع لا يطاق».
واستطردت بالقول «عندما كنت أعيش فـي مدينة ديربورن، كانت «دائرة مكافحة الحيوانات» تلبي اتصالات المواطنين فـي غضون دقائق وتقوم بمعالجة الأوضاع على الفور، أما فـي ديربورن هايتس فالمتصل سيكون محظوظا إذا حضر موظفو الدائرة فـي غضون أسبوع».
وأشارت الزين إلى أنها شديدة الحذر من ترك طفلها الصغير يلعب خارج المنزل بسبب اكتظاظ المكان بالقوارض والآفات الحيوانية فـي الحي، خاصة فـي الأشهر الأخيرة.
«هذه الحيوانات لا تخاف من أي شيء» خلصت الزين الى القول، وأضافت «ولا تتورع عن الاقتراب من الأطفال الذين يلعبون فـي الحدائق الخلفـية (باك يارد).. إنني دائما ما أرى تلك الحيوانات وهي تتقدم نحو الأطفال فـي جميع أوقات النهار». ويبدو أن دعاوى السكان وتظلماتهم حول تقاعس «دائرة مكافحة الحيوانات» فـي بلدية مدينة ديربورن هايتس محقة وذات مصداقية، فقد حاولت صحيفة «صدى الوطن» الاتصال بالدائرة عدة مرات، ولم تحصل حتى موعد الإصدار على أي رد.
سامر حجازي – «صدى الوطن»