صحافيون وثقوا جريمة شاطئ غزة

زينة برجاوي
AM 02:27 2014-07-18
كانت صورة الأطفال الأربعة، إسماعيل، وزاهر، وعاهد، ومحمد، الذين قتلتهم بارجة إسرائيلية على شاطئ غزّة أمس الأوّل، بقساوتها، كفيلة بتقويض منظومة انحياز الإعلام الأميركي والغربي للجاني الإسرائيلي. أثار مشهد استهداف الأطفال وهم يلعبون على الشاطئ، صدمة كبيرة، انعكست موجة تعاطف لدى الصحافيين الأجانب. بعضهم امتلك جرأة التعبير بغضب، وبعضهم حاول قول الحقيقة، ولكن بخجل، ومن أن ينسى إعطاء المبرّرات لـ”إسرائيل” على فعلتها.
قتلت طائرات العدوّ أكثر من 200 شهيد منذ بداية العدوان، لكنّ الاهتمام بصورة أطفال آل بكر الأربعة، كان ناتجاً عن توثيق الكاميرات الجريمة لحظة حدوثها. وكان ذلك التوثيق ممكناً، لأنّ معظم المراسلين الأجانب في غزّة، يقيمون في فندق “الديرة” القريب من الشاطئ حيث سقط الأطفال الشهداء. ذلك ما وثّقه مراسل “ذا واشنطن بوست” آدم تايلور، في مقال بعنوان “هذا ما حدث حين قتل أطفال فلسطينيون أمام فندق يمتلئ بالصحافيين”، مشيراً إلى أنّ الفندق المذكور من بين الفنادق القليلة التي ما زالت تفتح أبوابها في غزّة. يكتب: “من عوامل الجذب التي يتمتّع بها هذا الفندق، أنّه يطلّ على الشاطئ والبحر المتوسّط، لكنّه بعد ظهر الأربعاء، أطلّ على مشهد مختلف تماماً: فرصة أن نشهد موت أربع أطفال”. ونقل تايلور التغريدات التي نشرها زملائه فور استشهاد الأطفال، ومن بين هؤلاء الصحافيين من شارك في عمليات الإسعاف. ووصف تايلور مقتل الأطفال بالأمر غير المنطقي، والفظيع، وختم تدوينته قائلاً: “وزارة الصحة الفلسطينية أعلنت أن 39 من أصل 209 فلسطيني الذين قتلوا حتى الساعة هم من الأطفال، إلا أن هؤلاء لم يموتوا أمام فندق الديرة”.
مراسلة قناة “تي أف 1” الفرنسيّة ليزرون بودول وثّقت لحظات قصف زورق حربي إسرائيلي الأطفال، في تقرير يتضمّن “صوراً قد تكون صادمة”، بحسب مذيع نشرة الأخبار الفرنسيّة. وثّق التقرير اقتراب زورقين حربيين من الشاطئ، وقصف أحدهما لكوخ أحد الصيادين. يصوّر التقرير هرب الأطفال بعد إطلاق القذيفة الأولى، وكيف أردتهم قذيفة إسرائيليّة ثانية شهداء، ويعرض انتشال المسعفين لجثثهم عن الرمال، وصرخات والدة تبحث عن ابنها.
مراسل “وول ستريت جورنل” نيك كاسي، كان في المكان ذاته أيضاً. وفي تقرير نشره موقع الصحيفة، يستعرض كاسي تفاصيل الحادث، وتتقاطع روايته تقريباً مع روايتي زميله تايلور وبودول، مع أنّ كاميرا الصحيفة لم تكن قادرة على تصوير القذيفة لحظة وقوعها. ويقول المراسل الأميركي، أنّ أحداً لم يفهم السبب الذي دفع بالزورق الحربي الإسرائيلي إلى قصف المكان المستهدف، إذ أنّ أيّ نشاط لـ”حماس” لم يسجلّ على ذلك الشاطئ.
هذه المرّة، لم تضيّع قناة “إيه بي سي نيوز” العنوان، إذ أشارت في تقرير إلى “مقتل أربع فتية فلسطينيين وهم يلعبون على الشاطئ”. وأشار مذيع الأخبار في القناة إلى أنّ ما يتمّ عرضه من صور، هو ما شهده مراسلها ألكسندر ماركورت بأمّ عينه في غزّة، حين هرع من الفندق ذاته، ليصوّر انتشار جثث الأطفال من بين الرمال. لا ينسى تقرير القناة الإشارة إلى موقف أوباما الذي أعلن عن حزنه لمقتل الأبرياء. كما ذكّر المراسل بأنّ “إسرائيل” تأخذ احتياطات عدّة، لتجنّب ضرب المدنيين، وأنّ بياناً صادراً على الجيش الإسرائيلي كشف أنّ “تحقيقاً بيّن أنّ الزورق الحربي كان يستهدف خليّة لحماس”.
من جهتها، خصّصت “نيويورك تايمز” صدر صفحتها الأولى، في العدد الورقي والعدد الإلكتروني، لنقل صورة عن المجزرة. لكنّ الصحيفة عدّلت العنوان الأصلي للتقرير الخاص بالمجزرة من “مقتل أطفال بانفجار على شاطئ قطاع غزّة”، إلى “صور الأطفال على شاطئ غزّة إلى مركز الصراع في الشرق الأوسط”. وفي تقرير لها، تسرد مراسلة الصحفية في القطاع آن برنارد كيف خرج أولاد الصيّاد للعب على الرمال، بعدما ضاقوا ذرعاً من الاختباء طوال العدوان.
المحاكمة الأقسى من قبل الإعلام الغربي لمسؤول إسرائيلي، جاءت على لسان المذيع جون سنو، في مقابلة أجراها على شاشة “تشانل 4″، مع الناطق باسم رئيس وزراء العدو مارك ريغيف. سأل سنو الناطق: “الهدف المعلن لهذه الحرب هو حماية المدنيين الإسرائيليين، كيف يمكن لقتل أطفال يلعبون على الشاطىء، المساهمة في تحقيق هذا الهدف”. السؤال أربك ريغيف، والذي تحدّث طوال المقابلة بصوت متقطّع، نتيجة أسئلة سنو المحرجة.
من جهتها، وصفت المذيعة في “روسيا اليوم” (القناة الأميركيّة) آبي مارتن، قتل الأطفال الأربعة، بجريمة حرب. واستضافت مارتن في برنامجها “برايكنغ ذا ست”، الصحافي البريطاني هاري فير، المتواجد في غزّة. تحدّث الأخير عن الأكاذيب الإسرائيليّة، وكيف أنّ دم الفلسطينيين بالنسبة لهم “دهم من السهل سفكه”.
وأثار التعاطف الإعلامي، استياءً كبيراً لدى الكيان الصهيوني. وأشار تقرير نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم”، أمس الأول الأربعاء، حول “مدى الاستياء الصهيوني وخيبة الأمل من تبني غالبية وسائل الإعلام الأجنبية للرواية الفلسطينية، بأن الاحتلال هو المعتدي والفلسطيني هو الضحية”.

السفير

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …