صبيحة العيد

بقلم : الأستاذ علي إبراهيم طالب
وندسور _ كندا
الله أكبر ….
الله أكبر ….
الله أكبر …
ولله الحمد
سمع هذه العبارة مرات عديدة وهو يشاهد المصلين وهم يحتفلون بقدوم العيد المبارك عبر شاشة التلفزيون ، أنه أذن يوم العيد والمفترض أن كل الناس تشعر بالسعادة بعد صيام شهر رمضان المبارك أعاده الله على الجميع بالخير والتوفيق والبركات .
تّميز ذلك الشخص انه دائم التفكير بالفقراء وذوي الدخل المحدود والذين بالكاد يحصلون على خبزهم وكفاف يومهم بكل صعوبة وبعد كّد وتعب من أجل لقمة العيش الكريمة والطاهرة والتي تبدو مُغّمسة بعرق الجبين وبالدم أحياناً كثيرة .
عندما يجلس إلى مائدة الإفطار في شهر رمضان المبارك مع أفراد عائلته كان يُردّد على الدوام عبارات الشكر والإمتنان لله تعالى على كل نعمه التي خّص بها بني البشر عامة ، وكانت تسكنه بشكل دائم غّصة تلازمه ومفادها كم من الفقراء والمساكين لا يجدون حتى بعض الأرغفة ليّسدوا رمق عيشهم فيما البعض من بني البشر تكفر بنعمة الخالق تعالى ولا تحمد الله على ما أنعمه عليها من صحة وعافية وارزاق .
كانت هذه المسألة تلازم تفكيره وعقله على الدوام وكان يُردّد وفي اي مجتمع أو مكان يحّل فيه أن على الإنسان العادي أن يرضى ويقنع بما أعطاه إياه الله تعالى وان لا يحاول الإنسان أن يتذاكى أو يلجأ إلى الطرق الملتوية والغير شرعية للحصول على المال مهما كانت الظروف والمعطيات التي تواجه الإنسان ، وهذه قمة أنسانية الإنسان بالحفاظ على كرامته وأخلاقه الحقة في كل مكان وزمان عامة .
كان يرى ويشاهد بأم العين التناقض الكبير والفاضح في هذه الحياة فمجتمعات بأسرها تعيش الترف والتبذير في كل مراحل الحياة ، وعلى الصورة المعاكسة يبدو الفقر المدقع والحياة البائسة هي سيدة الموقف في مسيرة أمم وشعوب بأسرها تعاني ما تعانيه من مشاكل وتعقيدات لها أول وليس لها أي أخر .
كانت زوجته تنتبه إلى شروده الدائم وتفكيره المستمر وعلى مدار الساعة وكان تُردّد أمامه المعزوفة التي حفظها عن ظهر قلب :
( هل تريد أن تحمل هموم العالم ومشاكله وعذاباته فوق رأسك دوماً ) ؟؟؟
لم يكن يمتلك أي جواب لهذا السؤال المتكرر والمُلح دوماً .
يتّذكر وهو طفل صغير أن المآسي البشرية والإنسانية كانت تّهزه بعنف فحتى لو رأي متسول في الشارع كانت صورة ذلك المتسول لا تُمحى من ذاكرته الطفولية البريئة ويتذكر أنه كان يفاجئ معلماته وأساتذته في المرحلة الإبتدائية من دراستة بكتابة قصص بسيطة وعفوية تحكي عن هموم وعذابات البشر والناس التي لها بداية ولا يوجد لها أي نهاية على الإطلاق .
في صبيحة يوم العيد هذا شاهد تقارير تلفزيونية عن أحوال الناس في هذا العيد في فلسطين والعراق وأفغانستان وباكستان ومناطق متفرقة أخرى من العالم ، في مآساي بشرية يبدو انها تتلاحق ولا نهاية لها .
لا يقدر ان ينسى من ذاكرته صورة ذلك الطفل الذي فقد كل أفراد عائلته وبقي وحيداً يواجه مصيره يتيماً وإلى الأبد .
انتحى جانباً في احدى غرف المنزل وبكى كما لم يبكي من قبل وسخر كثيراً من تلك المقولة التي تقول ( أن الرجال لا يبكون ) ، نعم هو بكى ويبكي على المآسي والمصائب ألتي تصيب البشر بغّض النظر عن ديانتهم ولون بشرتهم فكل الناس في قاموس تعامله اليومي هم بشر من أحاسيس ودم ولحم .
متى نرى انسانية الانسان وقد تم احترامها ووضعها في مكانتها العالية واللائقة لكل كائن بشري في هذه الحياة عامة .

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …