صابر الرباعي نموذجاً للتطبيع مع الكيان

شرف الدين
لم يجد الفنان العربي التونسي صابر الرباعي مكاناً شاغراً في بقاع الأرض سوى الأراضي المحتلة ليمنّ على فلسطين بزيارة فنّية، لا زيارة تضامن واستنكار لما يشهده قطاع غزّة.  

ضاقت البلاد العربية والأجنبية أجمع بالفنان العربي ليطلّ علينا من الضفة الغربية عابراً إليها بتصريح إسرائيلي ويؤنس السامعين والحاضرين هناك بمواويله وأغنياته العربية، في حفل غنائي أُقيم مساء الجمعة الفائت في مدينة “الروابي”، التي تخضع بمعظمها لسلطات الاحتلال.

الرباعي قال في تصريح تلفزيوني خلال تواجده في فلسطين أنه أتى لـ “نصرة القضية الفلسطينية”، متوّجاً كلامه هذا بصورة تذكارية مع أحد ضباط الاحتلال، أذهلت أصحاب الضمير نظراً لقساوتها.. صابر يقف مبتسماً وبجانبه ضابط، تكاد لفرحة لا تسعه، مرتدياً زيّه العسكري المزّين بالرتب العسكرية الظاهرة على كتفيه، والتي برّر الرباعي لاحقاً أنه لم ينتبه لها. 

الرتب والصورة ليست وحدها آثار الجريمة يا صاحب لقب “أمير الطرب العربي”، فزيارتك العزيزة للتضامن مع الشعب الفلسطيني بإقامة حفل غنائي راقص بتنسيق إسرائيلي، وفي الوقت الذي ينام فيه أطفال ونساء وشيوخ غزّة على أصوات الغارات وعزف طائرات العدو الذي استضافك على أكمل وجه، كفيلة بأن تظهر الوجه الآخر للأمير العربي الذي لم يبق له من العروبة سوى أغنياته التي رسخت في أذهاننا وانتهت إلى هذه اللحظة. 

الرباعي أبدى سعادته بعد الزيارة التي قام بها إلى مدينة رام الله وإحياء حفل فني في مدينة روابي مساء الجمعة، إلى أن باغته الحساب الاسرائيلي المسمى “وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق” وقام بنشر الصورة مع الجندي الاسرائيلي، ليعيد ذلك المستعرب المزعج أفيخاي أدرعي (المتحدث باسم جيش الاحتلال) نشرها مجدداً، ليجد نفسه الرباعي في مأزق لا يمكن الخروج منه سوى بمحاولة استغباء عقول الناس والاستخفاف بها. 

المكتب الإعلامي لصابر سارع بالنفي بأن الأخير لم يكن على علم بهوية هذا الجندي، وتابع مبرّراً ان “الضابط تقدم وطلب التصوير معه، معرفًا نفسه باللغة العربية وأنه من الطائفة الدرزية، ووافق صابر على هذه الصورة بحسن نية وبشكلٍ عفوي كما عهدتموه”.

وأضاف بيان المكتب الإعلامي تعقيباً شخصياً من الفنان قائلا: “لشغفي الشديد للقاء فلسطين لم تستوقفني تفاصيل تبين لي لاحقاً أنها بهذه الأهمية، إن النسيج الفلسطيني مركب، ويختلط الأمر في بعض الأحيان على كثير من العرب لفهم تفاصيل وتركيبة المجتمع الفلسطيني البطل، والتقسيمة التي أرادها الاحتلال أن يتعايش معها، حيث لم تخل حفلة صابر من الإخوان الفلسطينيين سكان أراضي 48، ومن جميع الطوائف والأطياف الفلسطينية”، وختم البيان ان صابر يؤكد “تنفيذه المبدأ القائل: زيارة المسجون لا تعني تطبيعاً مع السجان”.

أي مسجون قام بزيارته صابر؟ وبأي صفة جاء بهذه الزيارة؟ هل التضامن العربي مع المسجون والمحاصر تكون بالغناء على أراض محتلة وتحت رعاية المُحتل نفسه وبدعوة منه؟ بالتطبيع نقاوم المحتل؟ 

فلسطين التي تئن وجعاً من كثرة آلامها لا ينقصها من يرقص على أطلال أطفالها، فـ “دعم ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه” وغيرها من الشعارات التي اعتاد العرب على المناداة بها وجهل معناها، لا تكون بهذا الشكل، فما بدر من صابر الرباعي الذي عرفناه بأصالة وعراقة صوته خيّب آمالنا، الصورة الكبيرة عن فلسطين، صورة الأرض والشعب الذي طُرد من وطنه بالقوة بدأت بالتلاشي، ويبدو أن “عزة نفسه” لصابر الرباعي سمحت له مع الأسف بوضع يده بيد ملطّخة بدماء الأبرياء. 

المصدر: تلفزيون الجديد

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …