السفير- 14 آذار 2002
ابى المعلم محمد علي شرارة ابن بنت جبيل، نجل الشيخ حسين محمد شرارة (1926) المتخرج حديثا من دار المعلمين والمعلمات في العام 1950، ان يلقن دروسه الاولى الا في مارون الراس، جارة بنت جبيل، ومهد ولادته ونشأته وريعان الصبا، في كنف جده لأمه الشيخ عبد الكريم شرارة، حلم راوده مذ كان يرصد مناهل الحياة ومعانيها في أفيائها وتحت قبتها المطلة من علو على الجليل وصفد وجملة من قرى لبنانية اقتطعها الاحتلال الاسرائيلي يوم ابصر النور.
ويُحفظ لأبي جمال، الكنية المحببة الى قلبه وافئدة اترابه وأحبابه، انه صنع المدرسة في مارون الراس، بل اطلق شرارة الثقافة فيها، اتى اليها وهو ملم بها، تقيدُ اهلَها جملة من العادات والتقاليد التي حرمت ابناءها الاوائل الدراسة والمعرفة، بل تعدى الامر لأن يكون معظمهم (الف ومائتا نسمة) غير مدون في سجلات النفوس، فالأموات كانوا احياء، والأحياء ظلوا مكتومين، وتمكن في العام الدراسي الاول 19511950، من تسجيل 93 تلميذا، ثلاثة منهم يحملون الهويات اللبنانية والباقون اوراق مختار، وبعد جهد تم تثبيت هوياتهم، ثم واظب “حفيد الشيخ” على تلقينهم بدوام كامل على دفعتين، “واحدة قبل الظهر وأخرى بعده، وفي ايام العطل والجمعة والاحد، ومن دون علم “الدولة” ومن غير طاولات”.
وفي العام التالي ارسل فريقا من الاهالي فأحضروا 12 طاولة من حديد وخشب “قطراني”، من مدرسة في “صالحة” للإنكليز، وفريقا اخر الى راس الاحمر في الجليل قرب صفد فأحضر 12 طاولة اخرى، وتم شراء طاولات لخمسة تلاميذ، وظل يعلم في المدرسة التي اسس قرابة عشر سنين حتى زاره المفتش التربوي ايلي خياط واقترح نقله الى المدرسة الرسمية العالية للصبيان (عبد اللطيف سعد حاليا) في بنت جبيل، وكانت موزعة في مطارح عديدة، ثم نقل بعد سنة (1962) الى مدرسة البنات الرسمية بغية تأسيس الفرع المتوسط فيها مع نخبة من المعلمين الذين تمكنوا في اقل من خمس سنوات، الى جانب مديرتها سكنة شرارة، من ايصال عدد التلميذات فيها الى 635 تلميذة، وكان ابو جمال ناظرهم العام، وتقدمت منهن 46 تلميذة الى الشهادة المتوسطة في العام 1967، ونجحن جميعهن في دورتين متتاليتين.
ترك مدرسة البنات في العام 1973، بعد الاصرار على تعيينه مديرا، في اعقاب تقاعد المديرة سكنة شرارة، “اعترضتُ لأسباب خاصة، لو كان التعليم لا يزال رسالة لبقيت، غير انه تحوّل الى وسيلة، وانتقلتُ ناظرا لمهنية بنت جبيل بعدما حُوربت سياسيا”.
في العام 1976 تحولت المدرسة المهنية الى مجمع سكني لأكثر من مئة عائلة تهجرت من برج حمود والنبعة والدكوانة وتل الزعتر، بسبب الحرب الاهلية، فأقفلت، ثم كان التهجير العكسي في العام 1978 بسبب الاجتياح الإسرائيلي وظلت مقفلة حتى العام الدراسي 1982 1983 حيث استعادت نشاطها ليقوم ناظرها محمد علي شرارة بمهام الادارة بسبب وجود مديرها الاصيل حسين بيضون خارج المنطقة، والذي حاول اقناع شرارة بتسلم ادارتها والاشراف على الدروس النظرية، فرفض الاخير. وفي العام 1988 وبسبب سفر مدير المدرسة التالي احمد جابر بزي، عينت مديرية التعليم المهني محمد علي شرارة مديرا بالتكليف، فقبل مؤقتا ثم تنحى في نهاية العام الدراسي ليعين غسان سعيد بزي مديرا اصيلا.
تلقى محمد علي شرارة دروسه الاولى في بنت جبيل، وفي العام 1943 في النبطية. اما مرحلته المتوسطة فقد قضاها في مقاصد صيدا التي كان ناظرها العام الشهيد معروف سعد “الذي زرع فينا روح الثبات والمقاومة”.