سيكبر علي

سيكبر علي  
سيكبر علي . لن يتذكر كثيرا لحظات لهوٍ مع والده. لن يكون معه أبوه في حفلات عيد ميلاده. لن يسير الى جانبه في ملاهي الاطفال. لن يقطف له نجمة في ليلة صيف. لن يسرح له شعره لو لفحه الهواء . لكن علي سيمسع قصصا كثيرة قد تنسيه بعض حزن وبرد.

 ستروي له الأرض قصة شاب زاخر بالحياة، أحب زعميا عربيا اسمه جمال عبد الناصر فحمل اسمه نبراسا صوب جنوب الجنوب. ستروي له أشجار الزيتون والليمون وزهر الاقحوان والرمان ، عن يافع جعدي الشعر لامع العينين قوي العزيمة مرَّ من هناك صوب فلسطين.نسي بعض روحه معلقا على شتلة تبغ في سهول فقراء الجنوب، وأخذ بعضها الأخر يرميه على العدو. ستروي له الحجارة والبيوت العتيقة وأجراس الكنائس ومآذن المؤمنين، قصة مناضل دخل الى المعتقل برتبة فدائي يافع فصار عميدا. دخل المعتقل ساخرا من عدوه، وخرج مبتسما بلغة الانتصار.   

سيكبر علي، وعلى وجنتيه بعض آثار قُبلٍ،وبعض رائحة كرامة ممزوجة بعرق الجبين. سيسأل عن سر الغياب الطويل لرجل لاعبه مرة او مرتين ثم رحل. ستجيبه الأرض والشجر والحجر والتراب والقمر وروايات الناس، عن رجل لوحت الشمس محياه بعد غياهب المعتقلات، عن عريس بالابيض ضحك كثيرا ليلة زفافه وهو يتذكر كلام سجّانيه من شياطين الأرض بأنه لن يخرج الى الشمس.  

سيكبر علي، قد ينسى ملامح الوجه لولا الصور، وقد يبرد قليلا بسبب غياب الدفء، وقد يحزن وقد يبكي، لكن التاريخ والجغرافيا والأرض والسماء وكل ألسنة الشرفاء في هذه الأمة ستقول له: ان ثمة رجلا آمن بأن لا فرق بين فلسطين ولبنان وسوريا ومصر عبد الناصر وأي أرض عربية كريمة، وستقول له، ان ثمة بطلا أمضي جل حياته في معتقلات اسرائيل دفاعا عن فلسطين، وفقد ما بقي من حياته من أجل سوريا، فصار نجمة بين عسقلان والجولان. 

سيكبر علي فاقدا بعض حنان الأب، لكنه حتما سيكبر في حقل من مجد واعتزاز وكرامة، لا تنبت فيه الا رائحة العنفوان، وياسمين دمشق وزيتون فلسطين واقحوانة جنوبية . سيعرف أن والده أستشهد ليس كرها بالحياة التي صدمته في بعض جوانبها بعد خروجه من المعتقل، وأنما لأنه يحب ان يكبر علي ومعه كل اطفال العرب في حقول العز. 

يحزننا يا علي اننا فقدنا قلبا طاهرا مقاوما، ويحزننا أكثر ان يستشهد والدك مدافعا عما بقي من كرامة عربية، بينما النظام العربي يتسلل في ظلام الليل وتحت أجنحة التكفير حاملا ذلّه وخيانته لعدو الأمة والتاريخ والجغرافيا والانسانية والبشر والحجر. 

لكن يفرحنا، ان والدك، حقق ما كان يصبو اليه، ان يستشهد لأجل الأرض وضد اسرائيل وليس في واحدة من فتن الجهل والجاهلية. سيشتاق اليك حتما، لكنه اعتاد على قتل الشوق. فلا تحزن يا علي . هو استشهد لأنه يحبك. 

هل تعرفون من هو والد علي ؟؟؟؟؟؟

سامي كليب

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …