رسالة فلسطين

وَجَّه مفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني رسالة فلسطين الى كل العرب والمسلمين الاتي نصها:
أيها العرب، أيها المسلمون،
إن خطابي هذا هو رسالةٌ صريحةٌ وواضحة، إلى كلِّ العربِ والمسلمين في صراعِهِمُ الطويل مع عدوِّهِمُ اليهوديِّ الأجنبيّ المحتلِّ لأرضِهم المقدَّسةِ فلسطين، وذلكَ لِما أخَذَهُ اللهُ على العلماء الذينَ يُبلِّغونَ رسالاتِ ربِّهِم “لتُبَيِنُنَّهُ للناسِ ولا تكتُمونَه”، وإذا كانت إسرائيلُ أيها الإخوة هيَ التي تُصِرُّ على إعلانِ يَهوديَّةِ دولتِها الغاصبة في فلسطين، فإن الصوابَ أن نَصِفَ هذا العدوَّ دائماً بأنهُ “اليهوديُّ الأجنبيُّ المُحتلُّ لأرضِنا العربيةِ المقدَّسةِ فلسطين”، تميِيزاً لهُ عن اليهوديِّ الفلسطينيِّ العربيِّ المواطن الذي له الأمن والأمان.
ولذلكَ فإنَّ الدولَ الكبرى، التي أنشأَت إسرائيلَ على أرضِ العرب في فلسطين، واستصدَرَت لها قراراً بشرعيةِ اغتصابِ أرضِ الغَيرِ منَ الأُمَمِ المتحدة عام 1948م، وجعلَتها قاعدَتها الأجنبيةَ في المنطقةِ العربية في أعقابِ الحربِ العالميةِ الثانية، هي التي تتحمَّلُ مسئوليةَ كلِّ الحروبِ والجرائم التي ارتكَبَها اليهودُ ومنظماتُهُمُ الإرهابيةُ بحقِّ الشعبِ الفلسطينيِّ منذُ ذلكَ التاريخِ وحتى اليوم.
أيُها الإخوة:
إنّ حرب إسرائيلَ اليومَ على غزَّة، ما كانَت لتَكونَ، لولَا تهاوُنُنا نحنُ العربَ والمسلمينَ في حقِّ فلسطينَ وشعبِها، وما ضَياعُ فلسطين منَ العَرَب، إلاَّ نتيجةً لعَجزِ دُوَل سايكس – بيكو العربيةِ، عن مواجهةِ إسرائيلَ الإرهابية مواجهةً تُنهي احتلالَها لفلسطين العربية، وتُحرِّرُ فلسطينَ منَ الاحتلال، لتعودَ عربيةً خالصة؛ فإذا أضفنا إلى هذا العجزِ الواضح، مَّا تُخطِّطُهُ سياسةُ الفوضَى الخلاَّقة التي تنتهجُها سياسة الولاياتِ المتحدةِ الأميركية وبشَّرَت بها وزيرةُ الخارجيةِ الأميركية “رايس” في حديثها الصحفي مع جريدة “واشنطن بوست الأميركية في مطلع عام 2005، بحُجَّةِ نشرِ الديمُقراطيةِ في المنطقةِ العربيةِ ودُوَلِها، لنَسفِها وإعادةِ تشكيل المنطقة العربيةِ من جديد تحتَ اسمِ “الشرقِ الأوسط الكبير” لتُصبح فيه إسرائيل الدولةَ الأقوى، وإعاقَة العرب عن التفكيرِ نهائياً بفلسطين،
أيها العرب، أيها المسلمون، أيها القادة، أيها الشعوبُ العربيةُ والإسلامية:
لا أظنُّكُم تجهلونَ الأخطارَ الهائلةَ القادمةَ التي تَـتَهدَّدُكم، وتَـتَهدَّدُ أُمَّتَكم وشعوبَكُم ودُوَلَكُم من جهةِ إسرائيل، التي تحتَلُّ اليومَ أرضَكم المقدَّسة فلسطين، خاصةً عند قدومِ “دجَّالِ اليهود”، الذي ينتظرُهُ اليهودُ أنفَسُهُم ليبنيَ لهم هيكَلهم على أنقاضِ المسجدِ الأقصى كما يزعُمون، ويُقيمَ لهُم دولتَهم منَ الفراتِ إلى النيل، وإلاَّ فما معنى الخَطَّينِ الأزرَقَينِ على علمِ إسرائيل الذي يرمُزُ أحَدُهُما إلى الفُرات في العراق، والآخَر إلى النيل في مِصر؟ لقد نبَّهنا سيِّدُنا ونبيُّنا محمدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من فتنةِ “دجَّالِ اليهود” القادِمة، ومن جرائِمِهِ وإفساِدهِ في الأرض لنُصرةِ اليهود، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “إنهُ ما من فتنةٍ، جاءَت على بني آدَمَ، مُنذُ خلقَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها، أعظَمَ من فتنةِ الدَجَّال، يا عبادَ اللهِ فاثبُتوا”.
فالثَّباتَ الثَّباتَ يا أمةَ العربِ والإسلام في وجهِ إسرائيلَ الإرهابية، وفي وَجهِ الأحداثِ الكُبرى القادمةِ في قريبٍ أو بعيد، أُثبُتوا بوَحدَتِكُم، وبإيمانكُم وبِإخلاصِكُم للهِ وحدَهُ تُنصَروا، ولا تَيئَسُوا أبَداً مهما عظُمَتِ الجراح، طَهِّروا صفوفَكم من الظُلمِ والقتلِ والإيذاءِ عدُواناً بغيرِ حقٍّ على الناس كما يفعلُ اليومَ بعضُ من يرفعونَ شعاراتِ الإسلام، نَــقُّوا مجتمعاتِكم من التَطَرُّفِ الذي يُفرِّقُكُم ويُمزِّقُ أُمَّتَكم، إجعلوا كلَّ قِـواكُم وقُـوَّتَـــكم في وجهِ عدُوِّكُمُ الصُهيوينيِّ الإرهابيّ، الذي يحتلُّ اليومَ أرضَكُم وَوَطنَكم فلسطين.
وَاعلموا أنَّ إسرائيلَ الإرهابيةَ اليوم، هيَ مصدَرُ الخطَرِ الجسيمِ على أُمَّتِكُم وعلى شعوبِكُم، وعلى كياناتِكُم كلِّها دونَ استثناء، وإذا لم تستَيقِظوا باكِراً وتُعِدُّوا للصَّهاينةِ الإرهابيينَ المحتلينَ لفلسطينَ ما استَطَعتُم من قوَّة، فَسَوفَ تندَمونَ حينَ لا ينفَعُ النَّدَم.
أيها الإخوة،
إن مَقتَلَ ثلاثةٍ منَ الُمستَوطنينَ الإسرائيليينَ في الشهر الماضي، ليسَ إلاّ ذريعةً إسرائيليةً تُضافُ إلى سلسلةٍ لا تنتهي من ذرائعِ إسرائيل لتنفيذِ مُخَطَّطاتِها للسَّيطرةِ تدريجياً على كلِّ فلسطين، وإنهاءِ وجودِ الشعبِ الفلسطينيِّ على أرضِهِ بالقَتلِ والتَّهجير.
بالأمس، تفاجَأَ اليهودُ الصهيانةُ الإرهابيونَ بالمُصالحةِ الفلسطينية الفلسطينية، فجُـنَّ جُنونُ إسرائيلَ الإرهابية، التي أطلقَت سلسلةً من التهديداتِ المُتَتابعة، وَتوقَّعنا وتوَقَّع العارفونَ معنا بعقليةِ إسرائيل وعقليَّةِ قيادَتِها التي تلجأُ دائماً إلى الذرائعِ والمُبَرِّرات، وتُقدِّمُ نفسَها للعالَمِ كـَضَحيةٍ، لتَبريرِ عُدوانِها دائماً، وهوَ اليومَ على غزَّة، وهذا ما حصلَ بعد المصالحةِ الفلسطينية، إذ أعلنَ اليهودُ الصهاينةُ الإرهابيون، أن ثلاثةً منَ المستَوطِنينَ اليهود قدِ اختُطِفوا بأيدي فلسطينيين، ولم تقدِّم إسرائيلُ الإرهابيةُ دليلاً واحداً على هذا الِاتِّهام، وبعدَ مسرحيةِ خَطفِ مُستَوطِنيها الثلاثة، أعطت إسرائيلُ الذَّرائِعَ والتَبريرَات، والغِطاءَ الكامِلَ لمُستَوطنيها لِاختِطافِ الفَتى المقدِسيّ محمد أبو خضير ابنِ السادسةِ عشَرةَ وتَعذيبِهِ وإحراقِهِ في جريمةِ قتلٍ إرهابيةٍ لم يسبِق لها مثيل.
وها هيَ إسرائيلُ الإرهابيةُ اليوم، تَشُنُّ الحربَ الضَّروس التي مَهَّدَت لها على غزَّة، وها هو “ليبرمان” وزيرُ خارجيةِ إسرائيل يخيِّرُ بالأمس إخوانَنا في غزَّةَ بأنَّ عليهِم إمَّا أن يهرُبوا، أو يُقتَلوا، أو يُعتَقَلوا، تنفيذاً لمُخطَّطاتِ إسرائيل للَّسيطرةِ على فلسطينَ كُلِّها، ولا زالَ حمَّامُ الدَم الإسرائيليّ جارياً بحقِّ شعبِ فلسطينَ وغزَّة حتى لحظةِ بدءِ خطابي هذا.

أيها العرب، أيها المسلمون،
تنبَّهوا جَيِّداً، إلى أهدافِ حَربِ إسرائيلَ اليومَ على شعبِكُم في فلسطينَ وغزةَ، إن إسرائيلَ الإرهابيةَ تعاقبُ اليومَ الفلسطينيينَ على ارتكابِهم “جريمةَ” المُصالحةِ بينَهُم، إنها تُريدُهُم وتُريدُكُم مُمُزَّقينَ غيرَ مُوَحَّدين، إنها تُعاقِبُهمُ اليومَ لأنهم حَقَّقوا وَحدَتَهم في مواجهةِ احتلالِها لأَرضِهِم، فيما العالَمُ الأُمَمِيُّ الخارِجِيّ، بعضُهُ صامِتٌ، وبعضُهُ الآخَرُ يدعَمُ العدوانَ الإسرائيليَّ الإرهابيّ، فيُدافعُ عن إسرائيلَ الإرهابية، ويَدعَمُها بالمالِ والسلاحِ والغطاءِ السياسيّ، وإذا عُرِضَ العدوانُ الإسرائيليُّ الإرهابيُّ على الأُممِ المتحدةِ ومجلسِ الأَمنِ الدُوَليّ، فَفيتُو الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيّةِ جاهزٌ لإجهاضِ أيِّ قرارٍ أُمَمِيٍّ يُدينُ إسرائيلَ الإرهابيةَ على عُدوانِها، ولو على الوَرَق.
أيها الإخوة، يا أبناءَ الأُمةِ التي أرادَ اللهُ لها أن تكونَ خَيرَ أُمةٍ أُخرِجَت للناسِ بالوَسَطِيَّةِ والِاعتِدال:
إنّ العربَ والمسلمينَ اليومَ، دُوَلاً وقادةً وشعوباً، أمامَ الِامتحانِ الكبير، في التصَدِّي للعدوانِ اليهوديِّ الإرهابيّ على شعبِ فلسطينَ المُنتَصِرِ بالله، فالشبابُ الفلسطينيُّ المُقاوِمُ اليوم، يكتُبُ التاريخَ المُشَرِّفَ للعربِ وللمسلمين في تصديهم للاحتلالِ اليهوديِّ الصُهيونيِّ في أرضِ الجهادِ في فلسطين، وإنّ وحدةَ العربِ والمسلمينَ اليوم، والتفافَهم حولَ المقاوَمةِ التي تتصدَى للعدوِّ اليهودي الأجنبي المحتَلّ، والوقوفَ إلى جانبِها ودعمِها، هو واجبٌ دينيٌ وشرعيٌّ على كل مُسلمٍ ومُسلمة، وَوَاجبٌ قوميٌ على كل عربي، لتغييرِ واقعِ الذُلّ، الذي يعيشُهُ العربُ منذُ احتلالِ اليهودِ الأجانبِ لفلسطينَ عام ١٩٤٨م، ولتحويلِ الانتصارِ العربيِّ بالمقاومة، إلى واقعٍ يفرضُ نفسَهُ بقُوَّةٍ في ميزانِ الصِّراعِ مع العدُوِّ الصهيونيِّ المحتلِّ لفلسطين، هذا الصِّراع، الذي لن ينتهيَ مهما طالَ الزَّمَن، إلا بتحريرِ كلِّ فلسطين كما حرَّرها من قبلُ عُمَرُ وصلاحُ الدينِ إن شاءَ اللهُ تعالى.
أيها العربُ والمسلمون:
إن إسرائيلَ قاعدةٌ أجنبيةٌ استعمارية، وهيَ أثَرٌ من آثارِ اقتسامِ النُّفوذِ الأجنَبيِّ في العالم العربيِّ بين الدولِ الكُبرى في أعقابِ الحربِ العالميةِ الثانية، وهيَ مَصدرُ التهديدِ الدائِم، لأمنِ وسلامِ واستقرارِ المنطقة العربية كُلِّها.
أيها العرب، أيُها اللبنانيون، أيها المسلمون:
يقول نبيُّكُم ورسولُ اللهِ إليكم، محمدٌ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: “من قُتِلَ دونَ مالِهِ فهو شهيد، ومَن قُتِلَ دونَ دينِهِ فهو شهيد، ومن قُتِلَ دونَ دَمِهِ فهو شهيد، ومن قُتِلَ دونَ أهلهِ فهو شهيد”، والمقاوِمونَ المجاهدونَ اليومَ في فلسطين، ومن ورائِهم كلُّ المؤمنينَ بالله، يعلمونَ أمرَ اللهِ وتكليفَهُ لهم بالجهادِ والمقاومةِ للمحتلِّ الصهيونيِّ الأجنبيِّ في قلبِ فلسطين حتى التحريرِ الكاملِ لفلسطين، وهُم ماضونَ في معاركِهم على بصيرةٍ، وهُم على يقينٍ بأنَّ اللهَ ناصِرُهُم في النهاية، رغمَ تَباطُؤِ إخوانِهِمُ العربِ والمسلمينَ عن نُصرتِهم، وهُم بقوَّةِ إيمانهم وعَزائِمِهم، في جهادِهِم ثابتونَ، وفي الحربِ رغمَ شِدَّتِها عليهِم صابِرونَ ولا يتراجعون، وشِعارُهُم قَولُ اللهِ تعالى في القرآنِ الكريم: “وَلا تَهِنُوا وَلا تحزَنوا وأنتُمُ الأَعلَونَ إن كنتُم مؤمنين”.
***يا شعوبَ العربِ والمسلمين، إن كانت دوَلُكُم مقَصِّرةٌ في حَق فلسطينَ وأهلِها، فالواجبُ عليكم أن تَحُثُّوا قادَتَـــكم ودوَلكُم على نُصرةِ فلسطينَ وأبنائِها، لقد آنَ الأَوانُ لكم أن تفرضوا أنتُم الشعوبُ قواعدَ الصِّراعِ معَ العدُوِّ المحتَلِّ لأرضِكم، وأن تَنصُروا فلسطينَ وتُناصِروا أهلَها، كَما آنَ الأَوانُ لدوَلِكُمُ العربيةِ والإسلامية أن تَتَسابقَ في دَعمِ حَركاتِ المقاوَمةِ للعدُوِّ الصُهيونيِّ المحتلّ، وأن تَتَصدَّى بنفسِها لهذا الكَيانِ الأجنَبيِّ المحتلِّ الغاصِبِ لأَرضِنا ومُقدَّساتِنا في فلسطين.
أما أنتُم أيها الفلسطينيونَ رجالاً ونِساءً، شباباً وأطفالاً، أنتُم أحبابُ الله، أنتُم جنودُ اللهِ في الأرض، لقد حرَّرَ عُمَرُ بنُ الخطابِ الأرضَ المُقَدَّسةَ في وطَنِكُم فلسطينَ من قبل، ثمَّ حرَرَها صلاحُ الدينِ الأيوبيُّ من بَعد، وأنتُمُ اليومَ قادةُ تحريرِ الأرضِ المُقَدَّسةِ وتحريرِ وطَنِكُم فلسطينَ من جديد، فالمُقاوَمةَ المُقاوَمَةَ يا شعبَ فلسطين، حافِظوا على مقاوَمَتِكم، عدُوُّكُمُ اليهوديُّ الأجنبيُّ المُحتَلُّ يُريدُ وأدَ مُقاوَمَتِكُم وخنقَها ودَفنَها حيَّةً، أُثبُتوا في وَجهِ عدُوِّكُم، مُقاوَمَتُكُم هيَ “جَيشُ الجيوشِ لتحريرِ فلسطين”، مقاوَمَتُكم هيَ فرضُ عينٍ عليكُم، فاثبُتوا عليها ثَبَّتَكُمُ الله، حتى تُحَرِّروا وطَنَكم منَ الأجنَبيِّ المُحتَلِّ في فلسطين، واصبِروا في جهادِكُم، وَسيَجعَلُ اللهُ لكُم من بعدِ عُسرٍ يُسراً، وقد قال اللهُ تعالى لكم في القرآنِ الكريم: “إن كنتُم تألَمونَ فإنهم يألَمونَ كما تألَمون وتَرجونَ منَ اللهِ ما لَا يَرجون”،
أُثبُتوا ثَبَّتَكُمُ اللهُ واصبِروا وأبشِروا، وَاللهُ يواسيكُم على ما أصابَكُم ويقولُ لكُم في كتابِهِ العَزيز: “إن مَسَّكُم قَرحٌ فقد مَسَّ القَومَ قَرحٌ مِثلُه*وتِلكَ الأَيَّامُ نُداوِلُها بَينَ الناس*وَلِيَعلَمَ اللهُ الذينَ آمَنوا وَيَتَّخِذَ مِنكُم شُهَداء*واللهُ لَا يُحبُّ الظَّالمين”؛ ويواسيكُمُ اللهُ أيضاً ويُبَشِّرُكُم فيقولُ لكُم في القرآنِ الكَريم: “أَم حَسِبتُم أن تدخلوا الجنَّةَ وَلَمَّا يأتِكُم مَثَلُ الذينَ خَلَوا مِن قَبلِكُم* مَسَّتهُمُ البَأسَاءُ والضَّــــراءُ وَزُلزِلوا حَتَّى يقولَ الرَّسولُ والذينَ آمَنوا مَعَهُ مَتَى نَصرُ الله أَلَا إنَّ نَصرَ اللهِ قريب”.
أيُها المؤمنونَ الصابرونَ في فلسطين، أيُها المُجاهِدونَ في غزَّةَ:
في رمضانَ المبارَك، وفي لياليهِ الحالِكَةِ عليكُم، التي تواجهونَ فيها النفيرَ العامَّ للعدوِّ الصُهيونيِّ الإرهابيّ ودبَّاباتِهِ وطائراتِهِ التي تقتُلكُم وتُدَمِّرُكُم ليلاً ونهاراً بلا رحمة! الأرضُ المُقدَّسَةُ في فلسطينَ تستَغيثُ باللهَ وتُناديكُم، أُثبُتوا ثَبَّتَكُمُ الله، تلَجَّموا بلِجامِ قُدرةِ اللهِ وأنتُمُ المؤمنونَ الصَّابرون، إستَعينوا باللهِ وَاصبِروا، فالعاقبَةُ للمُتَّقين، ولكُمُ اللهُ يا أهلنا في فلسطينَ وفي غزَّة رجالاً ونساءً وأطفالاً، لَكُمُ الله، ولن يُضَيِّعَكُمُ الله.
أما اليهودُ الأجانبُ الصهايِنةُ المحتلينَ لوَطَنِكم فلسطين اللهُ أكبَرُ سَيفُ اللهِ قاطِعُهُم، كلَّما علَوا في أمرِهِم هَبطُوا، اللهُ أكبَرُ سَيفُ اللهِ قاطِعُهُم، كلَّما علَوا في أمرِهِم هَبطُوا، بعِزَّةِ اللهِ هَبَطوا، بقوَّةِ اللهِ هَبَطوا، بقُدرةِ اللهِ هَبَطوا، وقد قال اللهُ تعالى في القُرآنِ الكريم: “سَنَستَدرِجُهُم مِن حيثُ لا يعلَمون*وأُملي لهُم إنَّ كَيدي مَتين”، “واللهُ غالبٌ على أَمرِهِ ولكنَّ أكثَرَ الناسِ لا يعلمون”.
أما العرَبُ الذينَ لم يتحرَّكوا بعدُ لمُسانَدَتِكُم أيُها الرجالُ والنِّساءُ الفلسطينيون، فهُم مَحرومونَ من نعمةِ الله، ومِن ثوابِ الجهادِ والشهادةِ معَكُم في سبيلِ الله، وسيَضطَّرُّهُمُ اللهُ إلى الجهادِ معكُم في مستقبلٍ قريبٍ أو بعيد، حينَ يُداهِمُهُم الخَطَرُ الصٌهيونيُّ الإرهابيُّ الآتي، ويدُقُّ أبوابَهُم كما يدُقُّ اليومَ أبوابكُم في غَزَّة.
فلنَضرَع إلى اللهِ يا أهلَ اللهِ في ليالي رمضان، في شهرِ النَّصرِ والِانتِصارات، بالتأيِيد والنصرِ لفلسطينَ وغزةَ وأهلِها، لِرجالِها ونِسائِها وأطفالِها، ولنَستَنصِر معاً بغارَةِ اللهِ يا أهلَ الله، يا غارةَ اللهِ جُدِّي السَّيرَ مُسرِعةً في حَلِّ عُقدَتِنا، يا غارةَ اللهِ عَدَتِ العادُونَ وجارُوا، ورَجَونا اللهَ مُجيراً، وكَفَى باللهِ وَلِيَّاً، وكَفَى باللهِ نَصيراً؛ “والله يَحكُمُ لا مُعَقِّبَ لحكمِهِ وَهُوَ سريعُ الحساب”، “فقُطِعَ دابِرُ القَومِ الذينَ ظلموا، والحمدُ لله رَبِّ العالَمين”؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

دار الفتوى

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …