رسالة التنزيه” في تنقية الشعائر الحسينية /السيد محسن الأمين العاملي(قده)

هذه الرسالة موقف من مواقف الإصلاح الكبرى التي وقفها المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين مذ بدأ حياته العملية بعد نيله إجازة الاجتهاد المطلق من النجف الأشرف. وهي رسالة أُعدت لتنقية المراسم الحسينية مما لحق بها من أمور دخيلة.
وقد قوبل هذا الموقف، كما قوبل غيره من المواقف الإصلاحية، بصيحات الجامدين وهجمات الحاقدين واستثارة الغافلين، ما لم يزد صاحبه إلا ثباتاً ومضيّاً في مخططه الإصلاحي العظيم.
ولا يخفى على القارىء أن هذه الرسالة صدرت أول ما صدرت منذ 75 سنة، وأنّ أول ما عمل أعداء الإصلاح، حين صدروها، هو أن عمدوا إلى إثارة الغوغاء واستنفار الدهماء. ولكن شخصية السيد محسن الأمين القوية استطاعت أن تصمد لكل ذلك، وأن تفرض نفسها وتقود حركتها بشجاعة وصبر.
وقد رأينا أن نعيد نشر هذه الرسالة في هذه الأيام لأهميتها ولأن الحاجة إليها لا تزال قائمة.وهذا النص الكامل لتلك الرسالة.
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
دور إبليس
فإن الله سبحانه وتعالى أوجب إنكار المُنكر بقدر الإمكان بالقلب أو اليد أو اللسان. ومن أعظم المنكرات اتخاذ البدعة سنّة والسنّة بدعة والدعاية إليها وترويجها، ولمّا كان إبليس وأعوانه إنما يضلون الناس من قبل الأمر الذي يروج عندهم، كانوا كثيراً ما يضلون أهل الدين من طريق الدين بل هذا من أضر طرق الإضلال وقلّما تكون عبادة من العبادات أو سنّة من السنن لم يُدخل فيها إبليس وأعوانه ما يفسدها. فمن ذلك إقامة شعائر الحزن على سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام التي استمرت عليها طريقة الشيعة من عصر الحسينp2.gif إلىاليوم. ولما رأى إبليس وأعوانه ما فيها من المنافع والفوائد وأنه لا يمكنهم إبطالها بجميع ما عندهم من الحيل والمكائد توسلوا إلى إغواء الناس بحملهم على أن يُدخلوا فيها البدع والمنكرات وما يشينها عند الأغيار قصداً لإفساد منافعها وإبطال ثوابها فادخلوا فيها أموراًً أجمع المسلمون على تحريم أكثرها وأنها من المنكرات وبعضها من الكبائر التي هدد الله فاعلها وذمه في كتابه العزيز.

أمورٌ منكرة .

1- فمنها الكذب بذكر الأمور المكذوبة المعلوم كذبها وعدم وجودها في خبر ولا نقلها في كتاب وهي تتلى على المنابر وفي المحافل بكرة وعشياً ولا من منكر ولا رادع. وسنذكر طرفاً من ذلك في كلماتنا الآتية إن شاء الله وهو من الكبائر بالاتفاق لا سيما إذا كان كذباً على الله أو رسوله أو أحد الأئمة عليهم السلام.
2- ومنها إيذاء النفس وإدخال الضرر عليها بضرب الرؤوس وجرحها بالمدى والسيوف حتى يسيل دمها وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى الإغماء بنـزف الدم الكثير وإلى المرض أو الموت وطول برء الجرح.
وبضرب الظهور بسلاسل الحديد وغير ذلك. وتحريم ذلك ثابت بالعقل والنقل وبما هو معلوم من سهولة الشريعة وسماحتها الذي تمدّح به رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله “جئتكم بالشريعة السهلة السمحاء” من رفع الحرج والمشقة في الدين بقوله تعالى {ما جعل عليكم في الدين من حرج}.
3- ومنها استعمال آلات اللهو كالطبل والزمر (الدمام) والصنوج النحاسية وغير ذلك.
4- ومنها تشبّه الرجال بالنساء في وقت التمثيل.
5- ومنها إركاب النساء الهوادج مكشّفات الوجوه وتشبيههن ببنات رسول اللهp1.gif وهو في نفسه محرم لما يتضمنه من الهتك والمثلة فضلاً عما إذا اشتمل على قبح وشناعة أخرى مثلما جرى في العام الماضي في البصرة من تشبيه امرأة خاطئة بزينبp2.gif وإركابها الهودج حاسرة على ملأ من الناس.
6- ومنها صياح النساء بمسمع من الرجال الأجانب ولو فرض عدم تحريمه فهو معيب شائن منافٍ للآداب والمروءة يجب تنـزيه المآتم عنه.
7- ومنها الصياح والزعيق بالأصوات المنكرة القبيحة.
8- ومنها كل ما يوجب الهتك والشنعة مما لا يدخل تحت الحصر ويختلف الحال فيه بالنسبة إلى الأقطار والأصقاع إلى غير ذلك.
فإدخال هذه الأشياء في إقامة شعائر الحزن على. من تسويلات إبليس ومن المنكرات التي تغضب الله ورسوله. وتغضب الحسين. فإنه قُتل في إحياء دين جده. ورفع المنكرات فكيف يرضى بفعلها لا سيما إذا فُعلت بعنوان أنها طاعة وعبادة.

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …