مادونا سمعان
AM 02:08 2014-06-07
هو فصل جديد من فصول قضية لاسا العقارية. هناك بين الشجر الأخضر النضر والهواء العليل حقوق ضائعة، وأمتار من الأرض يتنازع عليها طرفان، شاء سوء الحظّ أن يكونا من طائفتين مختلفتين.
هو فصل جديد من فصول قضيّة لاسا التي يريدها البعض طائفية، فيؤججون نارها حتى يتحوّل النزاع من الأرض إلى الوجود. قبل أن يأتي من يخمد النار ويعيد الملف إلى القضاء، فتعود معه الأحوال إلى ما كانت عليه في البلدة الجبيلية.
يترقّب المعنيون ما ستؤول إليه القرارات القضائية اليوم بعد انقضاء مهلة الأربع والعشرين ساعة للاستماع إلى الشهود والاطلاع على الأوراق والمستندات الخاصة بالعقار 61، موضوع النزاع. فقبل يومين قام يسار المقداد بسقف مبنى شيّده فوق العقار الذي اشتراه من مختار البلدة محمود المقداد، على أساس رخصة موقّعة من بلدية لاسا واتحاد بلديات جبيل وقائمقاميتها والتنظيم المدني فيها، وفق رئيس البلدية عصام المقداد. اعترضت مطرانية جونية المارونية لكون العقار موضوع نزاع قضائي ضمن سلسلة العقارات المتنازع عليها في البلدة، والتي تنتظر أحكام البتّ بملكيتها. لجأت إلى القضاء أمس، فأصدر المدّعي العام في جبل لبنان القاضي كلود كرم إشارة قضائية بهدم ما بني ليل أمس الأول، على أن تتم العملية تحت إشراف القوى الأمنية.
قوبل القرار بقطع طريقي قهمز ـ لاسا والغابات ـ لاسا واشتدّ التوتر على إيقاع الوصف الإعلامي المتتالي للأحداث. أعيد فتح الطريقين بجهود فعاليات من البلدة ومن خارجها، بينما أخفض قرار ثان لكرم من حدّة التوتر. وقد قضى بوقف تنفيذ قرار الهدم واتخاذ مهلة 24 ساعة للبت في النزاع.
هكذا نام يسار على أمل عدم هدم السقف وانتصاره قضائياً، على اعتبار أنه مالك العقار وصاحب رخصة البناء الموقّعة من الأطراف كافة. في حين تنتظر المطرانية من القضاء إنصافها وإعادة الأرض إليها أو على الأقل هدم ما بني عليها، على اعتبار أنها صاحبة الأرض «لأن مختار البلدة محمود المقداد قام ببيع العقار وفق علم وخبر مزور إلى يسار المقداد» وفق وكيل أراضي المطرانية في لاسا الأب شمعون عون.
وقد كسرت أحداث لاسا أمس الهدوء الذي حاول وزير الداخلية السابق مروان شربل فرضه على المعنيين بأراضيها، بعد إطلاقه عملية المسح الإجباري فيها منذ ستة أشهر لاستبيان الحقوق. وأتت العملية تتويجاً لاجتماعات لجنة تألفت من فعاليات البلدة وممثلين عن المطرانية، توافقوا على إيجاد حلول للملفات بالتراضي، بإيعاز من رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان والبطريرك بشارة الراعي ونائب رئيس «المجلس الشيعي الأعلى» عبد الأمير قبلان. يومها بشّر شربل بأن الودّ والوئام وصل إلى حدود إيجاد الحلول من دون اللجوء إلى القضاء، على أن يحلّ المتعثّر من الملفات على طاولة «الداخلية».
لكن المسح انطلق ولم يستكمل، والسبب وفق محامي المطرانية أندريه باسيل «عرقلته من قبل المختار المقداد نفسه».
مقابل تلك الاتهامات يعتبر المقداد أنه لا يمكن لكل عقار في لاسا أن يكون موضوع نزاع لأن المطرانية تعتبره ملكاً لها وأن «سقف المنزل المشيد على العقار 61 لن يهدم». بينما يناشد رئيس البلدية الاحتكام للقضاء سائلاً: «كيف يمكن أن يعطى ابن البلدة رخصة للعمار إذا كان العقار متنازعاً عليه؟»، معتبراً أن للرخصة مدة صلاحية لا يمكن لصاحبها أن يخسرها خصوصاً إذا كان صاحب حق.
حتى وقت متأخر من ظهر أمس، كان الترقّب والتوتر يسودان البلدة والجميع في انتظار تطبيق القوى الأمنية قرار القاضي بهدم السقف. لكن القاضي أوقف قراره في الساعات الأخيرة لمزيد من البحث، ولاستبيان الحقيقة من خلال الوثائق التي يحملها الطرفان وفق مصادر متابعة من «حزب الله».
مع هذا تصرّ المطرانية على أنها صاحبة الحق، فيشير الأب عون إلى أنه «ما كان وضع القضاء إشارة على العقار لو كانت ملكية يسار المقداد مثبتة أو ما كان أمر بهدم ما بني عليه». ويوضح باسيل أن الإدارات التي منحته رخصة «ليس من مهماتها التدقيق في ما إذا كان العلم والخبر مزوراً»، مؤكداً ان المطرانية اعترضت على تشييد العقار منذ بدء عملية بنائه في العام 2011.
خلاصة أمس فتحت صفحة جديدة من ملف عقارات لاسا الذي لم يطو يوماً، وذلك منذ انتهاء المسح العام فيها سنة 1942. وإذا كان كل عقار فيها موضوع نزاع لا يحلّ إلا عبر القضاء فسيبقى الملف مفتوحاً إلى أجل بعيد خصوصاً أن المطرانية تعتبر أنها صاحبة 94 عقاراً في لاسا، تمتد على مساحة 4 ملايين و750 ألف متر مربع
السفير