ثمن الغربة

عدنان طباجة
تاريخ المقال: 17-01-2014 02:13 AM
كغيره من المغتربين اضطر الشاب علي محمد يونس للسفر إلى المكسيك قبل أربعة عشر عاماً، وقبلها إلى فنزويلا وأميركا سعياً وراء لقمة عيشه، ليلقى مصرعه على يد جاره في المكسيك الذي طعنه بسكين اخترقت قلبه ما أدى إلى وفاته على الفور. وعلم أن الجريمة سببها نزاع بين علي وجاره المكسيكي على أولوية الإفادة من مياه الشفة في المبنى الذي يتقاسمانه، وفق رواية زوجة علي المكسيكية، التي ما زالت في المكسيك مع ولديها سمير (14 عاماً) وسامية (7 سنوات)، بعدما طلبت من زوجها الكشف على عداد المياه التابع لشقتهما.
«لقد ربيته وعلمته وكبرته ليبقى في لبنان، وليس ليهاجر إلى بلاد الاغتراب ليلقى المصير الذي لاقاه»، تقول والدته الحاجة سامية بحسرة ومرارة.
تضيف: «لقد دفع ابني ثمن الغربة ككثيرين من أبناء بلده». وتسأل عن مسؤولية الدولة في تأمين فرص عمل لأبنائها، لـ«تمنعهم من السفر والعودة جثثاً هامدة».
وتوضح الوالدة: «لم يكن علي شريراً ولا من أصحاب السوابق، ولو كان كذلك لكان جمع أموالاً كثيرة مثل البعض من رفاقه في المكسيك الذين جنوا أموالاً طائلة بطرق غير شرعية، وتمكنوا من تهريبها إلى لبنان. لم تشأ الحاجة سامية الغوص كثيراً، «لأن الكلام عنه لم يعد يفيد». وتحمد الله لتمكنها من وداعه ودفنه في بلدته شوكين، وليس في المكسيك، وبذلك يتسنى لها زيارته وقراءة الفاتحة على روحه طالما بقيت حية.
وتروي الوالدة بأنه قبل وفاة ابنها بيوم واحد اتصل بها وأخبرها بأنه سيزور لبنان قريباً، بعدما حصل على الجنسية المكسيكية. وقد سلم على أشقائه وشقيقاته فرداً فرداً، ولم تنس جملة نطق بها حرفياً: «سأزوركم بالصبر والسلوان»، وكأنه كان يعرف بأنه سيزورهم جثة هامـدة، وليس حياً كما وعدهم.
كان عيد ميلاد يونس قبل وفاته بأربعة أيام، وهو حصل على الجنسية المكسيكية قبل ذلك بيوم واحد، بعدما انتظر أربعة عشر عاماً للحصول عليها. ولم يكن وضعه المادي على ما يرام طيلة فترة اغترابه، بحسب شقيقه سامر الذي يشير إلى أن علي قبل وفاته كان قد افتتح مطعماً صغيراً في أحد الأحياء، لكنّه سرعان ما تعرض للتهديد بالقتل من جانب إحدى العصابات في حال لم يدفع لها خوة، ما اضطره لإقفال المطعم والقيام بعمله داخل منزله، علماً أنه كان ينوي العودة إلى لبنان عشية حرب تموز، لكن الحرب منعته من ذلك.
ويأمل شقيقه بأن تتمكن العائلة من إحضار زوجته وولديه إلى لبنان في وقت لاحق، ريثما تتدبر تكاليف رحلتهم من المكسيك إلى لبنان، و«ذلك لتكون له ذرية بيننا تذكرنا به وتعزينا بوفاته».

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …