المنشطات الرياضية تفتك بقلوب الشباب

يحلم بأن يكون “غير شكل” وأن تكون بنيته الجسدية مميّزة، فيدفعه هوسه بكمال الأجسام إلى تناول المتممات الغذائية الرياضية عشوائياً، غير آبه بتداعياتها الصحية التي قد تصل إلى حدّ الوفاة المفاجئة. وتتوفّر هذه المتممات في السوق السوداء من خلال التهريب وفي بعض النوادي الرياضية، من دون حسيب ولا رقيب. وهو ما يدعو خبراء الصحة إلى التحذير من الاستهتار وغياب الرقابة اللذين يؤثران على صحة شبابنا، في بعض النوادي الرياضية.

يسأل جمال أحمد (27 عاماً) “من منا لا يحلم بأن تكون بنيته الجسدية غير شكل؟ هذا حلم كل شاب لبناني يتباهى بعضلاته”. ويعلّل قائلاً أن “تناول الطعام لا يكفيني، خصوصاً عندما أتمرّن على رفع الأثقال. لذا قد ألجأ أحياناً إلى البروتين، لزيادة حجم عضلاتي”.

من جهتها، تخبر كارولين أنها لاحظت تغيراً في الفترة الأخيرة في سلوكيات ابنها التي أصبحت غريبة. تقول: “هو صار عصبيّ المزاج أكثر من اللازم، فاعتقدنا في البداية أنه يتعاطى المخدرات. لكن الفحوصات الطبيّة بيّنت أنه مدمن متممات غذائية منشطة، وهو ما أثّر سلبياً على وظيفة الكلى”. تضيف: “المعاناة التي مررنا بها شديدة جداً. لذا أنصح الأهل بمراقبة تصرفات أولادهم المفاجئة، فمن المحتمل أن يكونوا مدمني مواد منشطة، قد تخلّف آثاراً سلبية على صحتهم”.

والمنشّطات الصناعية التي تستخدم لرفع الكفاءة البدنية والنفسية للفرد في أثناء المباريات الرياضية أو التدريب البدني، قد تتسبّب بمضاعفات صحية من أبرزها القلق والتوتر وصولاً إلى الأمراض السرطانية وتصلّب شرايين القلب، بحسب ما يوضح الخبراء في المجال الصحي.

من جهته، يعلّق النائب السابق الدكتور إسماعيل سكريّة على الموضوع قائلاً إن “ثمّة أساليب خاطئة في تقديم منشطات تكبير العضلات للشباب اللبناني، الذي وبكل أسف يقع ضحيتها من ناحية الآثار السلبية على صحته. كم من شاب فقد كلية مثلاً من جراء استهلاك تلك المتممات الخطيرة غير المراقبة، خصوصاً في عدد من النوادي الرياضية؟”. يضيف لـ “العربي الجديد” أن “حجم سوق استهلاكها وصل إلى 250 مليار دولار في السنة”.

ويتابع سكريّة: “لذا، إن شاء الشاب تكبير حجم عضلاته، يتوجّب عليه مراجعة طبيبه والتأكد من دواعي استعمالها ومخاطرها في ظل غياب الرقابة، ووسط ضياع الصلاحيات ما بين وزارتَي الاقتصاد والصحة. والأخطر في هذه المسألة هو أن المنشطات التي تهدف إلى تكبير حجم العضلات، تتألف من هورمونات وبروتين قد تودي بحياة الإنسان”.

في السياق، يحذّر الاختصاصي في الطب الرياضي الدكتور جوني إبراهيم من خطورة استعمال هذه المنشطات، قائلاً: “للأسف، بعض الشباب في لبنان يلجأون إلى هذه المنشطات لتكبير حجم عضلاتهم بشكل متهور. بالتالي نجد أن عدداً كبيراً من هؤلاء أدمنوا هذه المواد المنشطة، بعدما اعتادوا استهلاكها المكثّف وهدفهم عضلات كبيرة وضخمة بسرعة فائقة، تحضيراً لعرض الأجسام في فصل الصيف مثلاً”. ويأسف في حديث إلى “العربي الجديد”، إذ إنهم “لا يعرفون حجم تداعياتها السلبية على الصحة. استعمال هذه المنشطات المشبعة بالهورمونات لحقن العضلات، قد يلحق الأذى في الكلى ويزيد من مخاطر الإصابة بالعقم، والأخطر أنه قد يزيد من حجم عضلة القلب إلى حدّ الانفجار، بالتزامن مع مجهود رياضي كبير، فتحدث الوفاة المفاجئة”.

ويلفت إبراهيم إلى “الغشّ في تسويق المنشطات، إذ يخلطونها بالهرمونات ويبيعونها على أساس أنها بروتين صافٍ. عندها، يقع الرياضي في الفخ ويتحوّل ضحية. من هنا، يجب التنبه إلى خطورة ذلك والتأكد من مصدر المنشطات وعدم ابتياعها من مراكز غير موثوق بها. وهنا يأتي دور وزارتي الداخلية والصحة في ضبط المخالفات الصحية”.

وينصح إبراهيم كل رياضي يلجأ إلى المنشطات، بإجراء “فحص دم مستمرّ تجنباً لأي مضاعفات سلبية على الصحة. إدمان المنشطات أشبه بإدمان المخدرات، ويتوجّب على الأهل أيضاً مراقبة تصرفات أولادهم. وفي حال أصيبوا مثلاً بعصبية زائدة، فليعلموا أن هذا إنذار”.

إلى ذلك، توضح رئيسة مصلحة الصيدلة في وزارة الصحة الدكتورة كوليت رعيدي لـ “العربي الجديد”، أن “أي هرمون يستعمل يكون ضمن وصفة طبية، التزاماً بقانون مهنة الصيدلي. ويشترط ألا تُباع الهرمونات إلا في الصيدليات. وأي مخالفة تسجّل في هذا المجال في النوادي الرياضية، سوف نلاحقها بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة. ونحن سبق وضبطنا مخالفات عديدة في هذا الإطار وقد أحيلت إلى النيابة العامة”.

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …