#المقاوم_الأوَّل
#مقال #سوسن_غبريس
#بينات #العلامة_المرجع #السيد_محمد_حسين_فضل_الله (رض)
عندما اجتاح العدوّ الصّهيونيّ لبنان في العام 1982م، ودمّر وطغى وتجبّر، وهدّد البلاد والعباد، وفرض حضوره على المشهد اللّبنانيّ العام، كان هناك من لم يسكت على ضيم، ولم يهدأ له بال، ولم يستسلم لفكرة الاحتلال، ولم يقبل بالذّلّ والهوان، ولم يرضخ له أو يقبل لشعبه بالرّضوخ.
وفي مقدَّم هؤلاء، كان سماحة العلّامة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله(رض)، الّذي كان في طليعة الثّوّار المقاومين، ومن أوائل الّذين نظّروا للثّورة والمقاومة ضدّ المحتلّ، والّذي حمل لواء الدّفاع عن الأرض والعرض منذ اللَّحظة الأولى وما قبلها، وحفَّز وحمّس وشجَّع الشَّباب والمجتمع على عدم الرّكون للمحتلّ الظّالم ولا لأعوانه في الدّاخل، وهو الّذي صدح صوته على منبر مسجد بئر العبد وفي المحافل ليل نهار، وفي كلّ يوم ومناسبة، وعند كلّ منعطف وحدث، يصرخ في وجه العدوّ دون أن يهاب بطشه وقوّته، ودون أن توجله تهديداته بالقتل، وهو الّذي عرّض نفسه للمخاطر الكبيرة حدّ الموت، ونجا بفضل الله أكثر من مرّة، وهو الّذي دعم بالموقف والسياسة والمال، ولم يبخل بأيّ شيء يمكن أن يقدّمه لطلائع المقاومة الوليدة في ذلك الوقت.
وعودةً إلى ذلك الزّمن، وإلى أرشيف محاضرات سماحته وآرائه الّتي لا يمكن لأحد إخفاؤها أو طمسها، وإلى ما كان يُنشَر عنه في الصّحف والإعلام من قبل الدّاخل والخارج، من الأصدقاء والأعداء، ندرك كم كان لذلك الصّوت المجلجل من أثر كبير في السّاحة الدّاخليّة، وفي مقاومة المحتلّ.
لقد وعَينا على صوت سماحته يزرع فينا حبّ الإسلام والمقاومة.. كنّا نلوذ به، ونأنس إليه، ونستمع إلى خطبه الّتي لم تكن واحدةٌ منها تخلو من تحدّي العدوّ والدَّعوة إلى مواجهته. لا يمكن لأيّ مقاوم من ذلك الزّمن الصّعب إلّا أن يدرك حجم الدّور الّذي كان يقوم به سماحته، وكم كان له تأثير في السّاحة وفي مقاومة المحتلّ، وفي الدّفاع عن القضيّة وحمايتها.
( وهو الّذي كان أوّل من أفتى بمشروعيّة العمليّات الاستشهاديّة، في الوقت الّذي تحفّظ الكثير من الفقهاء عن ذلك، لتكون فتواه حجر الأساس في هزيمة العدوّ واندحاره.)
هذا هو السيّد فضل الله؛ النّاصع في مواقفه، المقاوم في كلمته وآرائه، المدافع عن المقاومة حتّى الرّمق الأخير من عمره.
هذا هو السيّد الذي لم يكن يومًا شخصًا، بل حالةً ورمزًا لكلِّ ما هو نظيف ومعتدل وصادق ومقاوم، وسيستمرّ نهجه ما بقيت الحياة.