محمد طرّاف*
إنّ الذائقة الأدبية مَلَكة يؤتاها القلة، فتصبح هذه الخاصية ملازمة للإنسان، وتطبع أسلوبه بها، فتكون عنواناً يُعرف به. وهذا ما ميز السيد فضل الله في كتاباته، وأكثر ما تجلت في تفسيره “من وحي القرآن”، كيف لا، وهو يقول – أي السيد – إن المفسر يحتاج للذائقة الأدبية كشرط أساس في التفسير. ولا يختلف عاقلان في بلاغة القرآن وبيانه وغناه بديعياً، فهل يمكن إدراك تفسيره بالطرق اللغوية الحرفية دون استنطاقه والاستيحاء منه؟!
ومن هنا، فقد كان أغلب الذين حاولوا النيل من السيد وتسجيل النقاط على أمور عقائدية شتى، بعيدين البعد كلّه عن الأدب وخصائصه في التعبير والإفصاح؛ وذلك في حكمهم على ظاهر الأمور، ولا ينمّ ذلك سوى عن قصور في فهم اللغة والإلمام بخصائصها الفنية والأدبية… كأن يأتي تضليل أحد المراجع -الذي ذهب إلى ربه- للسيد لأنه اعتبر الصراط يوم القيامة شيئاً رمزياً، من باب الاستعارة، وهذا لا يعرف، للأسف، ما معنى الرمزية في التعبير ولا الدلالة ولا حتى السياقات، وكأن لكل كلمة أقفالاً تحدّها في المعنى.
وكذلك عدم إدراك الفرق بين الخطاب أو المناجاة الوجدانية وبين السؤال المباشر، أو الفرق بين خطاب النبي أو الإمام بروحك وقلبك وعقلك وجدانياً والتوجه لهم من دون الله من جهة أخرى…
هي المحاولات نفسها، والأدوات نفسها، والفشل ذاته. لا بأس بتطوير الوسائل وعدم الركون إلى أساليب أبي جهل اللئيمة…
يقول أينشتاين: الغباء هو تكرار الفعل نفسه مرات عدة وتوقع نتائج مختلفة…
مدير التحرير في المركز الإسلامي الثقافي