لا أوهام لدى العصب الأمني والسياسي في حزب الله حول قناة الجديد، ولا أوهام لديهم حول تحسين خياط. هم يفهمونه تماماً وهو فاهم على فهمهم وقابل به, ومحتفٍ بما يترتب عليه.
هم يعرفون التالي:
١- قناة الجديد مشروع قطري في لبنان, وبالتالي أيّاً كان القدر الذي يمكن لهذا المشروع أن يتعاطى بإيجابية مع مواضيع محددة للمقاومة, فإن المقاومة تعتبر ذلك ربحاً غير محسوب, كون القناة تعتبر قناة معادية, تمثل دولة عداؤها محايد في السابق, و عدوة في العمق في الوضع الراهن .
٢- تعرف المقاومة أن من يكتب المقدمات إنشائياً هي مريم البسام, لكن من يسيطر على مضمون المقدمات دوماً ومن يضع الأفكار الخاصة بكل مقدمة, ويومياً, هو تحسين الخياط شخصياً, وبالتالي هي ليست مديرة أخبار الجديد, بل تحسين خياط هو المدير وهي ” قفازه”.
٣- تعرف المقاومة ومسؤولوها أن مريم البسام آتية من خلفية لا شك بقربها للمقاومة, وهي لعبت أدواراً إيجابية جداً في حرب تموز, وفي الحروب الإعلامية التي خاضتها المقاومة دفاعاً عن كيانها ووجودها ضد آلة الإعلام الصهيوني السعودي الموحدة. لكن المقاومين يعرفون أيضاً أن مريم لعبت ذاك الدور بغض نظر وبموافقة قطرية مباشرة، لأن من مصلحة القطريين إضعاف السعوديين في لبنان, والصراع السعودي مع المقاومة صبّ لمصلحة دور قطري كان مجهرياً قبل عقد فقط.
٤- كل العنف الكلامي من قناة الجديد ضد تيار المستقبل والسنيورة لا علاقة له بالعاطفة “التحسينية” ولا بالوفاء والالتزام “البسامي” بل هو حقد شخصي من تحسين خياط ضد أبناء مدينته ومنافسيه التجاريين الذين أبعدوه عن السعودية, ومنعوه من الاستفادة من علاقته السابقة بها أولاً. وثانياً فإن هذا الأداء الذي يظهر وكأنه تحيّز للمقاومة ليس سوى دور قطري مباشر في تدمير كل مدماك للسعودية في لبنان, حتى يحلّ القطري محلّه. أي هو أمر يشبه استبعاد النصرة لصالح داعش بالنسبة للقطريين, كون النصرة سعودية أكثر.
٥- تعرف المقاومة أن مريم البسام مثل أغلب الإعلاميين “إعلامية” كبرت الأنا في رأسها فصارت تعتبر نفسها ندّاً للسيد حسن نصرالله, بعدما لعبت أدواراً لم تكن لتلعبها لولا تسهيلات المقاومة التي أعطتها وقناتها مجداً وفرصاً لوجود مصلحة مشتركة.
لكن حزب الله يعرف أن طبيعة الشهرة والظهور الإعلامي تصيب العاملين فيه بلوثة عقلية, تجعل الأنا كبيرة جداً والأنانية الشخصية سرطان يأكل كل عقلانية وكل موقف منطقي. و تتغلب الذات المغرورة فيصبح المفيد بغبائه عدواً، بعد أن يتغلب الكبر والعجب على أي عقل أو منطق في أصغر الأمور.
لذا تقبل مريم بهدايا قطرية, وبعلاقات مع أجهزة أمنية هي تعاديها, وكل ذلك على اعتبار أن مريم ترى بنفسها شخصياً قادرة على تقدير الخطأ والصواب, وأنها أدرى بمصلحة المقاومة من المقاومة نفسها.
هنا يصبح الهجوم على السيد شخصياً في مصلحة المقاومة لأنه يعطي للجديد ولها فرصة كسب الطرف الآخر(….) وهي تعتبر أنه لا مصلحة للمقاومة في عدائها, وأنها رقم صعب, ولديها هامش كبير تستعمله “برأيها لصالح المقاومة”.
هي إذاً في النية …حسنة النية. ولكن في الفعل هي كمن “سيفه علينا وقلبه يظن أنه معنا”
والحال كذلك كما سبق ذكره لماذا رد السيد جواد حسن نصرالله على قناة الجديد؟؟
ليس المهم معرفة ما سبب رده على ما قالته البسام بأمر الخياط عن سماحة السيد واليمن، المهم أن السيد جواد تعرض لهجوم شخصي في اليوم التالي من مقدمة نشرة الجديد, ولكنه لم يرد. بل طلب من محبيه أن لا يردوا و”أن ينهوا الأمر, لأن تحويل الانتقاد إلى الشخصنة لا يعنيه, وهو راضٍ ومكتفٍ بما قاله أولاً, ولن يرد على الرد”
لدينا هنا حالة دراسية :
ابن زعيم له ملايين المحبين والأنصار يتعرض لهجوم شخصي من قناة الجديد, ومع ذلك لن تتعرض القناة للحرق, وغداً ستسهر كاتبة الهجوم في مطاعم الضاحية وكأن شيئاً لم يحصل. ولن تتعرض كاتبة الهجوم للضرب ولا للطرد في الضاحية.
جمهور المقاومة ملتزم, وهو وإن كان عاطفياً, لكن موجهي أفعاله عاقلون وملتزمون بأدب استخدام القوة الفائضة التي يملكونها, ويفرقون بين عميل بإرادته وعميلة بغبائها.
مريم البسام آمنة في الضاحية, وسنرى في المستقبل تحسين خياط وابنه كريم على موائد حزب الله في الضاحية, لأن براغماتية حزب الله تتجاوز الصغائر من أجل هدف كبير هو تحشيد ما يمكن من الإعلام خلف خطاب المقاومة, ولو كان المحتشد مع المقاومة “مثل أهل الكوفة” يبحث عن لعق قي قصاع يزيد بن معاوية تارة, وتارة يرضى بحب المقاومين وببعض مطبوعاتهم المدرسية .
حزب الله ديمقراطي, ولا يوجه بوارجه إلى معركة لقتل الذباب.
مريم البسام في المقام المعنوي أداة ، وهي حين تهاجم حزب الله تأثيرها يماثل تأثير “ذبابة”. هي أفعل ضد عملاء السعودية, لأن بيوتهم من زجاج, وبيوت آل نصرالله من فخر وعز وشهادة.
في حين أن جواد حسن نصرالله في الإعلام وضد أي طرف داخلي في لبنان, أو ضد أي طرف عربي, هو قنبلة نووية معنوية في تأثيره سلباً على صورة أي من ينتقده في عيون أحباب المقاومة ومحبيها, ومنهم والدة البسام. كونه ابن السيد حسن نصرالله أولاً، ولأن الشاب المقاوم ابن الزعيم الأهم في لبنان لم يعرف عنه إلا التواضع والكلام الوجداني، بعكس البسام التي صارت مثل آلهة التمر تظن صورها صورة إله مع أنها نسيت أن تنظف نفسها وجسدها من أوساخ خدمة أعداء المقاومة. فبعض الساقطين في الطريق إلى النصر يحيدون عن جادة الصواب, وفي ظنهم أنهم لا يزالون على الصراط المستقيم.
مريم التي تظن أنها مقاومة في الإعلام بشهادة حسن فضل الله الذي كرمها الصيف الماضي، تعرف ولا تأبه إلى أن جمهور المقاومة يراها مثل علي الأمين, ومثل لقمان سليم, ومثل عقاب صقر. لكنها في نفسها تظن أنها “لا تزال مع الحسين وإن قاتلت في جيش يزيد” وهي تعتبر أن الفرق بينها وبين الصقر السعودي الهوى, أنها مثلهم في الأداء علناً, لكنها في سرها تقاوم(….). هي تشبه أمنياً اخترق العدو فأرسلوه ليسمم جيشاً يواليه فسمم كل الجيش بمياه الشرب حتى يثبت للعدو أنه صادق.
فانتهى من كان يخترق العدو لمصلحته مقتولاً على يده. هكذا هي مريم البسام نفسياً.
ولكنها تود الاحتفاظ بمشاعر إيجابية عن المقاومة في نفسها، وتريد أن تبقى أمها على ظنها بأنها تعمل في إعلام المقاومة وتتعاون معه.
الدرس الأهم هو أن حزب الله الديمقراطي أكثر من أغلب الديمقراطيين في لبنان, لم يسخّر إمكانياته الإعلامية للوقوف مع ابن زعيمه, بل أوعز على ما يبدو لمن يوجه الجماهير إلى وقف الحملة على الجديد, لأنها من الصغائر, والمعركة الكبرى هي الهدف, فلا يضرب المرء ذبابة تزعجه بقنبلة نووية.
خضر عواركة – أنباء آسيا