بقلم : الأستاذ علي إبراهيم طالب
وندسور كندا
شعرت منار بسعادة بالغة لا توصف وهي تجلس إلى جانب عريسها في حفلة زفافها في تلك القاعة المليئة بباقات الزهور الملونة وحضور أهلها وأهل عريسها والعدد الكبير من الاصدقاء الذين حضروا من كل حدب وصوب لمشاركة منار فرحة العمر المنتظرة منذ سنوات طويلة .
بدت العروس جميلة وساحرة وكأنها أميرة متوجة على عرش الجمال الإنساني الخالد ، بدوره حازم عريسها ظهر في أقسى سعادته وهو يجلس إلى جانب منار الانسانة التي أحٌبها أكثر من أي شيء أخر في هذه الحياة وهو أمر كان يعلنه ويفاخر به على الملأ وأمام الجميع على حد سواء .
أنتهت حفلة الزفاف وزُفّ العروسين بأجمل صورة سعيدة وبدأ حياة جديدة كزوجين تعاهدا على الإخلاص لبعضهما البعض مدى الحياة .
في الأشهر الاولى لزواجها طلب حازم من زوجته الطلب من رئيسها في العمل أخذ إجازة طويلة امتدت لعدة أسابيع ترتاح فيها وهكذا كان ، وكم تكون فرحة حازم كبيرة عندما يعود كل يوم مساء إلى منزله ليجد زوجته الشابة بانتظاره وقد بدت أكثر أشراقًاً وجمالاً من قبل .
بدأ حازم يلاحظ على زوجته بأن أمراً ما يزعجها وبدت إنها تكتمه ولا تريد التحدث به أمامه كان يدرك أن مسألة التأخر في إنجاب الاطفال أمر يزعج منار ويؤلمها بشكل متواصل ولكنه كان إلى جانبها وكلمة واحدة يكررها مراراً وتكراراً :
( عندما يأذن الله تعالى يحصل الأمر ) فتردد هي الكلمة نفسها بتمتمة من شفتيها : ( ونعم بالله ) .
حضر حازم إلى منزله مبكراً ذلك المساء وهو يحمل بيده هدية كبيرة فاليوم هو مناسبة غالية على قلبه انه عيد ميلاد زوجته وعيد زواجهما معاً ، مناسبتين غاليتين على قلبه أخذت منار الهدية من زوجها وطبع على وجهها قبلة وعاهدها بانها ستبقى الأميرة المتوٌجة على عرش قلبه حتى أخر يوم من حياته .
كانت والدة منار هي الاستثناء الوحيد في العائلة التي تتّحدث بموضوع الإنجاب صباحاً ومساء وكانت تصحبها بشكل يومي إلى كل أنواع العرافين والمشعوذين الذين وجدوا في منار ووالدتها الوسيلة الفضلى لجني الاموال الكثيرة ، ومع أن منار كانت تجري فحوصات وزيارات إلى أطباء مختصين بمسائل الإنجاب والعقم إلا أن رأي واحد وموحد أجمع عليه كل الأطباء الذين زارتهم منار أنها وزوجها سليمان من أي مرض ولا مانع طبعاً من عدم الإنجاب ليتفق كل الأطباء على كلمة واحده الأمر في يد الله تعالى .
جلست منار في أحدى الأمسيات وحيدة في منزلها وحملت بيدها ألبوم صور زفافها ، مثل هذا اليوم تحديداً منذ عشر سنوات تزوجت حازم وهي تعرف أنه سيدخل عليها بعد قليل ويحمل لها هدية مزدوجة كما كل مرة عيد ميلادها وعيد زواجها ولم تكد تسرح قليلاً حتى كان حازم يقف أمامها ويكيل لها أحلى عبارات الغزل بجمالها المتجدد يوماً بعد يوم ، أرادت منار أن تقف لتعانق زوجها فلم تشعر بنفسها إلا وهي تصاب بدوار مفاجئ فألقت بجسدها على الكنبة فوجئ حازم بالأمر وحمل زوجته إلى أقرب مستشفى ولم يشعر بنفسه كم مرة مشى جيئة وذهاباً في ممر قسم الطوارئ في تلك المستّشفى وما هي الا لحظات حتى خرج الطبيب المناوب وناداه ولم يكد يسأله الطبيب حتى فاجأه الأخير : زوجتك يا سيدي بخير فهي أمور تحصل مع المرأة الحامل على الدوام !!
حامل ، ماذا قلت حامل ؟ زوجتي حامل ، لم يستطع حازم إخفاء فرحته فصافح الدكتور بحرارة ودخل إلى حيث كانت منار تغالب دموع الفرح التي أنهمرت على وجنتيها عندما أقترب زوجها وضّمها وكانت تسمع بوضوح صوته باكياً من الفرح هذه المرة وهو يقول لها ( ألم أقل لك يا حبيبة عمري انه عندما يأذن الله لأمر فانه سيحصل لا محال ) ، ولم يسمع من صوتها المتقطع إلا عبارات الحمد والشكر لله تعالى لتردد الحمدلله ، الحمد لله ، ونعم بالله .
شاهد أيضاً
في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)
قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …