الجديد بين الحماقة والجرأة

(داماس بوست – خضر عواركـة) ليس منطقياً محاسبة قناة الجديد والقائمين عليها من منطلق رجعي أي إدانة كل ماضيها بسبب ارتباطها حاضرا بالآلة الإعلامية القطرية الساعية إلى تحقيق أهداف لم تنجح بتحقيقها حرب تموز 2006 ولا حرب العراق وهي الفوضى الخلاقة والحروب المذهبية في العالم العربي.
ولا يمكن بكل الأحوال التقليل من الدور الذي قامت به ” قناة الجديد ” خلال مرحلة مضت كان فيها للقناة ولصاحبها دور لا يمكن إنكاره في دعم المقاومة وفي محاربة النفوذ السعودي في لبنان، وفي محاربة الإفساد الذي قام به الرئيس الراحل رفيق الحريري للحياة السياسية والاقتصادية والإعلامية في البلاد.
ولكن السؤال هنا يطرح نفسه …هل كانت الجديد تحارب النفوذ السعودي في لبنان من منطلق العداء لعدو الكار (القطري السعودي الخادم بفرعيه للمصلحة الأميركية) أم من منطلق العداء للفساد ومن منطلق حرّ ونزيه ؟
وهل حرب ” قناة الجديد ” على المحكمة الدولية وعلى ملفاتها المفبركة وبثها لما عرف بتسجيلات “حقيقة ليكس” وغيرها من الملفات كان بسبب السعي لإرضاء قطر في مواجهة السعودية التي تحارب النفوذ القطري الصاعد، أم كانت تلك الجهود لأسباب تتعلق بدعم المقاومة؟
أسئلة لا يمكن الإجابة عليها دون الوقوع في باب التنجيم إلا إذا اعتمدنا التحليل السليم القائم على رسم خط بياني لـ ” تضارب الأضداد”.
فالعلاقة بين الجديد وقطر ليست خفية ، فهل من علاقة بين تبدل موقف قطر من المقاومة وبين تبدل موقف قناة ” الجديد ” من سورية ؟
وهل من مصداقية لكلام عن توجه قطري لتوجيه سياسة ” قناة الجديد ” إلى تصالح مع قوى الرابع عشر من آذار في حلف غير مقدس مستقبلي يكون عنوانه “ترؤس تحسين خياط لحكومة تنتج عن انتخابات نيابية قادمة؟
” الجديد ” كقناة هي مشروع تجاري شخصي أولا، وحين يقع رجل الأعمال الناجح في الخسائر يبحث لمشروعه الخاسر عن أبواب ربح، وهي مشروع لكسب النفوذ بدأه رجل الأعمال تحسين خياط من منطلقات لا يمكن الشك بدوافعها الوطنية، التي لا تخلو من الشخصنة التي تجعل صاحبها من ضحايا الفخاخ والضغوط المالية والعملية وربما الجسدية لبعض المتكبرين في العالم العربي من سعوديين وقطريين وإماراتيين .
التكبر والغرور الذي تتسم به شخصية السيد تحسين خياط، سهلت على أعدائه وعلى أصدقائه غاياتهم معه، فالظروف السياسية (الثورات) خلقت ظروفا مالية صعبة
( غياب الممول الليبي وهو رئيسي للقناة ) وضعت تحسين خياط أمام خيارات أحلاهما مرّ، الخضوع للتمويل السعودي أو للتمويل القطري .
فهل يمكن في المستقبل معرفة ما حصل فعلا من خلال مراقبة الخط البياني للسياسة التحريرية في القناة ، أم أن الأمر معروف وانتهى زمن الاختبار؟
تحسين خياط
تحسين خياط رجل ظل في الأساس وعلاقاته الشخصية و التجارية والمالية التي تمتد من خليج العرب إلى عمق عاصمة الضباب البريطاني جعلت منه رجل ” الوساطة ” الموثوق عند الخليجيين وعند غيرهم، ورجل الرسائل السرية بين أطراف متنازعة قد تكون متعادية ولكنها تتفق على الثقة به . وتحسين خياط خلال العقود الأربعة الماضية حافظ عل مصداقية عالية كرجل يمكن الثقة به في الأعمال التي يُكلف بها حتى لو كان من يكلفه بها عدوا لمن ينفذها عنده .
هو تاجر لبناني يحمل كل مواصفات رجال الإعمال الناجحين ، وهو ذو مواقف قومية ووطنية معلنة لم يغيرها في العلن أبدا ، ومن يعرفونه منذ سنوات الستينيات يعرفون أنه كان ناصري الهوى قريب من اليساريين ومعاد في العمق لإسرائيل ومحب للشعب الفلسطيني، وهو أيضا “رجل” بالمعنى اللغوي للكلمة، يملك مواصفات ديكتاتور متسلط وأب حنون في الوقت عينه، وهي المواصفات التي جعلته بمثابة الأب لكل من عملوا معه.
إلا من ناصبه العداء منهم لأسباب يتهمه بها آخرون ولا يمكن الوثوق بصحتها.
شخصيته المزاجية، وعصبيته العالية في وجه من يعملون تحت إمرته، تماثلها دماثة وحسن منطق وثقافة عالية مع من يعتبرهم أعلى مرتبة منه.
القذافي
تقول المعلومات من مصادر موثوقة عنه بأنه كان في ليبيا بمثابة الوسيط للعقيد القذافي ولأبنائه في عدد من المشاريع الخارجية، ويقال أيضا أنه ممثلهم في مجلس إدارة الجديد وباسمه تم تسجيل حصص تملكها عائلة القذافي.
في قطر هو أيضا وسيط سياسي موثوق، ووسيط تجاري لبعض شيوخها في إدارة مشاريع أو شراء أخرى.
وفي الإمارات له حظوة سابقة عند شيوخ أبو ظبي ودبي والشارقة، وفي لندن يملك شركات أهمها شركة عالمية تبيع المناهج التربوية للغة الإنكليزية لكافة الصفوف وتطبع تلك المناهج لصالح دول خليجية ولصالح جماهيرية القذافي البائدة.
وهو واحد من أكبر ملاك العقارات في لبنان التي لو باع واحد بالمئة من مجموعها لاستغنى عن الحاجة إلى تمويل خارجي للجديد لو كان حقا في أزمة مالية. وهو واحد ممن بدؤوا بشراء الأراضي والعقارات في لبنان منذ الستينيات، ولم يبع ما هو ملك شخصي له منذ تلك السنوات.
السوق السورية
وحدها السوق السورية بقيت عصية على شركات تحسين العنيد، فكانت تلك المفارقة واحدة من أسباب حنقه على السوريين ومناكفته لهم في الإعلام وفي السياسة.
في أربيل له في كل عرس استثماري قرص، على يد أحد أفراد عائلته، الذين يرون في سبعينه شابا لا يحيا أي منهم ساعة دون أمر يتلقاه منه، ولا يعرف المرء أين تبدأ استثمارات قطر وأين تنتهي استثمارات تحسين خياط في تلك المشاريع التي يغلب على معظمها طابع “بي أو تي ” في قطاع الكهرباء.
هو يرى في نفسه شخصا أكثر ذكاء وأوسع خبرة وأكثر استحقاقا للزعامة من الراحل رفيق الحريري. وربما هو كذلك بالمواصفات الشخصية ، والنقطة الوحيدة التي تفوق فيها رفيق على ” عدو الكار ” تحسين خياط هي في العلاقة مع الحظ الذي حالف رفيق أكثر منه في السياسة وفي التسعود.
المملكة بقيت عصية قصورها على اريحية لعلاقة تربطه بساكنيها ، والتي لم يعرف تحسين طريقا إلى تحسين علاقته بها بسبب قوة علاقته مع قطر ومع القذافي تاريخيا .
في جنوب فرنسا يفضل تحسين الإقامة والسكن لا في حرّ الخليج في دبي، حيث يملك مكاتب هامة لشركات منتجة ومربحة، و في مونتي كارلو، وفي سان تروبيز يلتقي بالعديد من السماسرة يوميا ممن يعرفهم، وممن لا يعرفهم، وبعضهم يحمل جنسيات لا يدقق الرجل فيها، وهو أمر استغلته ” إعلامية ” متقلبة كالبهلوان بين الدول، فزجت به في السجن السوري اللبناني الشهير الذي خرج منه بطلا لبنانيا قارع ظلم الأجهزة اللبنانية السورية المشترك، وكان خروجه بقرار من دمشق وبوساطة سريعة وحاسمة من القذافي ومن أمير قطر.
تلك الإعلامية كانت قد دست لدى النظام الأمني اللبناني – السوري معلومة ورد فيها أن تحسين أجرى مفاوضات لصالح حمد بن جاسم مع شركات إسرائيلية.
وتلك الدسيسة لم يظهر أي دليل يثبتها، لا بل على العكس فإن تقلب المذيعة السابقة في قناة الجديد في مواقفها السياسية بشكل متناقض بيّن أنها لا تتمتع بأدنى مستوى من المصداقية .

بطل الحرية
خروج الرجل من سجنه بطلا للحرية ( في الثامن من كانون الأول يناير 2003 ) أعطى لقناة الجديد مزيدا من المصداقية عند كافة مشاهديها. فمع نهج تحسين خياط حققت قناة الجديد قفزة كبيرة في شعبيتها.
( يقول العارفين أن تحسين يدير كل تفصيل في القناة و خاصة في المقدمات التي يمليها على السيدة البسام، وهي تنص صيغتها النهائية ثم تعرضها عليه للموافقة قبل بثها في النشرة الرئيسية) خلال سنوات قليلة حققت قناة الجديد لنفسها إنجازات لا يمكن لغيرها تحقيقها.
مواصفات المشرف عليها الشخصية، المنفلتة من القيود والمعتدة، ومساحة الهامش الذي لعبت فيه القناة بين رعاتها القطريين والليبيين، وصداقة الطرفين للسوريين في زمن مضى، حمت “خياط” من التدجين، فبقي سقفه عاليا في مواجهة الضباط السوريين في لبنان، وفي مواجهة رفيق الحريري وتياره السياسي بعد مماته.
الصراع القطري السعودي على وسائل الإعلام، والتمويل الليبي الدافق أعطى لقناة الجديد مكانة ميزتها عن غيرها. فقطر كانت تمول للقناة حاجات معينة بغير كرم، ولكنها كانت تعلم أن ” تحسين ” لا يحتاج إلى المال القطري بنفس النسبة التي يحتاجها بعد غياب القذافي، بل إن الإمارة الخليجية هي التي تحتاج لقناة لبنانية مثل الجديد تؤمن لقطر فرصة مقارعة النفوذ السعودي في لبنان، وتؤمن لها حاليا فرصة وضع قناة رئيسية ذات مصداقية مع جمهور المقاومة في خدمة الدعاية الأميركية المناهضة للمقاومة.
من هنا يربط بعض المراقبين بين انقلاب القناة على تاريخها وبين حربها السابقة وربما المستقبلية على كل ما يمت للحريري وللسعودية بصلة. كان موقف الجزيرة مشابها فيما سبق، وكذا كان، موقف قطر ولكن الظرف تغير سياسيا بين المملكة والإمارة فهل ستوقف الجديد في المستقبل القريب حملتها على كيانات السعودية النفوذية في لبنان كما يشاع ؟
حزب الله
الثابتة التي لم تتغير أبدا في ” قناة الجديد” هي دعم القناة لحزب الله، حتى قال البعض بوجود حصص كبيرة يملكها الحزب أو إيران في القناة التي فكرت إسرائيل مرة بضربها ( ذكرت هآرتس ذلك في آب 2006 دون أن تسمي الجديد) بحجة أن قناة المنار تبث من مقرها في وطي المصيبة.
مع بداية الربيع العربي ارتبك التمويل الليبي وتبعه ارتباك لتحسين نفسه، فالتاجر شيء، والمقاتل في سبيل قناعته شيء آخر، وتحسين نفسه يروج بين من يعرفهم بأنه رجل مواقف وطنية، ولكن عارفيه يملكون فكرة جيدة عنه، فهو بحق رجل مواقف وطنية ثابتة ما ثبتت مصلحته في نفس الاتجاه، فإن تعارضت مصالحه بما يشكل عليه خطرا كبيرا فتش لنفسه ولمؤسساته عن مخرج، وهل هناك من يلومه علي ذلك ؟
رجل الأعمال لا يمكن أن يلام إن سعى للحفاظ على مصالحه إلا إن أورثت مصلحته المالية حربا أهلية سنية شيعية في لبنان وفي سورية، بما يجعل من أرباح تحسين خياط المالية سبيلا لسفك الدماء البريئة في شوارع بيروت وفي شوارع المدن السورية.
——————————————–
قصة الـ 55 مليون دولار والمناهج التربوية السورية التي أغضبت خياط
تزامن سقوط زين العابدين بن علي في تونس، وسقوط حسني مبارك في مصر مع إنطلاق التظاهرات الليبية، التي تحولت سريعا إلى صراع مسلح شنته ميليشيات يدعمها الناتو وقطر ضد قوات القذافي، ووجد السيد تحسين خياط لأول مرة نفسه داخل دوامة صراع بين طرفين يؤمن كل منهما جزءً من الاموال التي تدخل إلى قناته ” الجديد ”
خسارة ليبيا بالنسبة له هي خسارة قاسية جدا، لأن أموال القذافي السهلة مكنت السيد تحسين خياط من الحفاظ على إستقلالية الخط التحريري لقناة الجديد، استقلالية أكسبتها عطف أنصار المقاومة وعطف الشعب السوري بكل فئاته.
من المنطقي التفكير في أن كل المهتمين بإطلاق” حراك شعبي في سورية، يؤدي إلى إسقاط النظام ” بطريقة مماثلة للتي حدثت في ليبيا، يعرفون نتيجة لدراسة الواقع الشعبي هناك، أن القناة الأولى إخباريا في سورية قبل اندلاع الأزمة لم تكن الجزيرة بل الفضائية السورية، تتبعها في المركز الثاني قناة الدنيا، ثم قناة الجديد، ما أكسب القناة اللبنانية موقعا فريدا في الساحة السورية، فبدأت الضغوط ومعها الإغراءات على السيد تحسين خياط وعلى قناته.
لقاءه بالرئيس الأسد
كان الرجل قد زار سورية مع بعض أولاده ومع مديرة التحرير في القناة مريم البسام بداية العام 2007، وأستقبله الرئيس بشار الأسد على مدى ساعات، في لفتة تقدير للرجل ولدور قناته في حرب تموز.
إلا أن العقلية المشاكسة لتحسين خياط، لم ترى في استقبال الرئيس بشار الأسد له إلا لحظة انتصار على بعض الضباط السوريين، الذين تعاملوا بغير ود مع ظاهرة رجل منفلت من قيود إرادتهم أيام حكمهم للبنان. وما أن خرج خياط من لقائه بالرئيس السوري حتى أوعز لعاملين في قناته فأعلنوا عن الزيارة بصيغة لا تنم عن فهم لطبيعة العلاقة التي قد تتاح لرجل مثل تحسين خياط مع دولة بحجم سورية.
وجاء في خبٍر بثته قناة الجديد:
” استقبل الرئيس السوري بشار الأسد رئيس مجلس إدارة قناة الجديد على مدى ثلاث ساعات بدعوة رسمية منه ” أي من الرئيس السوري !
المطلعون على الزيارة يؤكدون بأن تحسين هو من سعى لها ووسط لأجل إتمامها أحد أصدقائه من الرسميين في سورية.
المناهج التربوية
و أكد أحد مساعدي تحسين خياط، ممن شاركوا في الزيارة، بأن الأخير طلب من كل من إلتقاه في سورية تسهيل حصول شركاته على مناقصات للمناهج الدراسية من وزارة التربية، فوعدوه خيرا، ” على أن يتم ذلك من خلال الطرق الرسمية، وليس عن طريق المحسوبية أو بالتراضي، وجرى إفهام السيد تحسين خياط بأن ” سمعة سورية كدولة فيها عدد كبير من الفاسدين المتغلغلين في دوائرها الحكومية لا تطابق واقعا يعرفه الجميع وهي أنه حتى الفاسدين لا يستطيعون تمرير أي قضية بغير الطرق القانونية ”
و كلف السيد تحسين خياط مدير شركته المختصة بالمسائل التربوية وأحد أفراد عائلته بمتابعة الموضوع.
( الأول شخصية فذة، وهادئة جدا، وهو أكاديمي يساري جنوبي يعمل مع “تحسين خياط” منذ ثلاثين عاما ونيف، ويحمل في قلبه لرب عمله حبا لا يمكن أن ينتج إلا عن تعامل طيب يعامل به تحسين العاملين معه )
وتضيف المصادر:
هذا الأمر أزعج تحسين وجعله ينقم على سورية من باب المنفعة التجارية التي حجبوها (برأيه) عنه، خاصة وأنه بين عامي 2008 و2010 شارك عبر شركته في مناقصة الكتب وفشل في الحصول عليها، فجن جنونه لكنه لم يعلن الحرب على سورية، لأن المكابح القطرية – الليبية عملت على دوزنة العيارات النارية التي يطلقها الجديد على سورية بشكل لا يستفزها، ولا يؤثر على علاقة القيادتين القطرية والليبية مع القيادة السورية. وكانت علاقة تلك القيادات بسورية أكثر من جيدة في تلك الفترة.
لكن ” قبضاي ” الجديد لم يسكت على ضيم خسارته للمناقصة التي شارك فيها أكثر من مرة ولم يفلح في الحصول عليها، ولكن موعد انفجار غضبه من سورية لم يكن قد حان بعد، حتى حل شهر آذار من العام 2011 فبدأت الجديد في محاكاة جمهور سورية من مشاهديها بطريقة مدروسة، وتحريضية، تماثل الفن التعبيري. فتارة تكيل التهم للنظام بقمع التظاهرات، وتارة تتحدث عن إصلاحات الرئيس بإعجاب شديد، وطورا تهاجم المعارضة، وأطوار تبث تقارير مصورة لا فائدة إعلامية منها سوى تحطيم هيبة وصورة ومصداقية القيادة السورية وقد كررت القناة صور تمزيق صورة الرئيس الأسد وضربها بشكل مهين على شاشتها أكثر من مرة وبشكل مبالغ فيه وقد عملت على تنفيذ ذلك الأمر نانسي السبع شخصيا بدعم إداري من أحد أفراد عائلة تحسين خياط.
فهم المعنيون في حارة حريك وفي دمشق تلك الرسالة وقرءوا الواقع جيدا، فليس في قناة الجديد كلها ولا في منزل تحسين خياط نفسه، من له قدرة تصميم خطة إعلامية تقوم على قاعدة – الإشارات المتعاكسة التي ترسل لعقل المشاهد فتعمل على إرباكه ثم يتبعها ضخ إعلامي هادف يغير من قناعات المشاهد دون أن يشعر.
إنه الأسلوب نفسه الذي مارسته الجزيرة والذي تمارسه الأمي تي في والعربية وكلها قنوات تزودها جهات أميركية ببرمجة محسوبة وبمدربين خاصين لمثل هذه القدرات الاعلامية النفسية الحربية ، فكيف وصلت تلك التقنية النفسية إلى قناة الجديد؟؟
إن لم يكن هناك تنسيق بين العاملين فيها وبين جهات أميركية يجب عليها أن تتابع مثل هذه العمليات عن قرب !!
إلا إن كانت تدريبات العاملين في قناة الجديد في واشنطن لم تتضمن تدريبا تبادليا على الصحافة بل على الحرب النفسية.
الإشارات المتعاكسة تقنية نفسية معروفة لتغيير القناعات (لا الإيمان) وهي أسلوب نفسي أميركي طوره قسم الحرب النفسية في البنتاغون ليتمكن من خلاله من تغيير قناعات المشاهدين في بلد ما وفقا لخطة تصاعدية تجعل من العقل الواعي للمشاهد المتلقي مرتبكا فيسهل على العقل الباطن قبول قناعات جديدة .

ومع أن تلك الإشارات بدت واضحة إلى أن القناة أصبحت جزئا من المعركة ضد سورية إلا بعض الأصدقاء المشتركين اتكلوا على ما للسيد حسن نصرا لله من علاقة ودية مع تحسين خياط، ورتبوا لزيارة قام بها الرجل إلى مقر يتواجد فيه زعيم حزب الله في الضاحية، حيث بدأ اللقاء بعتاب يقول أحد أفراد عائلة تحسين (رافقه في الزيارة) ” أنه كان عتاب الأحبة ، لأن سماحة السيد يعرف بأن كلمته عند تحسين ما بتصير أثنين ولو على قطع رأسه ” !
وبالفعل خرج تحسين خياط من مقر السيد حسن نصرالله ليتصل بمريم البسام، وليبلغها (كما يفعل كل يوم، وقبل نشرات الأخبار) بتوجيهاته بشأن الخط التحريري للنشرة الإخبارية وللبرامج السياسية. وكان قراره ” خففوا الضغط عن سورية وأعملوا توازن في الأخبار ”
يكشف مصدر مقرب من ” خياط ” لكاتب المقال في المجال نفسه عن مصارحة جرت بين السيد تحسين وبين السيد نصرا لله، إذ عرض “خياط” لمأزقه المالي المتصاعد ، وأخبر صاحب ” الجديد ” سيد المقاومة فقال : ” السعودية أقفلت أبوابها في وجه شركاتي، والإمارات ألغت إقامتي وألغت تراخيص بعض شركاتي، والقطريين يهددون بالحذو حذو السعودية في التعامل معي إن لم أغير من الخط السياسي للقناة، والمصدر الليبي لمداخيلي أُقفل أو يكاد للأبد، فضلا عن وجود التزامات مالية ضخمة رتبتها على نفسي بالنيابة عن الليبيين في أوروبا، ولم يفلحوا في تسديدها، فوقع فأس العجز المالي في رأسي.
ويضيف المصدر في عائلة تحسين خياط فيقول ردا على سؤال حول ما قدمه السيد نصرا لله من مساعدة لتحسين فيقول:
” تعاطف سماحة السيد معنا، وقد أمّنا لشركتنا عقدا فوريا قيمته ثمانيمئة ألف دولار هو عبارة عن التزام بالتراضي بين شركاتنا وبين مدارس المهدي لطباعة كتب تربوية.
وإعتبر تحسين خياط عقد شركته مع مدارس المهدي بمثابة ” بركة حلت عليه من رجل مبارك ” بحسب مصدر في عائلته.
لكن المبلغ لم يفي بالمطلوب، وهو أكثر من خمسين مليونا من العجز المالي الذي زعم صاحب الجديد أمام عائلته انه واقع تحته بسبب الأزمة الليبية.
وبقيت عينه علنا على سورية، وبقي قلبه متحسرا ولسانه يذّكر كل من جالسه بأنه
” لم يحظى بمناقصة الكتب السورية التي تبلغ قيمتها سنويا ما يوازي خمسة وخمسين مليون دولار تبلغ نسبة الأرباح فيها حوالي الخمسة عشر بالمئة.

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …