التَّغيير مرهون بقدرة هذا الجيل على تحمّل مسؤوليَّته

رعى العلامة السيِّد علي فضل الله حفل تكريم الطلاب النّاجحين في الشَّهادة الرسميَّة للمرحلة المتوسِّطة، الّذي أقامته مدرسة رسول المحبّة(ص) في جبيل في قاعة المرجع فضل الله(رض)، بحضور النائب عباس هاشم، وقائمقام جبيل السيّدة نجوى سويدان فرح، والقاضي الدكتور الشيخ يوسف عمرو، والشّيخ أحمد اللقّيس ممثّلاً والده الشّيخ غسان اللقّيس، وعدد من الفاعليّات الاجتماعيَّة والثقافيَّة والدينيَّة والتربويَّة والحزبيَّة والبلديَّة، ومخاتير المنطقة وأهالي الطلاب.
بدأ الحفل بآياتٍ من القرآن الكريم، ثم النشيد الوطني اللبناني، تلاه كلمة المكرّمين ألقتها الطالبة زهراء أبي حيدر، ثم تحدَّث مدير المدرسة الأستاذ محمد سليم، وبعدها قدَّم طلاب المدرسة باقةً من الأناشيد من وحي المناسبة.
واختتم الحفل بكلمةٍ للعلامة فضل الله، عبَّر فيها عن فخره واعتزازه بهذه الكوكبة من الطلاب، وهذا الجيل الّذي يحمل المحبّة عنواناً لحركته الّتي أردناها أن تكون محور عملنا، وجسراً للتّواصل مع الآخر، وليست عنواناً للاستهلاك.
وقال سماحته: “بالعلم والأخلاق نبني الأوطان، ونحارب كلَّ آفات التّخلّف والجهل، ونرفع من مستوى إنساننا، ونطوّر واقعنا، ما يجعلنا قادرين على أن نواجه كلَّ ما يحاك ضدّ هذه الأمَّة التي يراد لها أن تبقى قابعةً في حضيض التخلّف والصّراعات والحروب والفتن”.
وركَّز على أهميَّة أن يمتزج العلم بالأخلاق، لينتج خيراً ومعرفةً، وإلا سيكون مشكلةً للحياة عندما يستخدم لنشر الفوضى وإثارة الحروب ووسيلةً للتسلّط.
وتوجَّه إلى المكرَّمين بالقول: “مسؤوليَّتكم أن تحافظوا على جسور المحبَّة والتّواصل مع الآخر، وأن تزيلوا كلّ الحواجز والمتاريس الوهميَّة الَّتي يعمل البعض على نصبها بين أبناء هذا الوطن. فكِّروا دائماً في مواقع اللّقاء والقواسم المشتركة مع الآخر، وفكِّروا في هذا الوطن الَّذي يجمعنا جميعاً، وفي مستقبل إنسان هذا الوطن، الَّذي بذلت التَّضحيات والدّماء من أجله ومن أجل المحافظة عليه”.
 ولفت سماحته إلى أنَّ الحوار هو السّبيل الوحيد لحلِّ كلِّ خلافاتنا ومشاكلنا، داعياً الطلاب إلى أن يعيشوا إنسانيَّتهم في علاقتهم مع الآخر، وأن يحدِّقوا في نقاط الضَّوء التي يمتلكها، محذِّراً من الحقد الَّذي لا يبني وطناً ولا مجتمعاً ولا إنساناً.
وأضاف: “علينا أن نبني وطناً يشعر إنسانه بإنسانيَّته وبقيمته وكرامته، بعيداً عن الارتهان لهذا الموقع السياسيّ، أو ذاك المذهب، أو تلك الدولة، وبأنَّ الكفاءة هي المعيار في اختيار كلّ الموظّفين في دوائر الدّولة، وأن لا تكون المحسوبيات والوساطات والانتماءات هي المتحكّمة بواقع هذا البلد”.
ورأى أنَّ مشكلتنا في هذا الواقع السياسيّ أنَّه لا يتنبَّه إلى مدى خطورة الأحداث والتطوّرات التي تحصل في محيطنا، ولا بالحرائق الّتي تكاد تصل إلينا، فنحن لا نزال نعيش التّجاذبات والخلافات على تقاسم الحصص، بدلاً من العمل على تقوية مناعة هذا البلد، لكي يستطيع أن يواجه كلَّ هذه الأعاصير التي تقترب منّا، ما دفعنا إلى أن نحوّل الحوار إلى مجرّد ديكور، وأن نعطِّل انتخاب رئيسٍ للجمهوريَّة وعمل الحكومة والمجلس النيابيّ. 
وقال سماحته: “عندما نخرج من حساباتنا الخاصَّة والطائفيَّة والمذهبيَّة وأنانيّاتنا وأحقادنا، ونفكِّر في إنسان هذا البلد وفيما يعانيه من مشاكل اجتماعيَّة وبيئيَّة وصحّيّة، عندها نكون جديرين بأن نبني وطناً، ونكون على قدر هذه المسؤوليَّة”.
وأكّد أنَّ التّغيير في هذا البلد مرهون بقدرة هذا الجيل على تحمّل مسؤوليَّته في بناء وطن الإنسان؛ وطن العدالة والقيم، وختم قائلاً: “ستبقى جبيل ضاربةً في أعماق التاريخ والحضارة، ونموذجاً للعيش المشترك والتّلاقي والتّعاون بين مختلف مكوّنات هذا الوطن”.
وانتهى الحفل بتوزيع الشَّهادات والدّروع على المكرَّمين. 

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …