البكالوريا الكترونيك لشباب لبنان

نيكول طعمة

لم تعد “البكالوريا الكتروتكنيك” مجرّد ورقة تعلّق على الجدار، إنما شهادة تزود حامليها مهنة يباشرون العمل بها فور تخرجهم. هذا ما أكده جيرار زوين (20 عاماً)، والذي حاز شهادة BT3 الكتروتكنيك في الهندسة الكهربائية من معهد الدكوانة. اختار هذا التخصص لأنه “يعتمد في دراسته على منهاج تربوي جديد ويركّز على الكفاية أكثر منها تلقين المعلومات”، يقول زوين، مضيفاً: “انخرطت في معترك العمل فور تخرجي بعدما تلقيت التوجيه والتدريب اللازمين”. ويعمل جيرار في إحدى الشركات الخاصة بتصنيع ماكينات الإنتاج، ويُشجّع الشباب على الإلتحاق بالقطاع المهني الذي يكفل لهم فرصة عمل مستدامة وعيش كريم.

بلغ معدل البطالة في صفوف الشباب، وفق تقرير البنك الدولي للعام 2013، نسبة 34%، في حين تحتاج سوق العمل إلى يدّ عاملة كفيّة ومتخصصة في القطاع الصناعي، ذلك أن المؤسسات الصناعية في لبنان تعاني نقصاً في أعداد الفنيّين والمهنيين، علماً أن هذه المؤسسات هي الأكثر قدرة على توفير فرص عمل مستدامة لهم.
هذا الواقع المؤلم المستمر منذ سنوات، جعل المعهد “الأوروبي للتعاون والتنمية” IECD وشركة “شنايدر الكتريك” يطلقان العام 2007 مشروع “بذور الرجاء”، بهدف تعزيز الإندماج المهني للشباب وإتاحة الفرص لهم للحصول على مهنة تليق بكفاياتهم ورؤيتهم للمستقبل، كما يقول الخبير التقني في “بذور الرجاء” دافيد الشباب في مقابلة مع “النهار”.
إذا كان هذا هو الهدف الرئيس للمشروع، فماذا عن مراحل تطبيقه؟ يجيب: “بما أن الهندسة الكهربائية مهنة تحمل فرص عمل عديدة، استحدثت شهادة متخصصة في منهاج البكالوريا الإلكتروتكنيك إستجابة لهذه الحاجات لدى المؤسسات، وحلًّا مستداما لها، بعد دراسات ومشاورات مع الخبراء في هذا المجال”.
ويشدّد هذا التخصص الحديث، وفق الشباب، على الممارسة العملية خلال مدة التعليم، والإرتكاز على المقاربة المبنيّة على الكفايات، ويسمح للطلاب باكتساب المعرفة والخبرة التي يطلبها أصحاب العمل. ويوضح أن الطلاب يتعلّمون في ظروف عمليّة وواقعيّة بفضل التجهيزات التي قدمتها المؤسسات الشريكة في هذا المشروع.
ووفق إحصاءات جمعية الصناعيين اللبنانيين 2014، ودراسة وزارة الصناعة القطاع الصناعي في لبنان العام 2007، يقول الشبان، هناك أكثر من 10 آلاف فرصة عمل في القطاع الصناعي، وأكثر من أربعة آلاف شركة تقدم الخدمات في القطاع المذكور.
وفيما تفتقر سوق العمل في لبنان الى تقنيين ذوي كفاية بسبب توجّه التلامذة الى الدراسة الأكاديمية، يؤكد الشباب أن نسبة عالية من متخرجي الجامعات الأكاديمية عاطلين عن العمل، “وهذا ما يبرهن على وجود أزمة في العلاقة بين الطلاب اللبنانيين والمعاهد الفنية بسبب غياب التوعية على أهميّة الخيار المهني”.
وقد بدأ العمل في هذا المشروع مع ثلاث مدارس مهنية من القطاع الخاص، إلى أن وصل اليوم إلى 12 معهداً فنياً ومدرسة مهنية في مختلف المناطق اللبنانية.
ويذكر الشباب أن التمويل جاء من الوكالة الفرنسية للتنمية بالتعاون مع وزارتي التربية والصناعة، وبالشركة مع المديرية العامة للتعليم المهني والتقني من خلال مدارس الـIPNET، لتدريب الأساتذة.
من هنا، يلاحظ الشباب أن “بذور الرجاء” تطوّر في شكل ملحوظ مما وجد علاقة وثيقة بين سوق العمل والمدارس المهنية، من خلال تدريب الأساتذة على التقنيات الحديثة داخل المصانع، وكذلك تدريب ملزم للطلاب في الشركات، “لا سيّما وأن التدريبات تتمحور بين العمل في مجال الأبنية من تمديدات وإنارة، والتصنيع داخل المصانع من جهة، إلى التركيب والتشغيل وصيانة الماكينات من جهة أخرى”.
وتؤكد أرقام IECD أن حوالى 54 طالباً تخرجوا العام 2013 من ثلاث مهنيات من القطاع الخاص، وتقدر أن نسبة 14% من متخرجي البكالوريا الفنية انخرطوا في سوق العمل خلال سنة من دون تدريب، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 55% بعد تدريب المتخرجين في الشركات. أما بعد سنة على التخرج بشهادة بكالوريا الكتروتكنيك مع توجيه، فيدخل سوق العمل نسبة 83%.
والمهم في هذا المشروع في رأي الشباب، هو التعاون مع مدارس فرنسية بهدف تحفيز الأساتذة اللبنانيين والفرنسيين على مشاركة الطرفين خبراتهم وتطوير مهاراتهم.

النهار

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …