البداوة والسياسة

مواقف وسياسة المملكة الأكبر لا تنعكس حصرا عليها وعلى المواطنين داخل أرضها بل تتعداها لتطال كل أبناء الأمة العربية، وذلك لعدة أسباب نذكر منها،

المساحة الجغرافية والإرث التاريخي العربي والإسلامي الذي يجعل الأمة بكاملها مرتبطة إرتباطاً عضويا بهذه الدولة.

المخزون النفطي الهائل والثروة الناتجة عنه والقدرة الإقتصادية العارمة التي تجعل إقتصاد العالم مرتبطا بها.

إذا نحن أمام لاعب إقليمي ودولي بالغ الأهمية ولتقييم دوره سلبا او إيجاباً لا بد من النظر الى العقل والسياسة التي تتحكم به.

منذ نشوء هذا الكيان، كانت له عدة خصائص أدت إلى قيام ما نحن أمامه. هي بقعة من الأرض يحرم على الأجنبي الوقوف عليها في وقت أن هذه الأرض تشكل شريانا حيويا لهذا الأجنبي الذي تمثل في يوم من الأيام بالمحتل البريطاني والذي يتمثل اليوم بالأوروبيين والأمريكيين.

لزمن طويل سارت الأمور بسلاسة مع هذا النظام. عائلة مالكة تعيش الرخاء وتسيطر بالحديد والنار والمال. أغلبية من الشعب تعيش الرخاء ًوالغرب حاصل على مميزاته دون عناء.

أما وقد ضعف الإقتصاد العالمي وحتى في المملكة وقامت الأزمات والحروب في الإقليم ولم يعد المال أداة فعالة في حل الأزمات، خاصة وأن وفرة المال في النزاعات تؤدي إلى مزيد من القتل ومزيد من الحرائق ومزيد من الفعل ورد الفعل، فلقد باتت هناك حاجة ملحة للعقل والسياسة وهذا ما فشلت فيه مملكتنا الأكبر.

الفشل المدوي ظهر جليا مع آخر منعطفات الأزمة السورية. لقد جرب العالم بأسره كسر النظام ففشل. الغرب البراغماتي فهم الموضوع فقرر التكيف مع الحلف القائم من موسكو فطهران إلى دمشق. فأعطى الضوء الأخضر لجينيف ٢. وهو يحضر الآن لكيفية الخروج بمكتسبات الحل السياسي.

أما المملكة والتي لا زالت تحكم بعقلية البداوة والثأر الشخصي فتقف اليوم شبه وحيدة على قارعة الطريق. فلا هي تفقه ما يقوم به الغرب ولا هي قادرة على التحرك منفردة لأخذ ثأرها لذلك نراها منزوية عن أي دور فاعل أو مؤثر.

المملكة التي تعيش كهولة الحاكم والحكم تترنح على عتبة التغيير القادم حتما.هو التغيير الذي سيقرر العمر ومداه موعدا له. هو التغيير الذي لن يترك لأهل المملكة وحدهم إخراج فصوله بل سنرى كل اللاعبين الدوليين الذين لعبوا على مسارح التغيير في مختلف الدول العربية، سنراهم كلهم ينقضون على مسرح التغيير في المملكة.

وكما خبرنا التغيير واستراتيجيات الغرب في الفوضى المسمات خلاقة، فهل يكون التغيير هناك هادئا أم خلاقا أيضاً؟

فلننتظر غداً هو لناظره أكثر من قريب…

قرأها نضال.

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …