بعد انتهاء الفلاحين قديما من جمع القمح وفصل الحب عن القش يوضب في اكياس من الخيش القديمة ليعرض في سوق الخميس حيث يتهافت الناس على شرائه خلال فترة جمع المونة تمهيدا لسلقه في الخلقينة بعد استيفائه لبعض الاجراءات.ويتقاطر الفلاحون بعد ذلك من كافة قرى القضاء سيرا على الاقدام وهم يسوقون الحمير التي تنقل الغلال الى ببور الحاج نجيب في الساحة القديمة الذي بدا لكثرة الزحام وكأنه تحول الى مركز للتجنيد الإجباري.
افتراش الارض من قبل البعض في هذه الحالة اصبح امرا واقعا لا محالة بانتظار ان تشملهم الرحمة في ظل هذه الزحمة الخانقة.
وافضلية الدخول ليست حسب الاحرف الابجدية وانما بحسب الاقدمية نظرا لتهافت الفلاحين الى الببور قبل طلوع الفجر وان كانت تظهر بعض حالات الخرق والشذوذ عن القاعدة من قبل بعض الوجهاء الذين تحتم الاداب مراعاة مكانتهم الاجتماعية واستثنائهم من الانتظار.
ووضع حبة القمح في الخدمة والاستهلاك لا يمكن ان تحصل دون مرورها الى ببور الحاج نجيب الذي ذاع صيته في ذلك الوقت لوضع اللمسات الاخيرة عليها من طحن وجرش وفرز بوسائل بدائية ولكنها كانت تفي بالحاجة قدر المستطاع.
انها اللقمة التي جبلت بالعرق في زمن المعاناة والفقر ولكنها بالتاكيد اطيب واشهى بكثير من وجبات المطاعم الحديثة.
الأستاذ منذر حمود
بنت جبيل