إستثنائيا، فارس خشّان – وانتصر السيد حسن

الليلة حرّك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أخطر الأحجار على رقعة الشطرنج السياسي اللبناني.

الليلة قال نصرالله مبتسما، قبل أن يغادر الكاميرا، لقادة ما كان يسمى ب14 آذار: كش ملك.

غادر الكاميرا معلنا الإنتصار، وهو على يقين بأن الملك قد سقط.

لا أغالطه. اللعبة تكاد تنتهي فعلا بانتصاره.

لم يترك أحدا من اللاعبين في وجهه إلا وأفهمه- بسخرية المنتصر- أنه قد أسقط في فخه. فعلها مع سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع، في آن.

نحن كمواطنين، كنّا في صلب الدينامية التي صنعت 14 آذار-من دون أن نكون منساقين وراء أي خيار حزبي بصفتنا غير حزبيين-سبق وأدركنا ان الطريق الذي يسلكه قادة ما يسمى 14 آذار ستقود الى تكريس الهزيمة.

ولكن، كنا نعتقد-ولو بشيء من البلاهة-بأن التراجع قد يثمر خلاصا مرحليا للبلاد من الفراغ، ومن دون إهانات، ومن دون تعال، ومن دون استكبار.

وظهر أنه حتى هذا الطموح المتواضع، كان وهما.

نصرالله المنتشي بانتصاره وبوظيفته الإقليمية القتالية، يريد ربحا صافيا له وهزيمة صافية للفريق الآخر.

يريد أن يخرج من المعركة الرئاسية بلا أي ضرر، في حين يريد للفريق الآخر أن يتحطم إلى الأبد. باع العماد ميشال عون التعطيل حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وباع النائب سليمان فرنجية الحياد في المعركة الرئاسية.

هو بإمكانه أن يفعل ذلك، فهو غير مستعجل مطلقا. الفراغ لا يضيره بشيء بل على العكس، حقق له انتصارات وسوف يحقق له المزيد.

في هذا الوقت، أظهر الفريق الآخر، أن الفراغ عدوه ويخسره كل شيء، ولا يستطيع، لأسباب سياسية خاصة وربما لأسباب إقليمية قاسية، أن يتوحّد حتى في الخسارة. فهذا لا يمكنه أن يسير بفرنجية وذاك لا يستطيع السير بعون.

يستطيع من يريد أن يشتم نصرالله وأن يرد عليه بحجج مناقضة، ولكن ذلك لن ينفع، فالرجل لا يأبه ب”ناس إذا لم يهاجموه أصيبوا بالبطالة، لأنه لا عمل لهم، فهم لا يخوضون غمار الحروب الإقليمية كما يفعل هو.”

أنا واثق بأن العباقرة السياسيين في ما كان يسمى بفريق 14 آذار سيتخمون فضاءنا بالردود على نصرالله، ولكنني واثق أكثر بأنهم في ما سيفعلون سيزيدون جراح الإهانة لما تبقى لهم من جمهور.

بصدق، لو صحّ أن هناك أهدافا يلتقي عليها قادة 14 آذار، لصمتوا وبدأوا يجهزون اجتماعا تاريخيا، هدفه حماية “الملك”، واتخاذ خطوة من شأنها أن تحول انتصار نصرالله الى وهم.

خطوة تهدف إلى سحب ترشيحي سليمان فرنجية وميشال عون، مع إبقاء الإيجابيات من التفاهم معهما، وتحميل مسؤولية التراجع عن “الإيجابيات” إلى نصرالله وتوجهه الإستعلائي.

فلا سمير جعجع يمكنه أن يغطي باستمراره ترشيح عون تعطيل المجلس النيابي حتى يرضخ من يقول إن أهدافا مشتركة تجمعه بهم، ولا سعد الحريري يفترض أن يحوّل ترشيح سليمان فرنجية إلى خطوة لتبرير إطالة أمد الفراغ، أي إلى ما يتناقض مع أسبابه الموجبة لنتائج اجتماعَي باريس مع فرنجية.

وهذه الخطوة لا تكمن قيمتها في السياسة فقط، بل تعيد إلى جمهور 14 آذار المحبط بعضا من انتعاش معنوي هو بحاجة إليها، والصراع المفتوح الذي بات واضحا في نهج نصرالله، يحتاج إلى توافرها.

وإذا لم يحصل ذلك- وأرجّح أنه لن يحصل- فلا تعتبوا علينا، إن وحّدنا لساننا مع لسان نصرالله وقلنا لكم: كش ملك!

……فارس خشان

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …