المصدر: “النهار”
فيفيان عقيقي
25 أيلول 2015 الساعة 11:23
عندما دخلت المعاينة الميكانيّكيّة حيّز التنفيذ مطلع عام 2004، صنّفت في إطار برنامج الإصلاح الإداري، واعتبرت من الخطوات المتطوّرة والحضاريّة التي تسري وفق المعايير الدوليّة لسلامة السير والسيّارات والمركبات والآليات. وعندما صدر قانون إلزاميّة المعاينة الميكانيكيّة بعد تأجيل استمرّ ست سنوات، وبعد أن رسا مشروع التلزيم على شركة VAL السعوديّة، توجّس اللبنانيون خيراً، لا أخطار بعد اليوم على السلامة المروريّة العامّة.
كان ذلك قبل أن تنتشر دكاكين تمتهن تصليح الأعطال الميكانيكيّة التي تصيب المركبات، في محيط مراكز المعاينة، تبتزّ المواطنين ولا من رقيب ولا حسيب. تفتح أبوابها صباحاً وتغلقها مع إقفال أبواب المركز، تفرض أسعاراً خياليّة من دون رقابة أحد، تهوّل على المواطنين وتفرض شروطها.
المعاينة كادت أن تقتلني
توجّه شربل إلى مركز المعاينة الميكانيّكيّة في الحدت منذ شهر، دفع الرسم المتوجب عليه وانتظر دوره لإخضاع سيّارته للمعاينة الإلزاميّة. دقائق وصدرت النتيجة، لقد رسبت السيّارة بسبب المكابح. توجّه شربل إلى خارج المركز لإصلاحها لدى أحد الكراجات المنتشرة. ويقول لـ”النهار”: “نصحني العامل في المركز بالتوجّه إلى الخارج لإصلاح المكابح كي لا أضطر للعودة مجدّداً وانتظار دوري. في الخارج، الكراجات كثيرة، وهناك دائماً من يعرض خدماته. فاستعنت بأحدهم، أصلح المكابح، وأخذ مني مئتين وخمسين دولاراً أميركياً. عدت إلى الداخل لإعادة المعاينة فنجحت السيّارة”.
لم يتوقع شربل أن يتعرّض لحادث سير في اليوم التالي، ويتابع: “لقد نجحت السيّارة في المعاينة بعدما أصلحت المكابح، لم أفكّر للحظة بأنني سأتعرّض لحادث سير في اليوم التالي، باعتبار أن السيارة باتت صالحة للسير”. ويضيف: “كنت على أوتوستراد الدورة في وقت متأخر، حاولت تخفيف السرعة لتدارك السيّارات أمامي، لكن المكابح تعطّلت لم وتتوقف السيّارة في اللحظة المناسبة. أصبت برضوض في جسمي ووجهي وتحطّمت واجهة السيّارة،. الغريب أن المكابح التي أصلحتها قبل يوم كانت السبب في الحادث الذي تعرّضت له. رأيت الموت أمام عيني، ولولا العناية الإلهيّة لكنت مت”.
شكاوى سمسرة وابتزاز
إلى ذلك، تقول مصادر هيئة إدارة السير والآليات والمركبات في لبنان لـ”النهار” إن الرقابة على الكراجات المنتشرة في أرجاء مراكز المعاينة تقع على عاتق المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي. وتضيف: “يصل عدد كبير من الشكاوى إلى الهيئة، فتحال على شكل مراسلات إلى وزير الداخليّة، والمديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي، والمحافظين، تُشرح فيها الحالات والأوضاع والمخالفات والسمسارات التي يرتكبها أصحاب الكاراجات وعمليّات الابتزاز التي يقومون بها، ويطلب من خلالها بمراقبة هذه المحلات وإقفالها إذا دعت الحاجة”.
وتتابع المصادر نفسها: “يقتصر دور الهيئة على تلقي الشكاوى، وأخذ علم وخبر بها، وإرسالها إلى الجهات المعنيّة لاتخاذ التدابير اللازمة التي تحدّ من التجاوزات. وأغلب المراسلات شدّدت على ضرورة تعزيز نقطة لقوى الأمن الداخلي في محيط المراكز، ومراقبة الكاراجات غير المرخّصة وعملها، ومنع عمليّات الابتزاز، ونتيجة لهذه المتابعة لقد خفّت الشكاوى تدريجاً”.
إجراءات الأمر الواقع… بانتظار الإصلاح الجذري
وعن الإجراءات التي تتخذها القوى الأمنيّة في محيط المراكز، تقول مصادر داخل المديريّة لـ”النهار”: “الكاراجات المنتشرة قانونيّة ومرخّصة من المحافظين. وصل إلى المديريّة مجموعة من الشكاوى، وفتحت تحقيقات فيها، وغالباً ما تكون الإشكالات بين المواطنين وأصحاب هذه الكاراجات والعاملين فيها، وهو ما يسلتزم وعي المواطن ومراقبة أي عمل يجرونه على المركبة، وحذره منها كي لا يقع ضحيّتها”.
ويضيف: “هناك دوريّات تسيّر في محيط المراكز وهي مسؤولة عن أمنها وسلامة المواطنين، يُلجأ إليها لحلّ وفضّ أي إشكال. ولكن تبقى الرقابة المباشرة على هذه الكاراجات من اختصاص السلطة الإدرايّة، وتنضوي تحت راية الإصلاح الإداري، ومراقبة العمل وتحديد الأسعار وفرض الشروط”.
كما العادة، تترامي المسؤوليات من مؤسّسة إلى أخرى، فيتمدّد الفساد وتبقى حياة المواطن في أسفل سلم الاهتمامات.