أيغتالونه وكان يسلمهم أمنه الشخصي!؟

صفحات جديدة ونوعية من علاقة الرئيس رفيق الحريري بـ «حزب الله» وأمينه العام السيد حسن نصرالله، كشف عنها، أمس، شاهد الادعاء لدى المحكمة الخاصة بلبنان الزميل مصطفى ناصر، وذلك في شهادته المباشرة، لليوم الثاني على التوالي، أمام غرفة الدرجة الأولى، في لاهاي، بصفته مستشارا سياسيا للرئيس الشهيد الحريري، وخصوصا ملف العلاقة بينه وبين «حزب الله».
وأظهرت شهادة ناصر منسوب الثقة بين الحريري ونصرالله «وتطورها الدائم»، خصوصا في الأشهر التي سبقت جريمة 14 شباط 2005، وأبرزت دور الحريري وتوظيفه علاقاته الدولية في سبيل «حماية لبنان والمقاومة»، كما بيّنت دور نصرالله في السعي لدى الجانب السوري لتسهيل قيام محكمة عربية بناء لطلب آل الحريري قبل أن تعدل العائلة عن رأيها وتطالب بمحكمة دولية.
ونفى الشاهد في معرض رده على أسئلة محامي الدفاع أنطوان قرقماز أن يكون الرئيس الحريري قد أبلغه عن اكتشاف محاولات لاغتياله من قبل «حزب الله»، وقال رداً على سؤال للمحامي المصري ياسر حسن: لم يبلغني الحريري بذلك، ولكنني أسأل كيف يعقل ذلك في وقت كان الرئيس الحريري يذهب إلى الضاحية بمفرده ومن دون مواكبة أمنية ليلتقي السيد نصرالله وهو بحماية أمنية كاملة من «حزب الله». وعقب رداً على سؤال للقاضي دايفيد راي: «لو حصل ذلك فعلاً (اكتشاف محاولة اغتيال كما أورد الرئيس فؤاد السنيورة)، كنت لأتوقع أن يخبرني بذلك».
ومن المؤشرات على تطور إيجابي ما في علاقة الحريري بالجانب السوري قبيل استشهاده، نقل الشاهد عن الرئيس الحريري قوله للسيد نصرالله: «أنقل للرئيس الأسد أنه حتى ولو حصلت على 100 نائب من أصل 128، أي الأغلبية المطلقة، في الانتخابات النيابية المقبلة، فأنا لن أكون رئيساً للوزراء إلا إذا طلب مني ذلك الرئيس الأسد».
وقد حاول المحامي حسن إبراز السجل الإجرامي لإسرائيل في لبنان، وأضاء على ظروف اغتيال الوزير إيلي حبيقة قبل يومين من مثوله أمام محكمة دولية ـ بلجيكية للشهادة في قضية صبرا وشاتيلا نظرا للخطر الذي كانت ستمثله هذه الشهادة على مصالح إسرائيل وخصوصا المتهم بتنفيذ الجريمة أرييل شارون، ثم أعقب حسن عرضه هذا بسؤال الشاهد عن رؤية الرئيس الحريري وتفسيره الخاص للقرار 1559 وسبل تنفيذه وما إذا كان ذلك يمثل تهديداً لمصالح إسرائيل خصوصا وأنه يريد شرعنة المقاومة، فأجاب الشاهد: «نعم»، نافياً أن يكون لـ «حزب الله» تاريخ في الاغتيال السياسي.
وأوضح ناصر أن الحاج حسين الخليل توجه إلى دمشق لترتيب زيارة الرئيس الحريري ولقائه الرئيس بشار الأسد قبل يومين من استشهاد الحريري.
ورأى ناصر، رداً على سؤال، أن الحريري كان يتواصل مع لقاء البريستول لأنه كان يعتبر نفسه مسؤولاً عن البلد، ومن مصلحته أن يكون على تواصل مع كافة الفرقاء وضمناً، الجانب السوري و «حزب الله» وآخرين.
وعما إذا كانت علاقته مع «جماعة البريستول» باردة، أوضح ناصر: كانت عادية، وكان لديه ممثلون في لقاء البريستول، لكن آراء البريستول، حسب ما أعلم، لم تكن تمثل توجهات الحريري.
وعرض الشاهد لتفاصيل زيارة نصرالله إلى قريطم بعد ثلاثة أيام من جريمة 14 شباط، وقال انها كانت أول زيارة لـ «السيد» إلى قريطم، وكانت حميمة وسأل خلالها العائلة عن كيفية تقديم المساعدة لها لكشف حقيقة جريمة الاغتيال، فتمنت العائلة مجتمعة من نصرالله المساعدة في إنشاء محكمة عربية بقيادة قضاة سعوديين وقد وافق نصرالله وذهب في اليوم التالي إلى سوريا والتقى الرئيس الأسد الذي أبدى موافقته على الاقتراح ووعد بتقديم كل مساعدة وتسهيلات، أضاف ناصر: «غادرتُ على متن أول طائرة إلى الرياض وأبلغت بهاء وسعد الحريري الجواب الحرفي (كنت كتبته خطيا) للأسد، وعندما انتهيت، قالا لي: «نحن الآن نريد محكمة دولية، فأجبتهما: هذا ما أحمله إليكم، وسأنقل جوابكما بهذا الخصوص».
وكشف ناصر عن «تسجيل صوتي للقاء الرئيس الحريري مع وزير الداخلية الياس المر وفيه يقول الأخير إن من يقف خلف قرار إطلاق النار على تظاهرة جسر المطار في ايلول 1993 هو قائد الجيش آنذاك العماد إميل لحود، وقال الشاهد: طلب مني الرئيس الحريري، ومن باب الحرص على توضيح الحقيقة لقيادة «حزب الله»، أن أنقل هذا التسجيل (على قرص مدمج) للسيد نصرالله، وقد سلمني التسجيل النائب الصديق باسم السبع، وقد راجعت لاحقاً السيد نصرالله، وسألته عما إذا استمع إلى التسجيل فأجابني، «نعم وقد أجرينا تحقيقاتنا وتبيّن أن قائد الجيش لا دخل له بالموضوع».
واللافت للانتباه في رواية ناصر أن النائب السبع كان قد نفى أمام غرفة الدرجة الأولى أثناء إدلائه بشهادته علمه بوجود تسجيلات صوتية لزوار قريطم!
ورداً على سؤال للمحامي حسن، أعرب الشاهد عن اعتقاده بأن «حزب الله» كان يعمل ضمن القوانين اللبنانية وإلا لما كان له الحق أن يترشح إلى المجلس النيابي، وأضاف رداً على سؤال للقاضية جانيت نوسوورثي عما إذا كان «حزب الله» قد عمل يوماً خارج نطاق القانون في لبنان: «لا أذكر أنه عمل خارج القانون». وأكد أن الحريري كان يؤيد تحرير كامل الأراضي اللبنانية المحتلة.
وتحدث الشاهد عن اللقاء الأول بين نصرالله والحريري قبل أيام من تسلم الأخير لحكومته الأولى، فأشار إلى أن نصرالله أنهى اللقاء الودي والطويل بقوله: «نحن «حزب الله» مقاومة لرفع ذل الاحتلال عن المواطنين في الجنوب وأنت مقاومة لرفع ذل الحرب والحاجة عن اللبنانيين»، وأضاف: «إذا اتفقنا سينتعش البلد ويتكامل عمل المقاومة خاصتنا وخاصتك وإذا اختلفنا سينعكس ذلك سلباً على البلد».
واعتبر ناصر «أن السيد حسن جبل بمنظار الحريري وأن الرئيس الحريري جبل بنظر السيد حسن والتعاون بينهما كان لمصلحة البلد».
وقال ناصر رداً على سؤال للقاضية ميشلين بريدي «ليس من إمكان لعمل سياسي في لبنان بدون التعاون بين الطرفين… ونرى الآن أهمية الحوار بين الطرفين الذي يجري في عين التينة عند رئيس المجلس النيابي نبيه بري».
وذكّر الشاهد «بآثار التعاون بينهما في حرب نيسان 1996 وما جرى لاحقاً حيث شُرعنت المقاومة دولياً بجهود الرئيس الحريري شخصياً».
وأعاد القاضي وليد العاكوم طرح موقف نصرالله ووصفه الحريري بالفاسد والأميركي، وطلب تفسير الشاهد لذلك، فرد باعادة تثبيت شهادته في اليوم الأول، مضيفا أن الحريري «قال خلال لقاء جمعه بمحمد حسنين هيكل إن ثلث حكومتي فاسد وثلث حكومتي لصوص وثلث حكومتي تيوس، مع الأسف، والباقي جيد معي». ورد ناصر ذلك إلى طبيعة النظام الطائفي في لبنان.
ولفت ناصر الانتباه إلى أن الرئيس الحريري السني والسيد حسن الشيعي يستشعران خطورة ما هو قادم من العراق على لبنان (بعد 2003)، وأن تعاونهما يحتاج إلى وضوح، وأول الوضوح تحاشي الفساد وتحاشي تنفيذ القرار 1559، كما فهمه «حزب الله».
ورداً على سؤال للقاضي نيكولا لتييري عن «ضم صفوف «حزب الله» إلى الجيش»، قال ناصر: «هذا مستحيل لأسباب لوجستية وحتى لا تتحمل الدولة تبعات عمل المقاومة. يمكن ترسيم صورة للمقاومة ضمن الدولة اللبنانية وفق تجربة الوضع السعودي الذي لديه جيش نظامي وحرس وطني (على طريقة المقاومة في لبنان)».
وكشف ناصر عن مؤشر بالغ الدلالة على مستوى علاقة الحريري بـ «حزب الله»، وأوضح أنه «قبل استشهاده بأيام قليلة جداً، ربما السبت، كلفني أن أنقل للسيد حسن، أن الرئيس جاك شيراك سيمنع وضع اسم «حزب الله» نهار الثلاثاء (بعد استشهاده بيوم)، على لائحة الإرهاب في بروكسل (الاتحاد الأوروبي)، وقد بلّغت السيد حسن بذلك، وإذا عدتم إلى أرشيف الاتحاد الأوروبي ستجدون أن «حزب الله» لم يوضع على لائحة الإرهاب».
وتحدث ناصر عن دور الرئيس الحريري في إلغاء اتفاقية 17 أيار، وأبرز ما قاله الحريري في مؤتمر عقد في المغرب: «لقد رضينا أن نأخذ من فلسطين 22% من الأرض الفلسطينية، وتنازلنا بمبادرات السلام العربية عن 80% تقريباً… إن الاحتلال الإسرائيلي يؤدي إلى قيام مقاومة، إن كان في لبنان أو فلسطين أو غيره… حلوا مشكلة فلسطين واعطونا السلام ولن تروا مقاومة أو سلاح أو ما شابه».
ولم يستبعد ناصر أن يكون الحريري قد نقل أجواء اجتماعاته بالسيد نصرالله للسيدة نازك الحريري، وقال انه في احدى المرات عاد معه الى قصر قريطم كما جرت العادة، وتناولا العشاء سوية بحضور نازك الحريري وروى أمامها بعض ما جرى في اللقاء مع «السيد».
ولفت ناصر إلى تأثر الحريري باستشهاد نجل نصرالله (هادي)، في العام 1997، برغم أن نصرالله كان يرفض التمييز بين جثمان نجله وجثامين باقي الشهداء، إلا أن الرئيس الحريري كان يعطي تعليماته لمستشاره المكلف بملف استعادة الجثث من الاحتلال الإسرائيلي، بأن الجثة الأولى التي يجب أن تسلم هي جثة الشهيد هادي حسن نصرالله.
ومن المقرر أن تتابع فرق الدفاع استجواب ناصر يوم الأربعاء المقبل عبر نظام المؤتمرات المتلفزة من مكاتب المحكمة في المونتيفردي.

المصدر: السفير

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …